وكيل تعليم البحيرة يتفقد عددا من المدارس بأول يوم دراسي (صور)    توزيع الحلوى والورود على الطلاب.. بدء الدراسة بحضور الصفوف الأولى بكفر الشيخ (صور)    استقرار سعر الدينار الكويتي اليوم السبت 21-9-2024 في البنوك    محافظ أسيوط يترأس حملة مكبرة لرفع كافة مخلفات الهدم بمحيط سور جامعة الأزهر    رئيس الوزراء يتفقد اليوم 4 مصانع أدوية بمدينة 6 أكتوبر    حزب الله: استشهاد 53 من عناصرنا خلال 3 أيام    حزب الله: استشهاد 15 من كوادر الحزب في الغارة الإسرائيلية على بيروت    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بسريلانكا    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    موعد مباراة بيراميدز والجيش الرواندي في دوري ابطال افريقيا والقناة الناقلة    مواعيد مباريات اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    غيوم وأمطار خفيفة على بعض المناطق في الإسكندرية (بث مباشر)    غدا بداية فصل الخريف .. والأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة خلال النصف الأول    أسرار توت عنخ آمون.. زاهي حواس يتحدث عن مومياء نفرتيتي والكنوز المدفونة    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    اليوم العالمي للسلام.. كيف تساهم مصر في خفض التصعيد بإفريقيا والمنطقة؟    أسعار الفراخ البيضاء اليوم السبت 21-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    حالة الطقس المتوقعة غدًا 22 سبتمبر| إنفوجراف    مأمورية خاصة .. ترحيل صلاح التيجاني من سرايا النيابة الي قسم إمبابة    استكمال محاكمة محاسبة في بنك لاتهامها باختلاس 2 مليون جنيه    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    وزير الخارجية: تقسيم السودان خط أحمر، وقضية مياه النيل حياة أو موت، وخسائرنا بسبب انخفاض عائدات قناة السويس 6 مليارات دولار، لا بد لإسرائيل أن تنسحب من رفح ومحور فيلادلفيا    رسميا.. رابط الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل الصف الثاني الابتدائي    القنوات الناقلة لمباراة ليفربول ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي.. والموعد والمعلق    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    فلسطين.. 44 شهيدا جراء قصف الاحتلال لعدة مناطق في قطاع غزة    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    ريم البارودي تنسحب من مسلسل «جوما» بطولة ميرفت أمين (تفاصيل)    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    جوميز: الأداء تحسن أمام الشرطة.. وأثق في لاعبي الزمالك قبل السوبر الأفريقي    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هشام عبد الصبور شاهين: قال عبد الصابور شاهين

تعبر بنا هذه الأيام الذكرى الثانية لرحيل والدي المغفور له بإذن الله عبد الصبور شاهين، وفي أحد كتبه قرأت الجملة التالية: (ألا ما أشبه الليلة بالبارحة! التاريخ لا يموت، وإنما يبقى دروسا توزن بها السوابق واللواحق، وتعرف بها أقدار الرجال).. ولأن التاريخ لا يموت؛ فقد آثرت أن أشرك القارئ الكريم معي في قراءة بعض كتاباته وأقواله، ولئن اعتبرت ما فعلت هو أنني اخترت من كل بستان زهرة؛ فما أكثرها بساتينه، وما أجملها زهوره، وما أعقلها آراؤه، وما أرجحها كلماته.

إن الأمل الحقيقى هو فى الشعوب العربية، فإذا ما تخاذلت الحكومات، وصار انهيارها وشيكا فإن الشعوب لن تموت، بل لا بد أن يخرج من رحم الأزمة بطولات تتصدى للعدوان ، بطولات من نوع صلاح الدين ، تتجمع حولها القوى المختلفة ، وتقود زحفا مضادا يدافع عن الحرمات ، والمقدسات ، ويرفض الاستسلام ، بل ويرفض الهزيمة على قوى العدوان كما فعلت من قبل الشعوب الحرة.
الإسلام - يا سادة - هو باعث النهضة، وهو صانع التقدم، وهو روح الحضارة التى هى مشكلتنا الآن، ارفعوا لواء الإسلام فى وجوه أعدائكم، وفى مقدمة زحفكم نحو صناعة المستقبل، ولسوف يحقق الإسلام معجزة الغد المشرق، كما حقق معجزة الماضى المشرف، فلا حضارة بلا دين، ولتعلمن نبأه بعد حين.
