طريقتان يمكن من خلالهما رؤية الأحداث فى مصر، حسب ما قالته صحيفة «لوموند» الفرنسية فى افتتاحيتها أول من أمس، الطريقة الأولى تتبع حالة التأييد لتجربة الإخوان المسلمين فى السلطة، والثانية تعتمد على معارضة هذه التجربة. تقول ل«وموند» إنه فى الحالة الأولى سنجد أن الرئيس محمد مرسى أوتى شجاعة لمحاولة حل العقدة المستعصية التى تعرقل المرحلة الانتقالية ما بعد مبارك وتفسر حالة الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى أكبر بلاد العالم العربى. تستطرد الصحيفة بأنه بعد سلسلة من الأخطاء المتراكمة والتناقضات وسوء النية من مجموع اللاعبين السياسيين سواء من الإسلاميين والجيش، بل وأيضا شباب الثورة والليبراليين، يبدو أن البلاد أصبحت عصيَّة على الحكم.
ترسم «لوموند» فى افتتاحيتها صورة للوضع الحالى، فمصر لديها الآن رئيس إسلامى، ومجلس نواب -إسلامى أيضا- تم حله، وتتطلب إعادة انتخاب مجلس آخر دستورا جديدا، كما أن الجمعية التأسيسية التى تكونت فى يونيو الماضى، يعارضها الليبراليون والثوريون الذين يجدون أنفسهم مهمشين مقارنة بتمثيل الإخوان المسلمين وحلفائهم السلفيين بها، على حد قول الصحيفة.
من ناحية أخرى، تواجه مفاوضات القرض الخاص بصندوق النقد الدولى صعوبات شديدة، ويستمر الاقتصاد فى مزيد من الانهيار والأمن فى مزيد من التدهور، مما دفع الصحيفة إلى القول «تواجه الثورة خطر التحول إلى فوضى، لذلك يجب تحييد العدالة القضائية التى لم تتطهر بعد من أنصار النظام السابق الذين يتبعون منهج العرقلة».
فى رؤية أخرى للأمور، يمكن القول إن مرسى كما تقول الصحيفة استفاد من نجاحه فى الوساطة بين حماس وإسرائيل فى محاولة للانقلاب تماما مثلما استغل حادثة سيناء الأخيرة فى صيف 2012 لتهميش المجلس العسكرى الذى تولى قيادة البلاد بعد سقو ط مبارك فى فبراير 2011. هذه المرة، يركز الرئيس فى يده جانبا كبيرا من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهو أمر غير مسبوق، كما يسعى فى الوقت ذاته لتطبيق دستور «إسلامى» على وجه السرعة. من هذا المنطلق، تقول «لوموند» إن الرئيس مرسى لعب لعبة كبيرة وخسر، فقد نجح فى توحيد المعسكر الليبرالى الذى كان حتى هذه اللحظة بطيئا ومنقسما، كما نجح فى استعداء الصحافة والقضاء وإحياء دينامية الثورة التى يمكن أن تدخل فى مرحلة عصيان مدنى. إضافة إلى ذلك، ترى الصحيفة أن الخسارة الرمزية للإسلاميين فى التحرير التى تم استثمارها من قبل الثوار تحمل دلالة فى حد ذاتها. فى ختام الافتتاحية، قالت الصحيفة إنه حان الوقت للمعارضة أن لا تكتفى بالتوحد فى مواجهة الإسلاميين، ولكن عليها أن تعرض مشروعها للمجتمع وأن تقترح حلا للخروج من الأزمة، وإلا فإنها من الممكن أن تصبح غير مسموعة لدى المصريين المُتعَبين من الفوضى، إجمالا فمصر تنتظر تهدئة من جانب مرسى ومبادرة بناء من المعارضة.