محافظ البحيرة تتفقد مدارس أبو حمص بأول أيام العام الدراسي الجديد    محافظ المنوفية يعلن طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    محافظ بورسعيد: باب المدرسة لن يفتح إلا بنهاية اليوم الدراسي - صور    عاجل: الذهب يحتفظ بمكانته في السوق المحلي رغم التقلبات العالمية    محافظ أسيوط يتابع رفع مخلفات هدم المباني بجوار سور جامعة الأزهر    السبت 21 سبتمبر 2024.. 20 جنيها زيادة جديدة فى أسعار الذهب وعيار 21 يسجل 3550 جنيها    انخفاض أسعار الفراخ والبيض في مصر اليوم 21 سبتمبر 2024    وزيرة التضامن الاجتماعي تستقبل سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر    ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    استراتيجيات بوتين في الحرب الأوكرانية.. الأسلحة النووية والسحر الروحي    وسائل إعلام إسرائيلية: إغلاق جزء من المجال الجوي المدني    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    جدول مباريات اليوم.. الأهلي في أفريقيا.. صلاح يواجه بورنموث.. وقمة الهلال والاتحاد    أحمد سليمان يتابع مباراة الزمالك الودية أمام فريق الشباب استعدادا للسوبر الإفريقي    علي فرج يتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش    توقعات حالة الطقس في مصر ليوم السبت 21 سبتمبر 2024: نهاية الصيف وبداية الخريف    إجراءات عاجلة من وزارة الصحة لمواجهة انتشار النزلات المعوية في أسوان    حبس 8 أشخاص لاتهامهم بسرقة 3 ملايين جنيه من مزرعة دواجن بالبحيرة    الأمن الاقتصادي: ضبط 12248 قضية سرقة للكهرباء ومخالفة شروط التعاقد خلال 24 ساعة    صور| شلل مروري بسبب كسر ماسورة مياه أسفل كوبري إمبابة    قتلت بنتها عشان علاج بالطاقة.. وصول المضيفة التونسية لمحكمة الجنايات    فرقة القوالي الباكستانية تشارك بأمسية خاصة خلال مهرجان سماع بالقاهرة    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    الاثنين.. انطلاق الملتقى ال18 لشباب المحافظات الحدودية بأسوان ضمن مشروع أهل مصر    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    هذا من قاله عمر عبد العزيز عن المخرج أحمد الجندي وأزمة السيناريو    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    بدء العام الدراسي الجديد.. ما هي خطة وزارة الصحة لتأمين للمنشآت التعليمية؟    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    إجراء عمليات ل98%؜ من إجمالي المسجلين على قوائم الانتظار بمستشفيات سوهاج الجامعية    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    ترشيدًا لاستهلاك الكهرباء.. تحرير 153 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الإغلاق    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    بداية العام الدراسي 2024.. نظافة ووجبات تغذية ولائحة انضباط جديدة    هاني فرحات وأنغام يبهران الجمهور البحريني في ليلة رومانسية رفعت شعار كامل العدد    رئيس "إسكان النواب": الحوار الوطنى أحدث زخما سياسيا خلال الفترة الأخيرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    بإجراءات جديدة.. المدارس تستقبل الطلاب في أول أيام العام الدراسي (تفاصيل)    أسعار الفاكهة في سوق العبور السبت 21 سبتمبر    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    الخدمة السرية الأمريكية تكشف تفاصيل الإخفاقات قبل محاولة اغتيال ترامب    وزير الخارجية: مصر تدعم جهود الحكومة الصومالية الفيدرالية الرامية لتحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحوة الإسلامية وإشكالات خصومها
نشر في المصريون يوم 11 - 07 - 2010

أما وقد كثر حديث خصوم الإسلام عن الصحوة الإسلامية وتكلم فيها من تكلم تبعا لهم دون تثبّت وتمحيص؛ فإنَّ ثمة ملحوظات تنتظم إشكالاتٍ ظاهرة في بعض تلك الطروحات حول (الصحوة الإسلامية) المظلومة، وفي هذه العجالة أتحدث - إن شاء الله تعالى -عن بعض هذه الإشكالات في نقاط، آملاً أن تكون كافية لباغي الخير ومريد الحق:
أولاً: الحديث عن (الصحوة الإسلامية) كما لو كانت حزبا أو تنظيماً أو جماعة أو فرداً.
والحديث على هذا النحو لن يخلو من خلل؛ لأنه يكون حينئذ مبنياً على سوء تصوّر. إذ من المعلوم لدى أهل الشأن من متابعي تاريخ الدعوات الإصلاحية في القرون المتأخرة، أنَّ الصحوة حراك عام في المجتمعات الإسلامية وما اتصل بها، يتجه بها نحو التدين والعودة للإسلام بشموله وكماله عقيدة وشريعة. ومن ثمَّ فإنَّ (الصحوة الإسلامية) تنتظم الحراك الإسلامي التجديدي الأصيل الذي يقوده أولو الأمر من علماء المسلمين الربانيين ومن التزم منهج الإسلام من زعمائهم وأمرائهم. وفي هذا يقول العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "هذه الصحوة التي تسر كل مؤمن، ويصح أن تسمى حركة إسلامية، وتجديدا إسلاميا، ونشاطا إسلاميا".
ثانياً: اختزال (الصحوة الإسلامية) في زمان ومكان بعينه؛ فثمة من يحصر (الصحوة الإسلامية) في بلد معين، ليس إلا إقليماً من الأقاليم العربية الإسلامية، أو مدة زمنية محدّدة، ليست إلا جزءاً من تاريخها.
وها هو الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، وهو أحد أشهر قيادات (الصحوة الإسلامية) يتحدث قبل عقدين من الزمن عن تاريخ الصحوة الإسلامية المتعالية في العالم الإسلامي واصفاً إيَّاها بأنَّها: "الحركة الإسلامية التي نشطت في أول هذا القرن (الهجري) وفي أواخر القرن (الهجري) السابق".
وثمة حديث كثير عن تاريخ نشأة الصحوة، غير أنَّ هذا التحديد لا يكاد يكون محل نزاع بين مؤرخيها ممن لهم إليها انتماء.
وقد أرَّخ بعض الغربيين للصحوة الإسلامية في المملكة - فقط - بالخمسينيات، ومع أنه ليس من المنصفين، إلا أن تأريخه هذا أصدق من تأريخ كثير من الناقدين لها من خصومها.
ثالثاً: حصر الحديث عن (الصحوة الإسلامية) سلباً أو إيجاباً في الحديث عن بعض الشخصيات التي لحقت بركابها وساهمت في تمددها ما بين مستمر وعارض..
وفي الفقرة السابقة يتضح أنَّ تاريخ (الصحوة الإسلامية) سابق لمولد كل الشخصيات التي يجعل بعضُ الناقدين لها بعضَ تصرفاتهم وما ينسبه خصومهم إليهم - حكماً على (الصحوة الإسلامية)! وكأنها منهم بدأت وإليهم تعود! وما هم إلا بعض من تشرّفوا بها وساهموا في توسعها. وتزداد مفارقة هؤلاء الناقدين للموضوعية حين يتم نقد (الصحوة الإسلامية) من خلال تلك التصرفات، كما لو كان أولئك متحدثين رسميين باسم (الصحوة الإسلامية) في كل أنحاء العالم!
رابعاً: تجاهل هؤلاء لتاريخ (الصحوة الإسلامية) ومكتسباتها على المستوى الإسلامي والعربي، بدءاً من تحرير أوائل قياداتها لأوطانهم من وطأة الاستعباد والنهب الأجنبي تحت مسمّى الاستعمار، وما صحب ذلك من انتفاضة فكرية داخل زمرة العاملين في الحقل الدعوي من أمثال المفكر الشهير مالك بن نبي مثلا، ومروراً بتصاعدها بعد سقوط الشعارات المستوردة التي سرقت النصر - على حين غفلة من الشعوب - ما بين شرقية وغربية، وثورية وانهزامية ومساهمة رموزها في حينه من علماء المسلمين ومفكريهم في كشف اللبس وإعادة الاعتزاز بالذات وإحياء أصالة الأمة، من خلال كشف تراثها ودفع آثار التغريب وكشف خططه، وبيان ما يسوغ من حضارته وما يسوغ من تمدنه وما لا يسوغ، وعودة أجيال ثانية من مبتعثيها للغرب - بعد تبنيهم للدعوة فيه - بروح إسلامية دخلت كل منشأة ومصنع ومؤسسة حكومية وأهلية إلا ما ندر وانتهاءً بتوسع (الصحوة الإسلامية) غير المؤطّر بإطارات إقليمية أو حزبية أو غيرها، وانتشارها بقوتها الذاتية - التي تنبع من مصدرها الإلهي - تلك القوة التي تحمل غير المسلم على تتبع مواقع دعوتها وإعلان إسلامه من داره، دون أن يطرق بابه أحد.
وهنا أدرك جيدا أن ثمة من سيُصدم بهذه العبارات التي تكشف شيئاً من واقعٍ ربما لم يعشه؛ لبعده عن أجواء الحياة العامة؛ ليصف ما يقرأ بالأسلوب الخطابي كعادة خصوم (الصحوة الإسلامية) حين تعوزهم الحجة!
غير أنَّ الحقائق صعب تجاهلها، ولا سيما حين يكتب عنها الموضوعيون من الأجانب، بدءا من مثل محمد أسد ومرورا بمراد هوفمن فلفريد، وانتهاء بالبروفيسور الفرنسي الليبرالي الحقيقي الحرّ جيسيير وذلك في كتابه الجديد: فوبيا الإسلام.
وفي هذا العصر: كم هو مؤسف أن يكون العدو هو المنصف!
وكنت كتبت موضوعاً خاصاً في مرحلة ما قبل الصحوة، وتأثير بقايا ألغامها في إعاقة الأمة عن نهضة أوسع وأسرع، وذلك في جواب سؤال في حينه. ووجدت أن الصحوة لم تكن حكراً على علماء الشريعة، بل ساهم فيها كثيرون من علماء المسلمين ممن تخصصوا في العلوم التطبيقية، وما مالك بن نبي إلا أحدهم. ولولا خشية استغراب بعض القراء لذكرت أسماء شهيرة لا أشك في مساهمتها في الصحوة الإسلامية بعد تفحص لجهودها، مع أنها قد تُعدّ عند كثيرين من خصوم الصحوة!
غير أنني هنا أذكَّر برجال قادوا الصحوة في مرحلة عاصرنا بعضها وأدركنا شيئا من صدى صوت من سبقها؛ فمن الذي لا يعرف الشيخ رشيد رضا في المجال العلمي والفكري والمشاريع العلمية الصحوية المتقدمة؟!
ومن الذي لا يعرف ذلك الرجل الذي كان بأمة! الرجل الذي كان قناة إسلامية تتوخّى الموضوعية وتتحمل الصعاب في صدق الكلمة، حين لم تكن ثم قناة عربية! من الذي لا يعرف الشيخ عبد الحميد كشك؟! ومن الذي يستطيع أن يجحد أثره في نشر الصحوة! حتى تخلف الأقباط عن أحد النصارى ليوفروا وقتهم لجمعة المسلمين، يسمعون في سياراتهم ويشاهدون من شرفات شققهم السكنية.
ومن الذي لا يعرف القاضي الجليل والمربي الكبير والأديب الفريد الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله! وذكرياته وذكريات صباه في مكتب عنبر! الذي تحدث فيه عن قيادات صحوية لا يكاد يسمع بها أحد! وكم هم أولئك الذين قدَّموا عملاً صالحاً، وإصلاحاً بالغاً دون أن يسمع بهم أحد! لكن الله لا يضيع عمل المصلحين.. وكم بين تلك الفئة الصالحة المصلحة وبين فئات تتحدث عن الإصلاح دون أن ترى لها أثراً في غير باب إعاقته، بدءا من تكيك الأمة في ثوابتها، ومرورا بتشتيتها، وانتهاء باستجداء أعدائها واستعدائهم عليها!
فرق بين من يحسنون العمل، وبين من يتبارون في الحديث عنه!
وفرق بين من يتبارون في العمل، ومن يتمارون في الحديث عنه!
ومع أنَّه لا يخلو بلد إسلامي من قيادات دعوية توصف بأنها من قيادات (الصحوة الإسلامية)، إلا أنَّ هؤلاء ما هم إلا أمثلة متنوعة العمل - يتفق على أَثرِها العارفون - لمن قادوا الصحوة قبل أن يظهر أحد ممن يُحاكم بعضُ الكتَّاب الصحوةَ إلى بعض تصرفاتهم أو إلى ما يحكيه خصومهم عنهم..
- نعم! (الصحوة الإسلامية) ليست معصومة من الأخطاء في أفرادها، إلا أنَّها بطبيعتها لا تقبل التوجيه من غير الناصحين فيها في الجملة، ولا تتسيغ النقد الشائن من الشانئين، فكيف إذا صدر من خصومها والحاقدين عليها؟!
لكن جمهورها يتقبل ويرحب ويهتبل الفرص في البحث عن النصح والتوجيه والرعاية من الناصحين من علمائها.
وها هم بعض إعلامييها يلاحقون أهل العلم يستنصحونهم، ويستشيرونهم، ويطرحون المشكلات بين أيديهم طرح طالب للحق لا مستكتب تدليس وتلبيس وإغواء، حتى وجدنا ثروة من العلم والعمل الفردي والمؤسسي الذي شرق به خصوم الصحوة من الأجانب وممن يحقق لهم المطالب.
وإليكم هذين المقطعين من جواب أحد قادة (الصحوة الإسلامية) الناصحين..
