حول دور مصر المحوري في جميع أنشطة منظمة الأممالمتحدة تلك المنظمة الدولية العريقة والقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية كان هذا الحوار مع السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية قبيل سفره إلي نيويورك لرئاسة وفد مصر في الدورة ال62 للجمعية العامة. وفيما يلي نص الحوار: ما هو تقويمكم لما تم من جهود إصلاح الأممالمتحدة حتي الآن علي ضوء مقررات قمة2005 ؟ مصر مازالت تؤمن بأن التعامل مع التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين تقتضي تطوير أداء الأممالمتحدة بما يمكنها من التصدي الفعال لتلك التهديدات وما تفرضه من تحديات ومن هنا تشارك مصر جديا في الحوار حول تعزيز وتفعيل أجهزة الأممالمتحدة بما في ذلك من إصلاح مالي وإداري وإصلاح الموارد البشرية انطلاقا من أملنا في أن يتحلي هذا الحوار بالشمولية والتوازن. طرحت في الأعوام الماضية محاولات إصلاح الأممالمتحدة وأجهزتها الرئيسية لاسيما توسيع مجلس الأمن ليكون أكثر عدالة في تمثيله للدول أعضاء المنظمةالدولية فما هي الرؤية المصرية للإصلاح المنشود؟ موقف مصر الثابت هو أن الجمعية العامة هي الإطار الديمقراطي الأكبر الذي يجمع جميع الدول الأعضاء وهي مالكة حق الرقابة والمراجعة علي عمل جميع أجهزة المنظمة بما في ذلك مجلس الأمنوبرغم الإصلاحات التي جرت بالفعل في العديد من أجهزة الأممالمتحدة فإن الموضوع الذي لم يحقق حتي الآن التقدم المنشود هو إصلاح وتوسيع عضوية مجلس الأمن ليستجيب للمتغيرات الدولية ويصلح من الخطأ التاريخي تجاه القارة الإفريقية التي ليس لها تمثيل بالعضوية الدائمة بالمجلس حتي الآن وعليه تتمسك مصر بمقررات القمة الإفريقية في ازولويني وتدافع عنها بضرورة حصول القارة الإفريقية علي التمثيل الذي تستحقه في مجلس الأمن وذلك علي الرغم من محاولات البعض كسر حدة الموقف الإفريقي ومازالت مصر تأمل في نجاح الجهود الرامية إلي توسيع عضوية مجلس الأمن وإصلاح أساليب عمله بما يضمن زيادة كفاءته وفاعليته وشفافيته وجعله أكثر تمثيلا لجميع الأطراف والثقافات والحضارات. ما هو تقويمكم لدور الأممالمتحدة في بناء السلام في العالم خاصة في إفريقيا؟ نحن نرحب باستمرار مساعي الأممالمتحدة الرامية لدعم الجهود الإقليمية لصنع السلام في إفريقيا, خاصة في السودان والصومال, مقدرة الاهتمام الذي توليه المنظمة لتسوية نزاعات القارة, ومؤكدة ضرورة تحقيق ذلك في إطار التعاون والتنسيق التام بين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والدولة المعنية بالنزاع. كما تري مصر أهمية مراعاة المبادئ الحاكمة لأنشطة الأممالمتحدة في مجال حفظ السلام, المتمثلة في موافقة الدول المعنية قبل الانتشار والحياد والامتناع عن استخدام القوي دفاعا عن النفس. عموما فمن الأهمية بمكان أن يسهم المجتمع الدولي في مواجهة التحديات والمشكلات والنزاعات التي تواجهها القارة الإفريقية, ويبلور رؤي محددة للتعامل معها في اتجاه تحقيق التنمية المستديمة, ومكافحة الفقر, وإنهاء حالة التهميش التي تعانيها إفريقيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا, وتلبية لاحتياجات حفظ وبناء السلام. ما هو نشاط وفد مصر لدي الأممالمتحدة خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بقضايا الأمن الدولي والإقليمي؟ نحن نهتم بالعديد والعديد من القضايا نهتم بدعم الأمن الدولي والإقليمي, وهو دور مستمر وممتد علي مدي العام وينشط خلال أعمال الدورة ونقوم بتقديم مجموعة من القرارات الدولية تعكس مواقفها من الموضوعات ذات الصلة الوثيقة بتحقيق الأمن الدولي والإقليمي, منها القرار الخاص بإنشاء المنطقة الخالية من السلاح النووي, وآخر يلقي الضوء علي المخاطر التي تشكلها القدرات النووية الإسرائيلية, فضلا عن القرارات التي تتقدم بها مصر معا مع دول أخري بشكل مشترك لدعم نظام منع الانتشار, وأشير هنا إلي أن مصر تعمل علي تحقيق التوازن الدقيق بين الجهود المبذولة لدعم نظام منع الانتشار, وتلك الهادفة إلي تحقيق نزع السلاح النووي, فكلاهما وجهان لعملة واحدة, ولا تقبل مصر أن يكون الاهتمام بجهود منع الانتشار علي حساب نزع السلاح, بل لابد أن تتكامل هذه الجهود لدعم الأمن الدولي والإقليمي, ولمعالجة الخلل الأمني الذي تشهده المنطقة, ومصر لا تعمل منفردة في هذا المجال, وإنما بالتنسيق مع الدول الأخري, كما أنها تستثمر علاقاتها وعضويتها في المحافل الدولية والإقليمية, منها عدم الانحياز, والمؤتمر الإسلامي, والاتحاد الإفريقي, وبالطبع الجامعة العربية. كيف ترون دور مصر في مكافحة الإرهاب في إطار الأممالمتحدة, خاصة في ظل عدم اعتماد الاتفاقية الشاملة للإرهاب؟ مصر تشارك بفاعلية في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب, ومن ضمن هذه الجهود استمرار حشد التأييد والدعم الدولي لمبادرة الرئيس مبارك بعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب تحت رعاية الأممالمتحدة, التي تؤيدها حاليا جميع دول العالم, ومصر شاركت في مفاوضات استراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب حتي تم اعتمادها في سبتمبر2006, وإنما معالجة مشكلة الإرهاب تقتضي الخروج من نطاق النظرة الأمنية المحددة إلي نطاق أوسع يشمل معالجة جذور الإرهاب والأسباب المؤدية إليه, والتعامل والتكامل بين الحضارات والديانات. أما بخصوص الاتفاقية الشاملة للإرهاب فإن مصر تسهم بفاعلية في المفاوضات حول الاتفاقية وتدفع في اتجاه الفصل بين قواعد القانون الدولي الإنساني والإرهاب, وبصفة خاصة التفرقة بين حق الشعوب المشروع في مكافحة الاحتلال, والعمليات الإرهابية, كما تري مصر أهمية تضمين الاتفاقية التعامل مع إرهاب الدولة الناجم عن سوء استخدام القوة ضد الشعوب الآمنة خرقا لقواعد القانون الدولي والمبادئ التي بني عليها ميثاق الأممالمتحدة, ونتطلع للتوصل إلي نص الاتفاقية من خلال اللجنة التي شكلتها الجمعية العامة لهذا الغرض في أقرب فرصة. تم انتخاب مصر بأغلبية ساحقة في مايو الماضي لعضوية مجلس حقوق الإنسان, فما الذي يمكن أن تقدمه مصر لتلافي محاولات التسييس وغيرها من تحديات وعقبات شابت عمل لجنة حقوق الإنسان من قبل؟ لاشك أن انتخاب مصر لعضوية المجلس بهذه الأغلبية الكبيرة يشكل اعترافا دوليا بالتقدم الذي حققته مصر في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان, وشهادة بأن الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تقوم بها مصر تمضي علي الطريق الصحيح, ويعني ذلك إضافة مسئوليات جديدة علي عاتقنا في السعي نحو الاتفاق علي معايير موحدة يتم تطبيقها علي الجميع دون انتقائية أو تسييس أو معايير مزدوجة, وعدم التفرقة في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان في الدول النامية, خاصة في الدول الإسلامية, والتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في الدول المتقدمة والكبري, كما تعني تحولا في أسلوب التعامل مع هذه القضايا من أسلوب التهديد والعقوبات إلي أسلوب الحوار وتقديم المساعدات الفنية للدول للارتقاء المستمر بمستوي حقوق الإنسان فيها, وستبذل مصر قصاري جهدها خلال فترة عضويتها بالمجلس لضمان أن يتم التعامل مع قضايا حقوق الإنسان علي أسس أكثر عدالة وموضوعية. كيف ترون الجهود الحالية لتعزيز وتعميق حوار الحضارات في الفترة الحالية وظهور مصطلحات كصدام الحضارات مما يؤثر سلبيا علي جهود التعاون الإيجابي لمصلحة المجتمع الدولي؟ صحيح هذا موضوع مهم بالفعل ونحن نؤمن بأهمية حوار الحضارات في تعميق الفهم المتبادل ومحاربة الأفكار المغلوطة والقوالب الجامدة ويجب تكثيف التعاون من أجل القضاء علي التفرقة المبنية علي أسس ثقافية أو فكرية أو عنصرية ولنشر مفاهيم التسامح والتعايش السلمي واحترام الخصوصيات الثقافية للكيانات المختلفة, مع تأكيد استمرار حق جميع الشعوب في التنمية والازدهار والحرية. لذلك تؤيد مصر بصفة خاصة مبادرة الأممالمتحدة الأخيرة لتحالف الحضارات التي تم إطلاقها عام2005, وانضمت إليها مصر كعضو في مجموعة أصدقاء المبادرة, وسوف أشارك في إفطار عمل الاجتماع الوزاري الأول لمجموعة أصدقاء مبادرة تحالف الحضارات الذي يتولي الرئيس البرتغالي السابق جورج سامبايو الإشراف عليه كممثل أعلي لسكرتير عام الأممالمتحدة لحوار الحضارات, الذي يعقد بنيويورك يوم26 سبتمبر علي هامش أعمال الدورة حول دور الثقافات والحضارات. ما هي الجهود التي تبذلها مصر في سبيل تحقيق أهداف قمة الألفية والاندماج في النظام الاقتصادي والتجاري العالمي؟ في إطار تحقيق أهداف الألفية هذا يتطلب إزالة العوائق, أما نفاذ صادرات الدول النامية إلي أسواق العالم الخارجي وتشجيع حصول الدول النامية وبخاصة الإفريقية علي نصيب عادل من الاستثمارات الدولية والتوصل إلي حل دائم وجذري لمشكلة المديونية الأجنبية التي تثقل كاهل القارة ومصر تسعي لأن تسهم المنظومة الدولية بأركانها المختلفة في تحقيق أهداف التنمية المستديمة في إطار من العمل الدولي الديمقراطي علي أسس مقررات المؤتمرات والقمم الدولية. أما في إطار منظمة التجارة العالمية فمصر كانت ومازالت ملتزمة بجميع تعهداتها والتزاماتها في المنظمة, خاصة فيما يتعلق بتحرير التجارة ونتطلع حاليا للمزيد من التنسيق والعمل مع باقي الأطراف حتي تثمر جولة الدوحة عن نتائج تنعكس بالإيجاب علي الاقتصاد العالمي وتحقق مصالح الدول النامية دون تهميشها. ما هو تقويمكم للوضع في المنطقة والجهود التي تبذلها مصر بالتعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في ضوء دعوة الرئيس بوش لعقد اجتماع دولي في الخريف المقبل, وكذلك رؤية مصر للأوضاع الداخلية الفلسطينية حاليا؟ بالطبع القضية الفلسطينية تمثل جوهر الصراع في المنطقة, ولأننا لن نقبل بأن تظل عملية السلام أسيرة لأزمة فلسطينية داخلية أو لتصور البعض بأن الأوضاع لم تحن لأي تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين فإن الموقف المصري يعمل علي مسارين بالتوازي: الأول هو تحسين الوضع المعيشي للشعب الفلسطيني من خلال الضغط علي إسرائيل لاتخاذ خطوات حقيقية علي الأرض تشعر المواطن الفلسطيني بالذات فإن هناك غدا أفضل وهي إجراءات تتضمن إزالة الحواجز التي تقيد من حركة الأفراد والتجارة في الضفة الغربية ووقف الاستيطان, وعملية تهويد القدس وكذلك أي أعمال تضر بالتراث الإسلامي والعربي. أما المسار الثاني فهو عدم إغفال الشق السياسي المتمثل في أهمية استئناف المفاوضات بين الطرفين وبالتالي نرحب بالاجتماع الدولي المرتقب للنظر في كيفية التحرك الجدي علي مسار التسوية وعدم فقدان قوة الدفع الحالية التي تولدت مع لقاءات الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت وفي هذا الإطار نؤكد أهمية التحضير الجيد لهذا الاجتماع للخروج بنتائج تدفع بالمسار السلمي في إطار زمني واضح.