مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء    محافظ الإسماعيلية يوافق على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني    حماس ترفض زيارة الصليب الأحمر للأسرى في غزة    وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على اجتياح لبنان    ناصر منسي: هدفي في السوبر الإفريقي أفضل من قاضية أفشة مع الأهلي    ضبط نسناس الشيخ زايد وتسليمه لحديقة الحيوان    انخفاض الحرارة واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء    أحمد عزمي يكشف السر وراء مناشدته الشركة المتحدة    صحة دمياط: بدء تشغيل جهاز رسم القلب بالمجهود بالمستشفى العام    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    كيفية التحقق من صحة القلب    موعد مباراة الهلال والشرطة العراقي والقنوات الناقلة في دوري أبطال آسيا للنخبة    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    كيف استعدت سيدات الزمالك لمواجهة الأهلي في الدوري؟ (صور وفيديو)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    تم إدراجهم بالثالثة.. أندية بالدرجة الرابعة تقاضي اتحاد الكرة لحسم موقفهم    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



41 سبباً اقتنعت بها محكمة النقض وألغت حكم الإعدام علي المتهمين في قضية «سوزان تميم»
نشر في الدستور الأصلي يوم 06 - 03 - 2010

جميع إجراءات التحقيق باطلة.. لأن السكري خضع للتحقيق دون محامٍ وتم ضبطه دون إذن من النيابة.. وما تم اتخاذه مع «هشام» كان قبل رفع الحصانة عنه كل أدلة الإدانة مبنية علي الظن والاحتمال ولا يوجد دليل قاطع في أوراق الحكم بثبوت الاتهام
هيئة المحكمة التي قضت بإعادة محاكمة هشام والسكري أمس الأول
هل كان «فريد الديب» محامي هشام طلعت مصطفي محقاً في الإسراف في أدائه المسرحي اللافت والمميز أمام محكمة «أول درجة والنقض» في معرض دفاعه المثير عن رجل الأعمال البارز المتهم في قضية مقتل «سوزان تميم»؟
عملاً بالقول المأثور «لكل مقام مقال» يبدو ذلك صحيحاً إلي حد بعيد.. بالنظر إلي القضية التي صدر حكم النقض فيها أمس الأول بإلغاء قرار إعدام المتهمين فيها «هشام طلعت» و«السكري»، مستنداً إلي قناعة هيئة المحكمة المشكلة من «11 قاضياً يرأسهم المستشار عادل عبدالحميد» رئيس محكمة النقض بمذكرة الطعن التي قدمها «الديب» متضمنة 41 سبباً لإلغاء حكم الإعدام بل لنسفه من الأساس.
يبدو استعراض ما حوته هذه المذكرة الواقعة في 422 ورقة مهماً من هذا المنطلق.. لأنها وببساطة تنقلنا من أجواء المحاكمات إلي قاعات أحد المسارح إن جاز التعبير .
تفاصيل المذكرة تنقل إليك هذا الإيحاء.. أنت أمام مسرحية تبدو كأنها تتمتع بحبكة صارمة لكنها في الواقع مهلهلة وبلا قوام يشد أوصالها بعضاً إلي بعض.
ليس هذا فحسب بل إنها تترك انطباعاً بأن القضية لاتزال مفخخة بالألغاز.. وعلامات الاستفهام.. والفخاخ التي نصبت عمداً في مفاصل القضية كي لا تكون بلا عمر يمنحها صلابة الصمود في وجه درجات التقاضي وبين يدي المحامين المخضرمين.. ويتم إسدال الستار علي المشهد الأخير في مسرحية «شد ودان هشام طلعت مصطفي».
لا تقتصر أهمية مذكرة الطعن علي أنها أثارت ما سبق فحسب.. بل إنها تتجاوز ذلك إلي إعادة ترتيب أحداث القضية من جديد وفق وقائع مؤصلة وموثوقة.. لنطرح قصة جديدة في متناول المتابعين والقضاء علي حد سواء، لكنها لم تكتف بذلك أيضاً، بل فوضت الأسس التي قامت عليها الرواية الأولي التي قطعت بتورط «هشام طلعت مصطفي» في القضية.
تصدي «الديب» بالعرض والتحليل لعدد من الأخطاء الإجرائية الساذجة جداً في تحقيق الدعوي منذ الإعلان عن تورط «هشام طلعت» في القضية.. وليس المقصود بذلك من إثارة حول بطلان حكم الإعدام لصدوره من محكمة غير متخصصة، ولا عدم صلاحية القاضي الذي أصدر الحكم لوجود مانع قانوني، ولا حتي الإخلال بحق الدفاع أثناء نظر القضية.. بل الأمر أبسط من ذلك وأكثر سذاجة.. وهو هنا يتعلق بمخالفة القانون في إجراءات التحقيق وتحريك الدعوي.. وطريقة مباشرة النيابة للتحقيقات.
