لم يشعر المصريون بمختلف فئاتهم وأطيافهم واعمارهم بحالة من القلق والخوف علي وحدتهم الوطنية مثل ما يشعرون الآن وذلك بعد أن استقرت في وجدانهم من قديم الزمن وتوارثها الآباء عن الاجداد مسلمين ومسيحيين منذ آلاف السنين وما تتعرض له الآن من بعض الثقوب في جدارها القوي الصلب نتيجة تصرفات شخصية هنا وهناك. مثل زواج مسيحية بمسلم أومسلم بمسيحية أوتهديد متطرف بهدم كنيسة مما أتاح الفرصة للمخططين لإشعال نار الفتنة بين نسيج الأمة الواحد بدعوي الدفاع عن دور العبادة وغيرها من الاحداث الشخصية الأخري التي من المفروض ألاتخرج عن دائرة اصحابها وعائلاتهم والمتهمين باشعالها دون وعي من جانبهم لاستغلال بعض الذين في قلوبهم مرض لتأجيجها فيما يشبه المؤامرة علي مصر وزعزعة استقرارها بعد أن اصبحت علي مر السنين مثلا تحتذي به كثير من شعوب العالم في ترسيخ التعايش السلمي لأبنائها وزرع أواصر الود والمحبة والتآلف بين أجيالها المتعاقبة, حيث يعيش المصريون مسلمين ومسيحيين شركاء في حياتهم يأكلون ويشربون معا, ويزرعون ويحصدون معا, ويتلقون في طفولتهم وشبابهم دروس العلم معا, ويقفون وقفة رجل واحد عندما يتعرض وطنهم لأي خطر قادم يدفعون ارواحهم في الدفاع من أجله, ويرفعون معا شعار وحدة هلالهم مع صليبهم كما حدث في ثورة91 في عقر دار الأزهر الشريف خلف رعيم ثورتهم سعد زغلول, ويحملون السلاح معا في خندق واحد المسلم بجوار المسيحي كما حدث في حرب أكتوبر, واستطيع أن أعرض في هذا المقال بعض مظاهر القلق والخوف التي يشعر بها كل المصريين علي وحدتهم الوطنية في جميع انحاء الوطن في القري والنجوع والكفور والمراكز والبنادر ومحافظاتهم شيوخا وشبابا, رجالا ونساء جراء بعض الثقوب التي حدثت في جدار وحدتهم التي تمثل الروح بالنسبة لجسد الأمة بأسرها وتضامن كبار رجال الدين الاسلامي والمسيحي مع الدولة ممثلة في مجلسها العسكري الأعلي لسد هذه الثقوب من أجل ان تعود وحدتهم إلي سابق عصرها القديم كأعظم وأول وحدة وطنية راسخة عرفتها الانسانية علي النحو التالي: مليونية الجمعة: كانت من أهم مظاهر الحرص علي حماية الوحدة الوطنية والقلق والخوف عليها من مثيري الفتنة, حيث تجمع المسيحيون والمسلمون في ميدان التحرير والميادين الكبري بالمحافظات معلنين تصديهم لاعداء الثورة ومحاولات النيل من وحدتهم بمساندة قوية من المجلس الأعلي للقوات المسلحة وتشديده علي أن الشعب قادر علي وأد الفتنة وان القوات المسلحة هم ابناء الشعب ولا يمكن الوقيعة بين الابن وابيه والاخ واخيه. قداسة البابا شنودة: اتسمت دعوته لابنائه المسيحيين المعتصمين أمام ماسبيرو بالصراحة والوضوح والخوف علي وحدة الأمة والحفاظ عليها وذلك عندما دعاهم لفض اعتصامهم وعودتهم لمنازلهم وأن الامر تجاوز التعبير عن الرأي, مشيرا إلي أن بعض من لهم اسلوب غير اسلوبهم قد اندسوا بينهم وهذا يسيء لمصر ولهم وان صبر الحكام قد نفد وانهم الخاسرون اذا استمروا في هذا الاعتصام. اقباط مصر لا يحميهم سوي مسلمي مصر كان هذا كلام رجل الأعمال نجيب ساويرس للمسيحيين المجتمعين في مؤتمر حزب المصريين الاحرار تحت التأسيس وقوله انه من غير المقبول الاستقواء بأي قوة خارجية واصفا ذلك بالخيانة, ونحن من جانبنا نعرض موقفين مهمين سجلهما التاريخ يؤكد حماية المسلمين لاشقائهم المسيحيين اولهما عندما جاء عمرو بن العاص فاتحا لمصر ووجد بطريارك المسيحيين المصريين هاربا من وجه الرومان ومختفيا عن الأعين فأرسل المنادين لينادوا عليه طالبين منه أن يظهر ويعود لرعاية كنيسته, وثانيهما حدث بعد ثورة91 عندما تزرع المحتلون الانجليز خلال المفاوضات بحماية المسيحيين باعتبارهم اقلية ولكن المسيحيين رفضوا هذا الكلام واعلنوا انهم ليسوا اقلية وهم شركاء لاشقائهم المصريين في الوطن ولدعم هذا التوجه وسد الثقوب في جدار الوحدة الوطنية نطالب بتغليظ العقوبة ضد مثيري الشغب والمحرضين علي الفتنة الطائفية والالتزام بتعليمات المجلس الأعلي للقوات المسلحة مع تواصل لقاءات بيت العائلة برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا شنودة بمشاركة كبار رجال الدين من الجانبين وكبار المفكرين وتوعية شباب المسيحيين والمسلمين في مختلف المحافظات بمخاطر الفتنة الطائفية, ووضع الحلول العاجلة لظاهرة كثرة الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية, خاصة عندما تتجاوز التعبير عن الرأي وتقديم المشاركين فيها للمحاكمة بتهمة تعطيل العمل ووقف عجلة الانتاج والاضرار بالمصلحة العليا للبلاد. * نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية