فى سرية تامة أجرت البورصة المصرية مفاوضاتها مع بورصة إسطنبول، بشأن آليات التداول المشترك بينهما، وكيفية السماح للمستثمرين الأتراك، بالتداول بشكل مباشر فى الشركات المصرية المقيدة، وللمصريين بالتداول المباشر فى الشركات التركية ببورصة إسطنبول، بينما تكتمت البورصة على نتائج تلك المفاوضات. شركات التداول المالى فشلت فى معرفة ماهية المفاوضات بين البورصة المصرية ونظيرتها فى إسطنبول لفترة، إلى أن تم تسريب الخبر للإعلام، ومن ثم لم يجد وقتها رئيس البورصة مفرًا من الإدلاء بتصريح مقتضب، ممتنعًا عن إصدار بيان توضيحى بخصوص تلك المفاوضات.
كانت هيئة الرقابة المالية، قد أشارت فى يونيو الماضى إلى أن الحكومة وافقت على تعديل بعض أحكام قانون سوق المال، لمنع شركات السمسرة وإدارة المحافظ المالية من التعامل على الأسهم الأجنبية. ما يتعارض مع المفاوضات القائمة مع بورصة إسطنبول. بينما كشفت مصادر بهيئة الرقابة المالية، عن أنه لن يتم اعتبار الأسهم التركية ضمن الأسهم الأجنبية، طالما أنه سيتم الكشف عن التداولات على شاشات البورصة المصرية، حيث إن تلك الاتفاقيات تمثل نوعًا من التوأمة بين البورصتين، ما يتيح للهيئة الرقابة.
من جانبه، قال الخبير المالى وائل النحاس، إن توقيت المفاوضات والمغزى منها يثير المخاوف وكذا الشبهات، حول إمكانية استغلال تلك الاتفاقية فى عمليات غسل أموال تدخل من خلال شركات السمسرة التركية، خصوصا أنه لا يوجد فى القانون ما يلزم الشركة الأجنبية بإلافصاح عن مصدر أموال عملائها، فضلا على احتمالية إنشاء صناديق «الأوف شور» من جانب تلك الشركات، ودخولها السوق للمضاربة، وجنى الأرباح من خلال مضاربات «الهوت منى»، مضيفًا أن الخطورة الكبرى فى السماح لسماسرة أجانب بالتعامل على الأسهم المصرية مباشرة، لا تتمثل فقط فى دخول أموال غير معلومة المصدر للسوق، إنما يمكن كذلك تهريب أموال من السوق من خلال تلك الشركات، إلى جانب أن تلك الاتفاقية تتيح إحلال الإخوان محل رجال أعمال النظام السابق، من خلال الاستحواذ على شركاتهم، وهو ما يتردد بقوة داخل السوق بشأن وجود عروض تركية للاستحواذ على شركات أحمد عز لحديد التسليح.
النحاس قال إن السماح للأتراك بالتداول المباشر على أسهم الشركات المصرية، أمر له بعد سياسى، حيث تأتى تلك المفاوضات بعد موافقة تركيا على منح مصر قرضا بمليار دولار، عقب زيارة الرئيس محمد مرسى إسطنبول، إلى جانب العلاقات القوية بين رجال الأعمال الإخوان وعلى رأسهم خيرت الشاطر والأتراك، وتساءل النحاس: لماذا تركيا تحديدا الآن؟ مشيرًا إلى أنه كان من الأجدى اقتصاديا أن تكون تلك المفاوضات مع دول الخليج التى تتمتع بسوق مالية قوية، وتربطنا بها اتفاقية موقعة منذ العام 2002، ولم يتم تفعيلها حتى الآن، أو كانت تلك المفاوضات تجرى فى بورصة لندن، مشيرًا إلى أنه لا جدوى اقتصادية حقيقية من تلك الاتفاقية، نظرا إلى انتماء تركيا إلى منطقة اليورو التى تتعرض حاليا لهزات مالية عنيفة تدفع مستثمريها إلى المضاربة.