إن القضية الفلسطينية ينبغى أن تسترد حقيقتها الإسلامية التى كانت لها يوم اشتعل الصراع فى الأربعينيات من القرن الماضى، هنالك تجلت الروح الإسلامية التى تدافع عن الحق وتطارد الباطل أينما كان، تلك الروح التى أذاقت العصابات الصهيونية الويل، ولولا التآمر السياسى الذى فرض الهدنة الأولى لما قامت لهذه الدولة قائمة.
إنهم يشيدون جدارا يتصورون أنه سوف يكفل لهم الحماية، كما يمكنهم من التهام المزيد من الأراضى الفلسطينية، ويضمن لهم سلامة مقاتليهم خلف الجدار، ولقد أخبرنا القرآن بهذا الجدار حين قال: (لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى).. وها هى ذي الآية تتحقق بصورة كاملة، فاليهود لا يعيشون إلا فى قرى محصنة هى المستوطنات، وهى النموذج الذى استقر عليه بناء الدولة اليهودية، ويأتى أخيرا الجدار أو (الجدر).. ولكن هذه التحصينات لن تدفع عن الجبناء المتحصنين وراءها شبح الهلاك المحتوم، ولسوف يقف الأمريكيون ذات يوم ليروا بأعينهم أنهم دافعوا عن أكذوبة، وراهنوا على الخسارة، ولسوف تثبت الأيام أن الساسة الصهاينة من أمثال بوش وجماعته الحاكمة، لم يسعوا إلا إلى حتوفهم، فما ضاع حق وراءه مطالب، ولن تذل إرادة المجاهدين الإسلاميين على أرض فلسطين، مهما حاول الملفعون بالعمالة من ممثلى المسرح الفلسطينى أو زعماء العالم العربى.
كلمة واحدة أريد أن أقولها للموجودين الآن على أرض العراق: وحدوا صفوفكم، ولا تدعوا للفرقة سبيلا إلى هذه الوحدة، إنسَوا طائفيتكم، فلا سنة ولا شيعة ولا أكراد، ولكن مسلمون عراقيون، عدوكم واحد تعرفونه، وهدفكم هو إنزال الهزيمة بهذا العدو، حتى يهرب رعبا ويفلت بجسده. هذه هى طريق الحرية، التى اختطفها عدوكم ذات ليل أسود، وليس أمامكم إلا أن تحيلوا نهار العدو إلى ليل حتى تنتقموا لشهدائكم، وتستردوا الأرض المغتصبة، من أيدى قوى الشر والبغى والعدوان.
لم يعد أمامنا إلا أن نعود إلى محاولة بعث الروح الإسلامية فى أجهزتنا الثقافية والتربوية والإعلامية، بعيدا عن عمليات تسييس التعليم أو الثقافة أو الإعلام، فقد أفسدت السياسة كل شىء، حتى إنها أفسدت المؤسسة الدينية التى يفترض أنها مناط الأمل، فآل أمرها إلى الضعف والهزال.
لما كان الإسلام هو ختام الرسالات السماوية؛ فإن مهمة تبليغ العالمين به تصبح إلزاماً مفروضاً على كل جيل من أجيال المسلمين، لا يمكن التقصير فيه، وكما كان التبليغ فرضاً لازماً على شخص النبي طيلة حياته؛ فإنه ملزم بنفس القدر لأمته، ينهض به الدعاة والعلماء بكل وسيلة وبكل لسان، وفى كل مكان.
إننا الآن واقفون متجمدون بين أمرين: السلام أو الكرامة.. السلام الذى يريده عدونا غير السلام الذى تريده أمتنا.. عدونا يريد سلام الأقوياء الذى يتحقق بتمريغ كرامتنا فى الوحل الدموي ، ونحن نريد السلام العادل الاستراتيجى الذى لا يتحقق إلا بالحفاظ على كرامتنا، وشتان ما بين هذا وذاك !! فإذا كان زعماؤنا يتوقعون أنهم ليسوا على مستوى المواجهة، وأنهم لا بد آيلون إلى الهزيمة إذا ما اختاروا الصمود فى وجه العدوان، وأن الاحتمال البديل هو السلام الذليل، فليعلنوا ذلك بشجاعة المقهور، وليذكروا أن المرأة العربية فى جاهليتها واجهت مثل هذا الموقف؛ إما الموت مع سلامة عرضها وكرامتها، وإما ضياعهما مع استمرار الحياة، فقالت: تموت الحرة ولا تأكل بثدييها !!..