فقد أكد الدفاع بطلان تحقيقات النيابة جميعها، لأن الطلب الذي تم تقديمه من السلطات الإماراتية للنيابة المصرية لمباشرة إجراءات الاتهام لم يستوف الشروط القانونية، كما تقضي الاتفاقية الموقعة بين البلدين.. فالطلب لم يسلك الطريق الدبلوماسي المعروف مصحوباً بالمستندات والوثائق، لكن ما تم هو أن السلطات الإماراتية طلبت تسليم المتهم الأول «السكري» تحديداً لمحاكمته هناك، وهو ما رفضته السلطات المصرية، لكن دبي ظلت مصرة علي طلب التسليم والاستدعاء منذ تاريخ 9 وحتي 16 أغسطس من عام 2008، ثم تبع ذلك قيام النيابة المصرية بمباشرة التحقيق وحبس المتهم الأول واستدعاء الثاني «هشام طلعت» ومنعه من السفر مع أن كل ذلك تم دون أن تقوم السلطات المركزية في الإمارات بتقديم طلب توجيه الاتهام إلي نظيرتها في مصر..
وهو الخطأ الذي تم اكتشافه فيما بعد وحاولت السلطات الإماراتية تداركه وفقاً للطريقة القانونية والرسمية الحتمية لكن بعد صدور قرار الإحالة.
خطأ آخر مضحك جداً.. وهو إجراءات ضبط «محسن السكري».. المذكرة تؤكد أن القبض عليه تم بالمخالفة للقانون.. إذ تم ضبطه دون أن يكون متلبساً ودون إذن من النيابة العامة، وهو وفقاً للقانون مما يستوجب بطلان ما أدلي به من اعترافات علي الأقل وحول هذا الخطأ أثار الدفاع نقطة كاشفة ردت بها المحكمة عليه عندما أثارها أمامها بالقول: إن الضابط الذي ألقي القبض علي «السكري» لم يخالف القانون لأن ما قام به كان مجرد إجراء تحفظي باعتباره من مأموري الضبط القضائي، وهو ما واجهه الدفاع بأن إجراء التحفظ لا يتم إلا في حالة التلبس.
أما الغريب فعلاً أن «السكري» عندما خضع للتحقيقات بمعرفة رئيس نيابة بالمكتب الفني للنائب العام، فإن كل ذلك تم دون حضور محام معه، ودون أن تقوم النيابة من تلقاء نفسها كما ينص القانون بندب محام عنه، وهو ما يبطل إجراءات استجواب «السكري».
لكن الغريب فعلاً أن المحكمة والنيابة أوردتا في دورهما علي ذلك سبباً مدهشاً، وهو أن المتهم لم يدل باسم محاميه إضافة لتعذر إحضار محام خوفاً من ضياع الأدلة.
خطأ فادح آخر لا يقل غرابة عما سبق، وهو ما ساقه الدفاع فيما يخص الإجراءات التي تمت مع «هشام طلعت مصطفي» والمتعلقة بإحالته للمحاكمة وقبلها التحقيق معه ومنعه من السفر وبيان بالمكالمات والرسائل التليفونية «منه وإليه» وندب سفير لتفريغها.. قال الدفاع إن كل ذلك تم قبل رفع الحصانة البرلمانية عنه من مجلس الشوري في 25 أغسطس عام 2008، وهو ما يؤسس لبطلان جميع التحقيقات والإجراءات، وبالتالي بطلان أي دليل مستمد منها.
والبطلان ينسحب علي الاعترافات والتسجيلات التليفونية وجمع الأدلة الأخري التي رأت محكمة أول درجة أنها أدلة كافية للإدانة وإصدار الحكم بالإعدام.
هنا لعب الدفاع علي قاعدة «ما يبني علي باطل فهو باطل» وهذه ليست مهارة تحسب له، بل واضح للعيان في ضوء ما سبق أن الأخطاء التي وقعت فيها سلطات التحقيق مكشوفة وصريحة وتعلن عن نفسها بنفسها.
وللتوضيح لو افترضنا أن معاوناً للنيابة تولي عمله للتو في منطقة نائية ونادراً ما يصادف أي مشاكل.. وليست لديه أي خبرة فإنه يدرك جيداً أن «أ.ب» تحقيق مع أي متهم.. هو إثبات حضور محام معه.. أو ندب محام إذا لم يحضر معه محام «حتي لو كان منتظراً» علاوة علي وجود إذن من النيابة بضبط هذا المتهم إذا كان القبض عليه سيكون في غير حالات التلبس.
