اختتم مؤتمر "تعارف الحضارات" فعالياته بجلستين الأولى بعنوان "تعارف الحضارات في المجالات المختلفة"، والثانية بعنوان "تعارف الحضارات وتغيير العالم". شارك فيهما نوزاد صواش؛ رئيس القسم العربي في مؤسسة البحوث الأكاديمية والإنترنت في إسطنبول، والدكتور عاصم حفني؛ محاضر في مجال الدراسات الإسلامية والعربية في مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورج في ألمانيا، وسامح فوزي؛ نائب مدير منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية، والدكتور عبد الرحيم بنجادة؛ عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. وتحدث نوزاد صواش، في المؤتمر الذي نظمته مكتبة الأسكندرية بالتعاون مع مركز الحوار في الأزهر الشريف ومركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وبمشاركة أكاديميين ومتخصصين من عدة دول إسلامية، إضافة إلى منظمات مثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو". عن استنفار التعليم والمال في صناعة الإنسان الحضاري وتعارف الحضارات، في ضوء فلسفة المدارس التركية. وألقى الضوء على تجربة التجار في تركيا في دعم تأسيس مدارس راقية في أنحاء العالم، ودور هذه المدارس في تعارف الحضارات وغرس ثقافة التعايش والقاسم الإنساني المشترك. وأوضح أن التجار بدأوا في تأسيس المدارس نتيجة الوعي بأهمية رأس المال وقيمته، ولإيمانهم بأن تكوين مجتمع مدني قوي لا يتم إلا بتوحيد الطاقات وتبني العمل التربوي؛ سواء عن طريق بناء مدارس جديدة، أو دعم المنح الدراسية للطلاب، أو توفير المسكن لطالبي العلم، وغيرها من الوسائل. ولفت إلى أن هذه المدارس ترتكز على القيم الأخلاقية السامية والقاسم الأخلاقي المشترك، لكي تكون بمثابة جزر سلام بين الأفراد. وأضاف أن المدارس وصلت الآن إلى حوالي 2000 مدرسة في 160 دولة، تهدف إلى تشكيل إنسان متفتح، وبناء كفاءة علمية وأخلاقية للطالب، وتعليم اللغات والفنون والرياضة، وزيادة الوعي التاريخي والاجتماعي. وأكد نواز أن المدارس أحدثت تحولاً كبيراً في المجتمع التركي، وفتحت آفاق التعارف لكافة تيارات المجتمع، ولذلك فهي تجربة يمكن الاستفادة منها لبناء المجتمعات والمساهمة في السلام العالمي من خلال التركيز على التعايش والقاسم الإنساني المشترك. وعن المنظومة القيمية وتعارف الحضارات، قال الدكتور عاصم حفني إن لكل حضارة ما يمكن تسميته بالكود القيمي الذي يجب معرفته والإلمام به عند الرغبة في الحوار مع الآخر، بهدف فهمه والتعايش معه والحد من الأحكام المسبقة التي تذكي الكراهية وربما تؤدي إلى الصراع. وأشار إلى أنه هناك مجموعة من العوامل التي تقف حائلاً في سبيل تعارف الحضارات، ومنها التعميم والنظر إلى حضارة ما باعتبارها كتلة واحدة صماء، والسؤال عن الأصل أو الغاية في الأخلاق الذي قد لا يخدم عملية التعارف بين الحضارات، كما أن له غالبا أثراً معوقاً في حوار الحضارات. وأضاف أنه يوجد عوامل أخرى تؤثر على التعارف؛ مثل التباين على مفهوم الانحراف من حضارة إلى أخرى؛ حيث وجدت حضارات تقر قيمًا وأخلاقًا وسلوكيات هي نفسها التي ترفضها وتقبحها حضارات أخرى، بالإضافة إلى قضية اختلاف صورة المرأة في المنظومة القيمية لكل من الحضارة الإسلامية والغربية. وأكد أن التعرف على المنظومة القيمية للآخر واحترامها في إطار تعارف أو حوار الحضارات لا يعني بالضرورة قبول هذه القيم. وشدد على أن التسامح من الأسس الضرورية في حوار الحضارات، ولكن لا يجب أن يفهم التسامح على أنه رخصة يمنحها الأقوى للأضعف بحيث يتيح له ممارسة شعائره الدينية مثلاً في حالة الأغلبية تجاه الأقلية، بل يجب أن يتعدى هذا المعنى إلى معنى الاحترام والندية.