إننا نحسب أن مدرسة الانتفاضة الفلسطينية من أعظم المدارس وأشرفها فى واقعنا الحزين، وهى مدرسة أساتذتها يتألقون لحظة من الزمان، ثم يمضون إلى رحاب الله، وقد أعطوا الحياة أبلغ الدروس وأعمقها.
الواقع يشهد بأن الجامعة العربية لم تكن يوما ما سوى منظمة تجسد واقع الافتراق والشرذمة العربية، ومن خلال تلك الشرذمة استطاع الاستعمار أن يستقطب ولاء الحكام الذين تم ترويضهم وتدريبهم على تحقيق مطالبه، كما أقام سدودا من المصالح المتضاربة تغرى القوى فيهم بأن يأكل الضعيف.
هكذا .. مازال صلاح الدين حيا فى خيالهم، مؤرقا لهم فى صحوهم ونومهم، وهم يخشون أن يلقوا فى حربهم الصليبية الراهنة ما لاقاه الصليبيون الأوائل من هزيمة ساحقة ماحقة.
لقد مضى على لغة القرآن فى المجتمع الإنسانى أكثر من أربعة عشر قرنا، كانت كفيلة بتغيير اللسان إلى طوابع مختلفة، بمعدل تغيير كل ثلاثة قرون أو بالأحرى لغة أخرى، لولا وجود القرآن الذى ثبت الصيغة الصوتية والتركيبية طبقا لأحكام التلاوة الملتزمة، وهو ما يجعلنا واثقين بأن نطقنا القرآنى للعربية لم يتأثر بمرور الزمن، وتلك حالة فريدة فى تاريخ اللغات البشرية.
إن آمال الجاهلية الجديدة أن تحدث فى بلادنا نكسة ترمى بها بعيدا عن الإسلام وعن العربية، وهى تعلم وثاقة الارتباط بين الأمرين واستحالة الفصل بينهما، وليس أمامنا إلا أن نؤكد تصميمنا على مواصلة الجهاد ضد هذه الجاهلية ودعاتها، ولسوف يلقون عاقبة مسعاهم الردىء أن يموتوا بغيظهم، ويندحروا فى محاولتهم، والله لا يهدى كيد الخائنين.
إن مؤتمر القمة العربى، الذى يوشك أن ينعقد فى القاهرة مسئول عن وضع خطة وحدوية لمواجهة محاولة التقسيم المزمع فرضها على كل الدول العربية، وهو امتحان رهيب لإرادة النظم الحاكمة، وإرادة الشعوب المتطلعة إلى توحيد كيانها، وتحقيق أملها فى إنجاز مشروع الوحدة العربية، ولا خيار أمام النظم الحاكمة إلا بين اثنتين: إما سادوا وإما بادوا .. إما ساروا وإما غاروا.
هل يدرك الإسلاميون عاقبة انقسامهم إلى شيعة وسنة؟ وهل يرون أن وعاء الإسلام قد ضاق عن استيعابهم، حتى لجأوا إلى التشيع والتسنن، وهما عباءتان مستهلكتان لا مكان لهما الآن ؟ حسبهم أن الإسلام يجمعهم فى وحدة تجعلهم جميعا صفا واحدا واتجاها واحدا.
بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، إن الإسلام كما بدأ غريبا قويا مدهشا، ها هو الآن يعود غريبا كما بدأ، قويا مدهشا، وطوبى للغرباء الذين يحملون رايته، وينشرون دعوته، ويزيدون قوته.
بين العاشر من رمضان – عام 1393ه ، والعاشر من رمضان عام 1423ه، ثلاثون عاما هى الفاصل الزمنى بين لحظتين متناقضتين، لحظة سجلت كل مشاعر الفخر والاعتزاز لأمتنا العربية، ولحظة أخرى شهدت واقع الهوان الذى تعيشه أمتنا الآن.
لقد تحول الإسلام فى واقع المسلمين إلى قيمة تذكارية ، وصار أمر المسلمين محكوماً بيد عصابات ماركسية أو رأسمالية لا علاقة لها بالإسلام، بل هى عناصر من أجهزة المخابرات التى تخدم مصالح غير المسلمين.
