نقلا عن المصرى اليوم 27/10/07 لو صدقنا الأنباء التي نشرتها بعض الصحف في الأسبوع الماضي، نقلاً عن الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان بعدد من الجماعات المصرية، فقد تعرض هؤلاء الطلاب لعدوان بشع بالسنج والمطاوي وزجاجات المولوتوف، شنته عليهم فرق كاراتيه تنتمي لقوات الأمن وترتدي ملابس مدنية، لمجرد أنهم خرجوا يتظاهرون - داخل حرم الجامعات - احتجاجاً علي شطب مرشحيهم في انتخابات اتحاد الطلاب. ولو صدقنا التصريحات التي أدلي بها د. علي عبدالرحمن، رئيس جامعة القاهرة، ود. أحمد زكي بدر - رئيس جامعة عين شمس، التي شهدت أعنف هذه المواجهات يوم الأربعاء الماضي - فإن طلاب الإخوان هم الذين اعتدوا علي زملائهم من الطلاب، وهم الذين استخدموا السنج والمطاوي ووضعوا العصابات السوداء علي جباههم - تشبهاً بمناضلي حركة حماس - لإثارة الشغب، دون وجه حق، إذ لا يوجد شيء اسمه الشطب في الانتخابات الطلابية ولكن هناك لجنة تضم أساتذة وطلاباً من الجامعة تفحص أوراق المتقدمين للترشيح للتثبت من انطباق شروطه علي كل منهم، طبقاً لما تنص عليه لائحة الجامعات، وأن السبب الوحيد لعدم قبول طلبات ترشيح بعض الطلاب من الإخوان وغيرهم، هو عدم انطباق بعض هذه الشروط أو كلها، ولا سبب غيره! والأمر يحتاج إلي بيان موثق من الطرفين تحدد فيه الجامعات أسماء الطلبة الذين استبعدوا وأسباب الاستبعاد ويحدد فيه طلاب الإخوان أسماء الذين استبعدوا منهم ويؤكد أن شروط الترشيح تنطبق عليهم.. وربما يحتاج إلي تعديل في لائحة الجامعة، يعطي لمن تستبعده لجنة فحص الترشيحات الحق في التظلم أمام جهة أخري تبت في التظلم قبل إعلان أسماء المرشحين بشكل نهائي وقبل إجراء الانتخابات. أما الذي آن الأوان لكي ندير حواراً وطنياً حوله، وننتهي إلي مشترك وطني بشأنه فهو الموقف من النشاط الحزبي داخل الجامعات وهو محظور بمقتضي قانون الجامعات وقانون الأحزاب علي الرغم من الدور المهم الذي لعبه الطلاب في تاريخ الحركة الوطنية الديمقراطية منذ الثورة العرابية وحتي أزمة مارس 1954 ثم تجدد بعد ذلك أواخر الستينيات وسبعينيات القرن الماضي وكانت الحركة الطلابية خلال تلك الفترة كلها تنطلق من الاتجاه العام الذي يتواءم مع رسالة الجامعة في دفع المسيرة الوطنية نحو مزيد من التقدم، بالحرية والعقل والعلم، إلي أن عادت خلال السنوات الأخيرة، ولكن في اتجاه مختلف تماماً. مصدر المشكلة الحالية في الجامعات، هو تصاعد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين بين طلابها وانحسار نفوذ القوي والأحزاب السياسية المدنية وفي مقدمتها الحزب الحاكم وهي ظاهرة بدأت منذ السبعينيات، حين تحالفت معهم إدارة الرئيس السادات وزودتهم بالعصي والنبابيت والبونيات الحديدية لمواجهة نفوذ الجماعات اليسارية المعارضة لسياساته لينتهي الأمر بإخلاء الساحة الجامعية لهم خلال الثمانينيات والتسعينيات ليبرطعوا فيها علي الرغم من أنهم أقلية اعتماداً علي قدرتهم التنظيمية الفائقة. ومشكلة طلاب الإخوان المسلمين في الجامعات أنهم لا يتصرفون باعتبارهم جماعة طلابية حتي لو كانت حزبية ولكنهم ينطلقون من أنهم جماعة دينية تقوم بدور رسولي وتطبق ما تري أنه شرع الله علي طلاب الجامعات، لذلك تركز نشاطها - فضلاً عن المشروعات الخدمية التي ينظمونها للطلاب استجلاباً لأصواتهم في الانتخابات أو تجنيداً لهم في صفوف الجماعة - علي استخدام القوة لفصل الطلبة عن الطالبات في مدرجات الدراسة، ورفع الأذان في أوقات الصلاة أثناء المحاضرات وإرهاب كل من يختلف معهم من الأساتذة وتعطيل الأنشطة الطلابية التي لا تتفق مع ما يعتقدون أنه الشرع كالحفلات الغنائية والرحلات إلي الأماكن التي لا تعجبهم وهو البرنامج الذي ينفذونه حين يحصلون علي أغلبية مقاعد الاتحادات الطلابية. ومشكلة الديمقراطية المصرية هي ذلك الخلل الشائع في وظائف المؤسسات الذي بدأ حتي في العهد الليبرالي بسبب ظروف التطور الخاص في مصر وأمثالها من بلاد المستعمرات وهذا الخلل هو الذي يؤدي إلي التشابك المضر بين سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية وهو الذي يدفع بعض القضاة للاشتغال بالسياسة وهو الذي يحول بعض النقابات المهنية إلي فروع لأحزاب سياسية قائمة أو لاتزال تحت التأسيس في حين تتحول بعض الأحزاب السياسية إلي مقاهٍ أو عيادات لتفسير الأحلام وقراءة الفنجان وضرب الرمل ووشوشة الدكر فضلاً عن الخلط الدائم بين ما هو سياسي وما هو ديني. والمفروض مثلاً أن الاتحادات الطلابية هي جمعيات تمثل الطلبة وتنوب عنهم في تحديد مجالات إنفاق الميزانية المخصصة للأنشطة الطلابية حسب احتياجاتهم وتتعاون مع إدارة الجامعة في حل ما قد ينشأ من مشاكل تعترض دراستهم وبالتالي فهي ليست منظمات سياسية أو حزبية لكن الواقع يقول إن محاولات تحويل هذه الاتحادات إلي منظمات حزبية لم تتوقف يوماً. وإلي أن يأتي الوقت الذي تتطور فيه الديمقراطية المصرية علي نحو تلتزم فيه كل مؤسسة بحدود سلطاتها ووظائفها لماذا لا نرفع الحظر عن العمل الحزبي في الجامعات بحيث يكون متاحاً لكل الأحزاب، ليعرف كل حزب حجمه الحقيقي، ويلتزم حدوده، وننقذ طلاب الجامعات من الذين يفقدونهم كل ثقة في العلم والعقل والحرية؟! وينشدون فيهم نشيد «رجعوا التلامذة يا عم حمزة للسنجة تاني»! المزيد من الاقلام والاراء