اعتبر تقرير بحثي أمريكي أن إحصائيات سوق العمل في مصر، وبخاصة تلك التي تظهر تراجع معدلات البطالة بين الشباب، لا تعبر عن تحسن في أوضاع سوق العمل في مصر، أو في نوعية الوظائف المتاحة، أو العدد الحقيقي لمن لا يجدون وظائف. وقال التقرير الصادر عن معهد بروكينجز الأمريكي الثلاثاء إن البطالة الإجمالية ليست مرتفعة جدا في مصر لكنها بشكل عام في تراجع على مدار السنوات الماضية حيث سجلت معدلات البطالة 16.7% خلال العام 2009، وهو انخفاض كبير مقارنة بنسبة البطالة التي بلغت 25% في العام 1998. لكن التقرير الذي اشترك في إعداده سامانثا كونستانت، المديرة المساعدة لبرنامج مبادرة الشباب في بروكينجز وناجي أسعد الخبير بالمعهد، استدرك أن بحثا مستندا إلى مسح أخير لسوق العمل يظهر أن الانخفاض في العمالة مرتبط بصورة متناقضة مع تدهور نوعية الوظائف وليس تحسن أوضاع سوق العمل. وأوضح التقرير أن "العمالة الرسمية في القطاع الخاص، المحدودة تماما في المقام الأول، لا تنمو بسرعة كافية لتعوض التراجع في وظائف القطاع العام الجيدة". وقال إن الشباب المصريين المتعلمين الذين أمضوا سنوات في البحث عن وظيفة رسمية وفي القطاع العام على نحو أكبر، يفقدون هذا التطلع الآن في الوقت الذي تنفد فيه الوظائف الحكومية. ونبه التقرير الذي حصلت وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك على نسخة منه إلى أن الوظائف في القطاع غير الرسمي في مصر تفتقر إلى الحوافز والتأمين الصحي وحتى إلى قدر قليل من الأمان. وتابع أن ذلك ترك الشباب في مصر إما في وضع من العمالة غير المستقرة أو أمام احتمال أن يصنعوا ببساطة وظائف لأنفسهم في اقتصاد مصر "غير الرسمي" الواسع. وأضاف أنه كان من نتائج ذلك أن هؤلاء الشباب لا يصنفون باعتبارهم عاطلين في إحصائيات العمالة، وهو ما يسهم في النهاية في تراجع معدلات البطالة. وأرجع التقرير العمالة غير الكاملة "underemployment" في مصر إلى نمو في عدد الشباب تقابله عواقب تحول جزئي وغير كامل للاقتصاد، من اقتصاد مركزي إلى نموذج تنمية يقوم على اقتصاد السوق. وقال التقرير إنه رغم أن نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن اضطر إلى تأجيل زيارة لمصر كان من المقرر أن يلتقي خلالها الرئيس المصري حسني مبارك، لكن الحكومتين الأمريكية والمصرية يمكنهما البدء باتخاذ خطوات مهمة لتحسين وضع العمالة بالنسبة للشباب المتشابه في البلدين. وقال التقرير إنه بالنسبة لمصر فهذه الخطوات تشمل تقليل التكاليف العالية للرسميات بما فيها أعباء القوانين المنظمة والضرائب التي تجبر الجميع عدا رجال الأعمال الكبار على اللجوء للاقتصاد غير الرسمي. وقال التقرير إن تلك التكاليف لا تجبر أصحاب العمل على توظيف عمال بشكل غير رسمي فقط، بل تقيد نمو الشركات التي تتعمد البقاء صغيرة لكي لا تصبح ظاهرة للبيروقراطيين في الحكومة.