ورد إلى سماحة شيخنا العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله السؤال التالي:
س: ما هي نصيحتكم عموماً لتيار الصحوة الإسلامية الشبابية المتعالية الآن في العالم الإسلامي؟
ج5: هذه الصحوة التي تسر كل مؤمن ويصح أن تسمى حركة إسلامية وتجديدا إسلاميا ونشاطا إسلاميا - يجب أن تشجع وأن توجه إلى الاعتصام بالكتاب والسنة وأن يحذر قادتها وأفرادها من الغلو والإفراط عملا بقول الله عز وجل: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)) وقوله صلى الله عليه وسلم ((هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون))، ويجب عليهم أن يتوجهوا إلى الله دائما بطلب التوفيق وصلاح القلوب والأعمال، والثبات على الحق، وأن يعنوا عناية تامة بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا وتعقلا، وعملا بالسنة المطهرة؛ لأنها الأصل الثاني، ولأنها المفسرة لكتاب الله كما قال الله عز وجل: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾، وقال عز وجل: ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُم الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ كما يجب على الدعاة إلى الله أن يستغلوا هذه الحركة الإسلامية بالتعاون مع القائمين عليها والمذاكرة معهم والحرص على إزالة الشبه التي قد تعرض لبعضهم عملا بقول الله عز وجل: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾.
كما ورد إليه رحمه الله سؤال آخر:
ما رأي فضيلتكم في ترشيد هذه الصحوة، وما هي المحاذير التي تخافونها على هذه الصحوة؟
أجاب رحمه الله: إنَّها "تبشر بخير وأنها بحمد الله حركة منتشرة في أرجاء المعمورة، وأنها - في مزيد وتقدم. وأن الواجب على المسلمين دعمها ومساندتها والتعاون مع القائمين بها، ولا شك أن القائمين بها يجب أن يدعموا ويساعدوا وأن يحذروا من الزيادة والنقص، فإن كل دعوة إسلامية وكل عمل إسلامي، للشيطان فيه نزغتان: إما إلى جفا، وإما إلى غلو. فعلى أهل العلم والبصيرة أن يدعموا هذه الدعوة وأن يوجهوا القائمين بها إلى الاعتدال والحذر من الزيادة حتى لا يقعوا في البدعة والغلو، والحذر من النقص، وحتى لا يقعوا في الجفا والتأخر عن حق الله، وأن تكون دعوتهم وحركتهم إسلامية مستقيمة على دين الله، ملتزمة بالصراط المستقيم الذي هو الإخلاص لله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم من غير غلو ولا جفا، وبذلك تستقيم هذه الحركة وتؤدي ثمارها على خير وجه. وعلى قادتها بوجه أخص أن يهتموا بهذا الأمر وأن يعتنوا به غاية العناية حتى لا تزل الأقدام إلى جفا أو غلو. والله ولي التوفيق".
وأخيراً:
إنَّ الجناية على الصحوة وتاريخها على النحو الذي يتبناه خصوم منهجها، صورة من صور العار الذي سيكتبه التاريخ عليهم لا لهم، والعار الذي ولّده فكر العدوان من جهة، و فكر النكران من جهة أخرى؛ وهما فكران ينهلان من كمِّ الصحافة لا من كيف الثقافة، ومن مقالات الخصوم لا من عناء البحث.. وهي طريق تحدّث عنها القرآن في بعض أخلاق من سبق، ممن اشتغلوا بالصدّ عن سبيل الله تحت شعارات مختلفة، وفي الإشارة ما يختصر العبارة..
وكم مبتغ للحق مخطئ طريقه، وكم عارف للحق عازف عنه:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ﴾.
فهل يرفق هؤلاء بأنفسهم؟ فإنَّ الصحوة الإسلامية ماضية ما التزمت بمصدرية القرآن والسنة ومنهج سلف الأمَّة، وخصومها غير قادرين عليها مهما أوتوا من قوّة..
وصدق من قال: (الصحوة في أضعف حالاتها ككرة عجين في يد ظالم، كلَّما شدّد قبضته عليها، كلَّما وجدت طريقها إلى النور من بين أصابعه!!).
وها هي الصحوة تنطلق في مرحلتها التاريخية الحالية في ديار الغرب، حتى صارت الأطباق الفضائية رمزاً للصحوة الإسلامية في تلك الديار تارة، بل وخرجت - رغم ترويج فتاوى كشف الوجه - من تحت النقاب تارة أخرى، فلا عجب أن وضعت راند خطة لمحاصرتها فيما سمته (الأطراف)، بعد اليأس من القلب وما حوله..
وأخيراً:
فها هو صمويل هنتجنتون وهو يحكي يأساً من القضاء على الصحوة: "إنَّ الإخفاق العام للديمقراطية والليبرالية في أنّ تثبت وجودها في المجتمعات الإسلامية، هو ظاهرة مستمرة، ومتكرِّرة، ولمدة قرن من الزمان بالكامل، بداية مع أواخر القرن التاسع عشر".
وصدق الله العظيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ َالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].
*أكاديمي ومفكر سعودي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.