يهدف النظام القانوني في المجتمع إلي المواءمة بين المصلحة العامة والخاصة للأفراد المقيمين فيه، وتصدر الأحكام القضائية ضد المخالفين للقانون ، ولصالح أصحاب الحقوق ومن ثم كانت الأحكام القضائية عنواناً للعدالة، وصوناً للحقوق، وعلي مر السنين يحظي القضاء المصري بالتقدير والاحترام محلياً وإقليمياً ودولياً، وفي الآونة الأخيرة صدرت عدة أحكام هامة أبطلت أعمالا حكومية علي قدر كبير من الأهمية، وآخرها الحكم الذي صدر بإلغاء الحرس الجامعي بجامعة القاهرة وعقب صدور هذا الحكم البات تباينت ردود الأفعال في مختلف الأوساط، والتزمت الحكومة بتنفيذ الحكم، وهذا أمر طبيعي في دولة القانون والمؤسسات، وبعيداً عن التباين في ردود الأفعال في تلك المسألة فإنه يبدوا جلياً عدة تساؤلات لعل الإجابة عليها تكون بداية لإيجاد حلول مناسبة توائم بين المصلحة العامة المتمثلة في حماية المنشآت الجامعية ومحتوياتها، وبين مصلحة الأفراد من الطلاب والمناهضين لوجود الحرس. أولها ما هي وظيفة الحرس الجامعي وصفته القانونية ؟ من المعلوم أن تواجد قوات الأمن في أي منشأة بغرض حماية وتأمين تلك المنشأة ومحتوياتها ضد أي إعتداءات تحدث عليها، وعليه فإن وظيفة الحرس الجامعي تنحصر في. 1- الحفاظ علي المنشآت والممتلكات الجامعية طيلة الأربع والعشرين ساعة 2- المحافظة علي نظام الدخول والخروج من الجامعة، ومنع المتطفلين من الخارج من الاندساس بين الطلبة والطالبات، أما عن الصفة القانونية لرجال الحرس الجامعي، فمن المعروف أن هيئة الشرطة هيئة مدنية نظامية، لا تخضع للقوانين العسكرية، وعلي ذلك يكون ضباط الحرس الجامعي من أعضاء هيئة مدنية، ولا يصح القول بوصفهم بالصفة العسكرية وثانيها هل وجود الحرس الجامعي بحالته القائمة حالياً من شأنه أن ينقص من استقلال الجامعة ؟ الواقع العملي يؤكد أن الحرس الجامعي لا يتدخل في الشأن الجامعي، الذي ينظمه قانونه الخاص علي وجه مستقل وعند حدوث ما يخل بأمن الطلبة داخل الجامعة لا يتدخل الحرس إلا بناء علي تعليمات قادة الجامعة وثالثها هل الحفاظ علي المنشآت الجامعية ومحتوياتها ومدنها الجامعية التي يقيم بها الطلبة والطالبات الذين جاءوا من أقاصي الصعيد والقري في مختلف أنحاء الجمهورية، وكذا المستشفيات الجامعية وأجهزتها ومرضاها، يعد بالشئ البسيط كما يعتبره البعض، وليست هناك أهمية لرجال الحرس، لأن مهامهم تفوق ذلك؟ العمل الذي يقوم به رجال الحرس ليس سهلاً أو بسيطاً، والقول بغير ذلك يعتريه الصواب والافتراء، فكيف تكون مريضاً ولا تأمن علي نفسك داخل المستشفي الجامعي وكيف لامرأة أن تلد في مستشفي حكومي وفجأة لا تجد مولودها، وما حدث قبل ذلك من ضبط أشخاص يقومون بسرقة الأطفال حديثي الولادة من المستشفيات الجامعية، خير دليل علي أهمية تواجد رجال الحرس، وقضايا السرقات العديدة التي تم ضبطها داخل المستشفيات والجامعات شاهدة علي ذلك. ورابعها هل وجود الحرس بالمحاكم يعد تدخلاً في أعمال المحاكم والسلطة القضائية ؟ أعتقد أنه لا أحد يستطيع أن يقر بذلك لأن تواجد الحرس الأمني بالمحاكم هو في المقام الأول لحماية المحاكم لما تحويه من قضايا ومستندات وأجهزة وأثاث تقدر بالملايين، ولتمكين القضاة وتأمينهم حتي يؤدوا رسالتهم في يسر واطمئنان، إذن ما الفرق بين حرس المحاكم والحرس الجامعي في المهمة الموكلة ولماذا لم تتم المطالبة بإلغاء الأول ؟ خامساً هل ما يقوم به الحرس الجامعي من إجراءات تأمينية أثناء دخول وخروج الطلبة يعد تدخلاً في الشأن الجامعي؟ القول بذلك خطأ لأننا يجب أن نأخذ في الإعتبار الأعداد الهائلة التي تدخل الجامعة يومياً، وما يندس من المتطفلين للدخول إلي الحرم الجامعي بدون وجه حق يؤكد ذلك، ولعلنا نتذكر ما حدث عام 81 داخل الجامعات من أحداث دموية أدت إلي موت أكثر من 16 طالب في جامعة أسيوط، وتدمير منشآت العديد من الجامعات، الأمر الذي كان سبباً في عودة الحرس الحكومي للجامعة بعد تلك الاحداث، وفي الماضي القريب وجدنا المليشيات العسكرية بجامعة الأزهر، والطلبة الغلابة لا حول لهم ولا قوة أمام العروض العسكرية من زملائهم لإكراههم علي اتباع الأوامر والانضمام إلي الجماعة، وما علاقة الحرس بالبحث العلمي؟ لا توجد علاقة من قريب أو من بعيد، فلم يحدث أن قام الحرس بمنع الباحثين والأساتذة من مباشرة أبحاثهم العلميه فهذا أمر غريب لا هدف له غير إثارة الفوضي والغوغاء داخل الجامعة، فلمصلحة من يلغي الحرس الجامعي ! ومع ذلك هل نستطيع أن نوفر البديل الذي يقوم بتلك المهام بعدما فشل قبل عام 81 وكم من الوقت يستغرق بناؤه وتجهيزه، ومن أين يأتي بالأموال اللازمة لذلك، وهل سيمنح سلطات قانونية تمكنه من التعامل مع الأحداث التي تحتاج إلي تدخل قانوني فالأمر ليس سهلاً ويجب بقاء الحرس الجامعي ليباشر مهامه وفقاً للمعايير والضوابط التي تقرها الجامعات المصرية. نقلا عن جريدة "الاخبار" المصرية