شائعات الموت لاحقت الكثيرين خلال الأسبوعين الماضيين، رجاء الجداوى اكتفت بنفى الشائعة بينما يوسف شعبان اعتبرها مؤامرة سياسية. تثير مثل هذه الشائعات الكثير من الأشجان لدى الفنانين خصوصا عندما تمتزج بإحساس الترصد، حيث يعتقد بعضهم أن هناك من يقصد أن يشيع عنه هذا الخبر بسبب الغيرة المهنية أو الكراهية الشخصية.. وبحكم المهنة كثيرا ما أتلقى مكالمات من بعض الزملاء الصحفيين والمذيعين فى مصر والعالم العربى وهم يقولون لى: سمعت شائعة موت فلان، أقول لهم: هل تأكدتم؟ تأتى الإجابة: نريد أن نتأكد منك، والخبر يتم انتقاله على «النت» ويصبح الأمر فى غاية الحساسية، هل أتصل ببيت الفنان فإذا رد علىّ أحد أفراد أسرته أسألهم هل الفقيد لا يزال على قيد الحياة؟ وفى حالة سماعى لصوت الفنان هل أقول أخبار صحتك إيه؟ وبما أنه عادة ليس من بين الأصدقاء الذين تعوّدت أن أسأل عنهم فسوف يتشكك فى خلفيات هذا السؤال، ثم إن الفنان غالبا ما يكون فى هذه الحالة قد تلقى عشرات من المكالمات المشابهة التى لا تفصح مباشرة عن هدفها ولكنها تثير الريبة والشك والتى تنتهى عادة بتلك العبارة «الحمد لله أنا اطّمنت عليك».. بالتأكيد الفنان الذى يتلقى كل هذه المكالمات من شخصيات لم يتعود على التواصل الدائم معهم سوف ينتابه الشك بأن هناك أمرا جللا حدث له وربما اعتقد أنه انتقل بالفعل للرفيق الأعلى وهو آخر من يعلم!!
فى هذا العام فقط سَرَت شائعات موت عمرو دياب وعادل إمام ونادية لطفى وسمير غانم وصباح وجورج وسوف وغيرهم.. واجه عادل الخبر بسخرية لاذعة خصوصا أنه قبل تلك الشائعة بأسابيع قليلة كان قد واجه واحدة مماثلة ولهذا كتب بنفسه يسخر من الموت وحرص على أن يلتمس الأعذار لمن لم يستطع المجىء إليه فى لحظة وداعه، مؤكدا أنه تسامح معهم خصوصا أنه يعلم أن بعضهم قد توقّع أنها شائعة لكثرة تكرارها كما أن هناك من انشغل فى الاستوديو وهو لا يستطيع أن يلوم أحدا منهم!
على مدى الحياة الفنية وتلك الشائعات لا تنقطع وأتصورها فى جانب منها تعبر عن فرط الحب وليس كما يتبادر مباشرة إلى الذهن عن فرط الحقد والكراهية وذلك لأن شائعة الموت تنتهى فور تكذيبها بينما الشائعات الأخرى تنمو وتكبر حتى بعد تكذيبها، مثلا لو أن هناك من يطلق على فنان شائعة إصابته بمرض الإيدز ويظهر الفنان عبر أجهزة الإعلام مكذِّبا الخبر إلا أن الناس أو بعضهم على الأقل لن يصدقه يظل هناك احتمال قائم لتصديق الشائعة.. ناهيك بالشائعات الأخلاقية التى تظل تلاحق الفنان أو على الأقل بقاياها مهما حاول التكذيب.. أنا على عكس أغلب الزملاء أرى أن فى بعض شائعات الموت قدرا من الحب ولكنه حب عاجز عن اختيار التوقيت والمفردات الصحيحة فهو يحمل بداخله خوفا كامنا، وإذا، مثلا، قال البعض إن المتربصين بعادل إمام كُثُر ومن الممكن أن يحقد البعض عليه فما الذى من الممكن أن نقوله عن شائعات الموت التى كثيرا ما أُطلقت على النجمتين الكبيرتين فاتن حمامة وشادية وهما مبتعدتان عن أى منافسة فنية، شادية اعتزلت قبل نحو 25 عاما، وفاتن لم تعتزل رسميا إلا أنها خارج الصراعات الفنية منذ زمن بعيد ولا يستطيع أحد أن يدّعى تنافسا ما.. الاختفاء يفتح الباب على مصراعيه لمثل هذه الشائعات وشادية وفاتن بعيدتان عن الوجود الإعلامى، كما أن على الجانب الآخر الانتشار المبالَغ فيه قد يؤدى مع الأسف إلى نفس النتيجة.
ومن أشهر مفارقات شائعات الموت تلك التى أُطلقت على فريد شوقى قبل رحيله بأربعين يوما ويومها ظهر فريد على شاشة التليفزيون عام 1998، مؤكدا أن شائعة موته مجرد بروفة وأنه تأكد من حب الناس ولم يعد يخشى زيارة عزرائيل الذى استقبله بالفعل فى اليوم الأربعين للبروفة!!
لا أتصور أن شائعات الموت قابلة للحياة أكثر من دقائق معدودة فى ظل الانتشار الفضائى ولهذا فلم تعد سلاحا من الممكن استخدامه للنيل من أحد، كما أنها تبدو فى جانب منها نوعا من الحب الذى قال عنه الشاعر الكبير بشارة الخورى بصوت عبد الوهاب «ومن الحب ما قتل»!!