أجدنى دائما أنفر من بعض من يحترفون تلاوة القرآن، حين يطبقون أحكام التلاوة على بعض ما يؤلفون من أدعية وابتهالات، وأرى أن ذلك نوع من الخلط لا يجوز بين كلام الله وكلام البش ، إن لكلام الله أحكاما فى التلاوة ليست من ابتداع الكهنة أو ترانيم المحترفين، وإنما هى قوانين صوتية محكمة لا يصح استخدامها أو تطبيقها على أى نص لغوى آخر، نثرا كان أو شعرا، وأما ما يكون من خلط بين النص القرآنى والأدعية المأثورة فهو إساءة إلى القرآن بلا شك، ويجب على من يؤمون الناس فى المساجد الكبرى، ولا سيما فى الكعبة والمسجد النبوى، أن يميزوا بين القرآن، وما يلزم فى قراءته من أحكام، وبين مأثوراتهم التى يجب أن تقال بطريقة عادية محايدة، تتسم بالضراعة ونبرة السؤال.
إن الطاغية فى كل الأحوال مجرم مفارق لشعبه، له انتماء إلى عالم الشياطين، وكأنه مخلوق مثلهم من مارج من نار، فهو عدو للإنسان، وللإيمان، وهكذا كان الطغاة فى عصرنا، ومن صفات الطاغية أن يكون جبانا، وهكذا كان كل طغاة عصرنا- جبناء فى كل مواقفهم، وإن تظاهروا بالشجاعة فى ممارستهم للظلم، وهم محرومون من فضيلة العقل والقلب.
هل يدرك صدام حسين الآن حين كان قابعا فى جحره، أنه هو الذى أشعل كل هذه الحروب، وأنه كان الخادم الأمين لسادته فى أمريكا؟ وهل تصور، حين كان الطبيب العسكرى يفلّى شعره من الحشرات أنه كان أخطر حشرة جرت الويل على الأمة العربية والإسلامية ؟
المواطن المسلم فى وطنه يعيش حالة غربة موحشة، فهو لا يتمتع بأية حرية سياسية، وهو مجرد مخلوق يكافح من أجل لقمة العيش، فأما حقوقه باعتباره مواطناً فنكرة لا تقبل التعريف.
إن السوء الذى اعترى العالم الإسلامى يتمثل فيما أصاب المسلمين فى هذا العصر من التحول عن مفهوم ( الأمة ) الذى كان يجمعهم فى رابطة واحدة، لا تفرقها حدود، ولا تقطعها سدود، وحين اختفى معنى ( الأمة ) أصبح الإسلام مجرد سمة فردية تقتصر على أداء بعض الشعائر، واستعاض الإنسان المسلم عن الرابطة العقدية ببعض المفاهيم العلمانية، التى يعزف عليها حكام عصرنا ، ويرونها بديلاً مكافئاً للإسلام.
لقد أحسن أعداؤنا الإعداد لتغييبنا عن الشعور بالأخطار الداهمة، ثم قسمونا إلى مسلمين وعرب، وإلى قوميين ووطنيين، وهذه قضية فلسطين كانت فى مبدأ أمرها قضية إسلامية، ثم عزل المسلمون عنها فصارت قضية عربية، ثم عزل العرب عنها فصارت قضية فلسطينية، ثم انحسرت حتى صارت قضية عرفاتية، ومن يدرى ماذا يكون لو حدث لا قدر الله، وذهب عرفات.. ليس هذا التناقض فى قيمة القضية أمراً عفوياً، ولكنه تخطيط دقيق سهر الأعداء على تنفيذه، وأذهلنا نحن عن متابعة كيد الأعداء حتى تحولنا إلى عالم الغثاء.
إن الإخوان المسلمين لا علاقة لهم بكل ما أثير حول الإرهاب والإرهابيين، بل هم فى كل وطن يعملون فيه - أوسمة على الصدور، ونجوم فى مداراتها، يبذلون من عقولهم، وجهودهم المخلصة ما يشرف به الإنسان المسلم، ولن يمنعهم أى اتهام من أن يكونوا فداء للإسلام وأوطان المسلمين.
إن اليهود كائنات خلقت من طينة الحقد والكراهية، ولا علاقة لهم بنوح ولا بسام ابنه؛ على فرض وجوده، وإنما كل علاقتهم معقودة على ناصية الشيطان الذى يقودهم إلى نهاية الحياة .. إلى يوم القيامة.
