بعد أن أرهقته الخسائر المستمرة والإشارات القليلة على إحراز تقدم ملموس في الحرب ضد العراق بدأ صبر الشعب الأميركي ينفد في ظل الخسائر التي تتكبدها القوات الأميركية في العراق وإصرار الرئيس جورج بوش على عدم الانسحاب رغم فشله في بسط الأمن في المنطقة. ولكن بالرغم من أن بوش يدعو مراراً للتحلي بالصبر في الوقت الذي تصل فيه المزيد من القوات إلى العراق لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة، تشير نتائج استطلاعات الرأي أن التشاؤم يتزايد وأن معظم الأميركيين يفضلون تحديد جدول زمني لسحب القوات من العراق وانعكس نفاد الصبر من الحرب ضد العراق التي دخلت عامها الخامس على انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر، حيث فقد الجمهوريون من حزب بوش السيطرة على الكونجرس بمجلسيه لصالح الديمقراطيين. ومنذ ذلك الوقت عين بوش وزيراً جديداً للدفاع وقائداً جديداً للجيش في العراق وأصبحا مكلفين بتنفيذ استراتيجية جديدة هناك. وقال انتوني كوردسمان وهو خبير بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن «السؤال الآن هو.. ما إذا كانت الولاياتالمتحدة تتحلى بالصبر لتنفيذ على الأقل استراتيجيتها الحالية وقبول حقيقة أن أي أمل لإحراز نجاح يجب أن يقاس من خلال أعوام من الإجراءات الأميركية وليس من خلال شهور». ووفقاً لخطة بوش يجري ارسال 28 ألف جندي إضافي لتوفير الأمن لبغداد باستخدام وسائل منصوص عليها في برنامج عمل جديد للحرب ضد المسلحين. وعندما بدأ الجيش الأميركي ومشاة البحرية في إعداد كتيب لمكافحة جرائم المسلحين وهو الأول منذ عقدين من الزمان قالت المسودة الأولية ان إحراز النجاح يتطلب التحلي «بأقصى درجات الصبر»، أما النسخة النهائية التي صدرت في ديسمبر الماضي فأوصت بالتحلي بصبر كبير. وبالحكم من المواقع الإسلامية الأصولية على الانترنت فان سلاح الصبر متوفر بغزارة لدى خصوم الولاياتالمتحدة. ويبدي المسلحون ثقة في أن بإمكانهم الاعتماد على عدد لا نهائي فيما يبدو من المجندين الجدد.
وكتب الجنرال المتقاعد باري مكافري في مذكرة لقادة الجيش الأميركي بعد زيارة للعراق في فصل الربيع «بالرغم.. من أننا قتلنا عدداً كبيراً من مقاتلي العدو ربما أكثر من 20 ألفاً إلا أن المسلحين والميليشيات وتنظيم القاعدة في العراق يعيدون فيما يبدو تشكيل القيادات والجنود»، مشيراً إلى ان «أعدادهم وخطورتهم تزداد ولا تنقص في الوقت الذي يتعرضون فيه لهذه الخسائر في المعارك».
وفي الأول من مايو استخدم بوش حق الاعتراض (الفيتو) ضد مشروع قانون أقره الكونغرس الأميركي الذي يقوده الديمقراطيون والذي كان سيربط بين تمويل عسكري حجمه 124 مليار دولار بجدول زمني لسحب القوات من العراق والذي يرى بوش أنه وصفة للهزيمة.
وقال بوش «كل ما على الإرهابيين القيام به هو.. زيادة قوتهم وبدء التخطيط لكيفية الإطاحة بالحكومة والسيطرة على العراق». وحصل مشروع القانون الذي رفضه بوش على دعم من أربعة جمهوريين فقط ولكن بعض الخبراء قالوا إنها مسألة وقت فقط قبل أن يحذو حذوهم آخرون تحت ضغط من دوائرهم الانتخابية.
وتجنب الجنرال ديفيد بيتراوس الذي كان مسؤولاً عن إعادة كتابة كتيب مكافحة جرائم المسلحين والذي أصبح قائداً للجيش الأميركي في العراق في يناير ذكر أي تقدير لتوقيت بقاء القوات الأميركية في العراق.
ولكنه صرح في مقابلة تلفزيونية بأن «ساعة واشنطن بدأت تتحرك بشكل أسرع من ساعة بغداد». وضبط بيتراوس ساعته على سبتمبر حيث سيقدم تقييماً رسمياً عن مدى نجاح القوات الإضافية التي ترسل إلى العراق في العملية الأمنية.