فيما تتميز ملابس التيبتيين من الرجال بالتقشف نوعا ما خلال الأيام العادية، فإنهم في المناسبات الاحتفالية يرتدون أزياء ملونة ومزركشة دقيقة الصنع والتصميم كحال احتفال دامزونغ لسباقات الخيل. كما تشتهر أزياء النساء الاحتفالية أيضاً بتصاميمها وزخارفها البديعة، علماً بأن الزركشة والألوان تختلف بين منطقة وأخرى. حب أهل التيبت للألوان في المناسبات واضح في أسلوب حياتهم، ولا يقتصر على الأزياء المزركشة فحسب، إذ يشتهرون ايضا بالسجاد اليدوي، وهي حرفة صناعية تقليدية قديمة العهد لها ضرورتها المعيشية القصوى في المرتفعات القارسة البرد شتاءً، تؤثر من حيث طرق نسجها والوانها على أزيائهم بشكل واضح. وينسج أساساً من صوف خراف الجبال العالية في الإقليم، ولا يقتصر استخدامه ككسوة للأرض أو في بعض قطع الأزياء، بل يستخدم ايضا كستائر ومعلقات أو غطاء سروج للخيل. ومن أشهر تصاميم سجاد التيبت ما يعرف ب«السجاد النمري» الذي تحوي أرضيته أضلاعاً وخطوطاً كخطوط جسد النمر الهندي المخطط. أيضاً من أشهر آيات فن الرسم والتلوين في التيبت رسوم «الثانغكا» المتعددة والزاهية الألوان، والرسوم الرملية «الماندالا» الدائرية ذات الرمزية الدينية، وهي أيضاً غنية بالألوان ويتولى إنجازها رهبان الأديرة، وعموماً يستغرق إعدادها فوق طاولة عريضة بضعة أيام قبل أن تتلف كإشارة إلى أن الحياة الدنيا فانية. أما في ما يخص المعمار، فقد زاوج فيه التيبتبون التصاميم الهندية والشرق آسيوية، وأعطوها وبالأخص في تزيينها نكهة دينية. ومن المكونات المميزة التي يشاهدها الزائر لأي دير تيبتي العجلة البوذية التي يحف بها على الجانبين تنينان. وتميز الأزياء الدينية الملونة بين الطوائف أو الرهبنات المذهبية البوذية التيبتية الرئيسية الأربع وهي: النيينغما (قبعات حمراء، وقمصان حمراء، وحمراء غامقة) والساكيا (قبعات حمراء وملابس ذات خطوط وزركشة متعددة الألوان) والكاغيو (القبعات الحمراء أو السوداء) والغيلوغ (القبعات الصفراء والملابس الصفراء). التيبت، التي هي اليوم إقليم ذاتي الحكم يتبع جمهورية الصين الشعبية، كيان جغرافي كبير المساحة ذو كثافة سكانية ضئيلة، يحتل هضبة ضخمة بين الصين وشبه القارة الهندية في قلب آسيا. ولقب الجغرافيون منذ القدم ب«سقف الأرض» بالنظر لارتفاع هذه الهضبة (متوسط الارتفاع نحو 5000م عن سطح البحر) التي ترسم حدودها الجنوبية جبال الهيمالايا الشاهقة. وتتميز التيبت بهوية ثقافية وحضارية مثيرة. فالشعب التيبتي له لغته الخاصة التي تنتمي إلى فصيلة اللغات التيبتية البورمية التي تختلف عن لغة المندارين الصينية التي يتكلمها اليوم بلهجاتها المتعددة، غالبية سكان الصين. واليوم مع أنه توجد جماعات مسلمة في عدد من مدن إقليم التيبت وبلداته، فإن الهوية الدينية الطاغية على حياة التيبتيين هي مذهبهم الخاص ضمن المذاهب البوذية، ويلعب دوراً محورياً في حياتهم الثقافية والاجتماعية، وخارج الإقليم حياتهم السياسية أيضاً. وتنتشر في عموم هضبة التيبت المترامية الأطراف الأديرة البوذية، والكثير منها رائع التصميم والمعمار، بديع الزخارف غني بالألوان الزاهية. فقد طاول التأثير الديني مناحي الفنون الجميلة رسماً ونحتاً وتلويناً وزخرفة، كما أثر تأثيراً كبيراً في العمارة والأزياء والموسيقى والغناء والرقص. ومن الاحتفالات الزاهية الألوان الاحتفالات الدينية البوذية، ولا سيما احتفال ال«لوسار» الخاص بالسنة التيبتية الجديدة، واحتفال صلوات ال«مونلام» الذي يليه خلال الشهر الأول من أشهر التقويم التيبتي.