لا بد من تعليم أجيالنا جذور الصراع وطبيعته، وعناصر القوة والضعف فيه، عن طريق تدريس مقرر عام، يُفرض على كل الدارسين فى كل الجامعات العربية أصلا، والجامعات الإسلامية، إن استطعنا إلى ذلك سبيلا، ومن خلال تدريس هذا المقرر عن قضية المصير ؛ نعيد للأجيال وعيها بها، ونعيد للقضية عناصر قوتها، ومن ثم نسترد الأمل فى تحقيق النصر النهائى على قوى البغى والعدوان الشيطانية الصهيونية الأمريكية، وليكن شعارنا فى المرحلة القادمة: ( علموا أولادكم القضية ).
الرجل والمرأة صنوان ينهضان معا بمجموعة الواجبات المنوطة بهما، كل على قدر وسعه، وفى جو من التكافل والتكافؤ، ولا داعى لخوض معارك مفتعلة بين الرجل والمرأة، وتبادل الاتهامات على أساس الاختلاف الجنسى، وافتراض تفوق الرجل على المرأة.
أخطر العوامل التى تفسد الدساتير هى تجمع العناصر الطفيلية حول الحكام، وتحويل الدفة من قصد إلى تحقيق المثل الأعلى إلى الانحراف، وتزوير الانتخابات، وتأليه الرؤساء، وحرمان الشعب من حقوقه اعتمادا على إفساد النصوص، وتفسيرها تفسيرا أنانيا ذاتيا، وهذا السلوك هو الذى أدى فى النهاية إلى نشوء الدكتاتوريات، وحدوث النكبات، وتضاعف المظالم، وامتلاء السجون بالأبرياء فى معظم البلدان العربية.
ليس المهم تحرير نص دستورى شفاف، ولكن المهم هو تحرير الشعب من قيوده، وإشباع أشواقه إلى الحرية، كما أن المهم أيضا تحرير النفوس من الجشع والانتهازية.
إننى أبحث عن ظل الإسلام الذى يحاربه العلمانيون فلا أجد له أثرا، بل إن الاتجاه السائد سياسيا وقتصاديا واجتماعيا هو الاتجاه نحو سيادة العلمانية أو الفوضوية، من خلال سيطرة الدكتاتوريات التى تكره الدين لأنه يكرهها، وما من نظام دكتاتورى إلا وهو يحارب الإسلام، ومن هنا كان التحالف بين العلمانيين (الماركسيين سابقا) وبين النظم الاستبدادية التى تميل إلى الرأسمالية، وحينما وجد هذا التحالف فاعلم أنه خميرة إفساد الشعوب ومحاربة الإسلام، وهذه بالطبع هى رسالة العلمانيين.
حينما أشرق ضوء الإسلام أشاع فى المجتمع الجاهلى نظامه الأخلاقى الذى يجمع كل ما عرفته الجاهلية من فضائل، مع تنقيتها من نقائص الجاهلية، وتكملتها بالقيم الإسلامية الجديدة، وبذلك كان الإسلام أكمل النظم الأخلاقية التى عرفتها الإنسانية.
الاستشهادى الفلسطينى فى قلبه إيمان بالآخرة، وهو يتمنى أن يذوق طعم الحياة الآخرة عبر رحلة الاستشهاد، التى يفتدى بها شعبه ويحمى بها وطنه، ويصعد بها إلى رحاب الله سبحانه، وتلك الروح هى أخطر ما يخيف أرييل شارون وعصاباته.
لا أعدو الصواب إذا قلت: إن الصيام فريضة لازمة على كل فرد، فهو فريضة فردية، وفريضة على المجتمع، وفريضة على الدولة، يصوم الفرد طبقا لدستور الأخلاق الإسلامية، ويصوم المجتمع، فلا يظهر فيه ما يخدش مهابة الصيام، وتصوم الدولة بإلزام مؤسساتها الإعلامية بخاصة احترام آداب رمضان، فتكف هذه الأجهزة عن تقديم البرامج الخليعة، والمسلسلات الهابطة والأعمال الهزلية والهزيلة، وتكثر من البرامج التى تقصد إلى التوجيه السليم، والصراط المستقيم.
عندما تضع الحرب أوزارها فسوف نجد على أرض المعركة جثة متفحمة هى جثة (القومية العربية) التى غارت إلى غير رجعة، وإلى جوارها نائحة تنوح عليها هى (الجامعة العربية)، وحينئذ لن تجد الشعوب العربية إطارا يجمعها أو فكرة توحدها سوى العودة إلى (روح الوحدة الإسلامية).
إذا كان هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق قد صرح ذات يوم بأن: (الطريق إلى إسرائيل الكبرى لا بد أن يمر ببغداد)؛ فإننا نؤكد هنا أن الوزير الأمريكى كان يحلم بهذا الكلام، وهو نائم عريان مكشوف السوأة، ونؤكد له أن الطريق إلى القدس سوف يمر حتما ببغداد، وسوف تزول إسرائيل عما قريب، حين ترفرف على زحوف المسلمين والعرب رايات الوحدة الإسلامية الخالدة، بعد أن نفقت القومية العربية .. ولا عزاء ..
بينما نحن فى مواجهة هذا البلاء، وفى معمعان محنته- إذا بمؤتمر حاشد تصدرته شخصيات مرموقة، وجندت لخدمته كل وسائل الإعلام، حتى انصرفت عما سواه- مؤتمر يناقش مشكلة (ختان البنات)، وكأننا انتهينا من المشكلات المصيرية، ولم يعد يشغلنا سوى هذه الزائدة الدودية، التى يتوقف عليها ارتقاؤنا الحضارى وتقدمنا التكنولوجى، ونظرا لأهمية المشكلة فقد دخل فى مناقشتها شيخ الأزهر، وكوكبة من العلماء الكبار، كما أصبحت محور التحقيقات الصحفية، والأسئلة التى يوجهها الصحفيون إلى أهل الدين والفكر، وكل ذلك حتى ينسى الشعب العربى صلته بالدم المراق فى فلسطين والعراق، وحتى لا يذكر الناس الدور البشع الذى تقوم به أمريكا فى صميم أن يتم اغتيال الشعبين الفلسطينى والعراقى تحت مظلة من الذهول العربى.
من المؤكد أن الإسلام يسعى من وراء السياسة إلى تحقيق المنفعة، التى يطلق عليها الخير، أو فعل الخيرات ، إشارة إلى أن تحصيل المنفعة ليس مجردا من القيود، بل من الضرورى أن يكون للعامل الأخلاقى اعتباره، فى إطار ما يسمى بالحلال والحرام، ومن هنا يأتى تعانق السياسة والأخلاق فى التصور الإسلامى.
إن المخدرات الآن سلاح خطير يستهدف تدمير مصر والعالم العربى لحساب إسرائيل، وما ينبغى لتلك الأيدى التى تحمل هذا المنكر إلا أن تقطع على نحو ما يقضى به حد الحرابة، وليذهب هؤلاء المخربون إلى الجحيم، فهم أخطر أعوان العدو، وأخلص عملاء المخابرات المعادية، ولا بد من حماية الوطن حاضرا ومستقبلا من أعدائه مهما كانت مواقعهم، كبارا أو صغارا، مستهلكين أو تجارا.
إن أول الحرب الكلام، وآخرها أيضا كلام، ولا بد من شحن الأجيال بحقائق الصراع عن طريق المؤسسات التربوية، التعليمية والجامعية، فضلا عن الأجهزة الإعلامية.
لقد أصيبت شعوبنا بداء ( الهُزام) نتيجة حرمان الأجيال الناشئة من غذاء الروح الجهادية، ومردود الأثر التربوى، و(الهزام) مصطلح أطلقته، وأعنى به الاستعداد لتقبل أية هزيمة، والمهم أن نجاهد فى إعداد عناصر المقاومة والرفض على مستوى الأفراد والجماعات، ونحمد الله أن مرض (الهزام) لم يصب روح الأمة، ولم يلوث أجيالها، وهم ضمان المستقبل، ولسوف تبقى أمتنا صامدة خالدة قادرة على تغيير عناصر الضعف فى أنفسها لتستبدل بها عناصر قوة وجهاد، (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله).
ها نحن أولاء نقف أمام لوحة تحمل جوهر الوجود: الله الواحد دل على وجوده بوحدة من الرسل، تحمل منهجاً واحداً هو الإسلام، والطريق أمام الخلق واحدة، وهم محكومون بقانون الحياة والموت، الذى لا استثناء فيه: وهو قانون الزمان، لقد قامت الدنيا على ثبات هذا القانون واستمراره، بحيث خضعت له كل الكائنات، فكل كائن هو بين قوسين؛ قوس الحياة وقوس الموت.
وبعد.. فقد استخرجت هذه الكلمات من خطبه ومن كتاباته، بعد عامين على رحيله، مرا مرور السحاب، واقترب بمرورهما موعد اللقاء، رضي الله عن أبي عبد الصبور شاهين ورحمه رحمة واسعة، وألحقنا به في الصالحين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.