أما وأن سلطة التحقيق هنا تمت بمعرفة المكتب الفني للنائب العام وتحت إشرافه شخصياً.. فلا يعقل أن يقع رؤساء النيابة الذين تولوا التحقيق في مثل هذه الأخطاء التي تنسف أي قضية مهما كانت قوة أدلة الاتهام، وهو ما يعيدنا إلي ما بدأنا به وهو فكرة تفخيخ القضية بالإجراءات الباطلة حتي يسهل تفويض دعائمها.. وهو ما ستفشل الدائرة الجديدة في تبريره أو تسويغه قانوناً لأنه من المستحيل إعادة الإجراءات مرة أخري.
نأتي إلي موضوع القضية ذاته.. والقرائن التي اعتمدت عليها المحكمة في حكمها.. وهو ما تطرقت إليه مذكرة الطعن بالنقض بالتفصيل والتمحيص.. والتطرق إليه بالشكل الوارد في المذكرة يضع القضية برمتها في مرمي استهداف شكوك لا حصر لها.
المقصود هو ما يتعلق بأدلة اشتراك «هشام طلعت مصطفي» في الجريمة عن طريق التحريض والإنفاق والمساعدة، والتي أوردتها محكمة أول درجة كالآتي: اعترافات «السكري» وثبوت إيداع «هشام طلعت» 150 ألف جنيه استرليني ببنك
H.S.B.C) ) في حساب «السكري» في وقت معاصر لارتكاب الجريمة والرسائل المتبادلة بين المتهمين وتحديداً الخاصة بطلب إيداع 10 آلاف جنيه استرليني في حساب «السكري» يوم 29 مايو عام 2008 بعد ساعة واحدة من
ورود الرسالة.. إضافة للرسائل والمكالمات التي يفيد فيها بإلحاح «هشام» علي «السكري» لتنفيذ الجريمة وقتل «سوزان» وعدم موافقة والدة «هشام» علي الزواج من «سوزان» وشهادة محامية «سوزان تميم» اللبنانية «كلارا الرميلي» خلال جلسات المحاكمة الخاصة بقضية تعارف «هشام» علي «سوزان» وتصاعد الخلافات وإقامة «هشام» دعوي ضد «سوزان» في سويسرا لتجميد أرصدتها المسحوبة أصلاً من أمواله، وأخيراً إفادة الإنتربول الإنجليزي بتقديم «سوزان» شكوي ضد «هشام طلعت» تتهمه فيها بتهديدها بالقتل قبل وقوع الجريمة بوقت قصير.
جميع ما سبق من أدلة عولت عليها محكمة أول درجة في إدانة المتهمين والحكم عليهما بالإعدام، تبدو أدلة وقرائن مقنعة ودامغة لكن المنطق القانوني يأبي ذلك ولا يستسيغه لأنها جميعها أسست علي الظن والاحتمال لأن جميع القرائن ليست منصبة بالأساس علي واقعة التحريض.
علاوة علي ما استندت إليه المحكمة من واقع اعترافات والد المجني عليها «عبدالستار خليل تميم» بتحقيقات دبي، والتي اشتملت علي النزاع القائم بين ابنته و«هشام طلعت» لكنها لم تحمل أي اتهام له يقوله صراحة «كلا لا أشك في أي أحد أن يقوم بواقعة قتلها وأتمني أن تساعدوني في الوصول إلي الجاني وهذه أقوالي وأتحمل مسئوليتها وعلي صحتها أوقع».
وأوضح الدفاع أن الحكم الجنائي لا يقام إلا علي الأدلة القاطعة والجازمة التي لا يتطرق إليها شك أو أقل احتمال أو ظن.
ومضي الدفاع قائلاً: إنه إذا كانت المحكمة تستخدم سلطتها في تجزئة أقوال الشاهد، فإن ذلك جاء بتغيير فحواها، وهو ما لا يجيزه القانون الذي يشترط للاجتزاء أن يكون يفيد بتر فحوي الشهادة، وهو ما يضرب الاستدلال منها علي الإدانة في مقتل.
من قبيل ذلك أيضاً شهادة «محمود زياد الأرناؤوط» ابن خالة المجني عليها في تحقيقات دبي وقوله إن «سوزان» أقرت له بأنها تعرضت في لندن إلي تهديدات بالقتل من أشخاص لم تحددهم، وكذلك حال وجودها بمصر، وأنها أخبرت المحامي بأن لديها شهادة تفيد بأنها رفعت دعوي تزوير ضد «عادل معتوق» وقوله إنها أخبرته أيضاً أن «هشام طلعت» كان يهددها بالقتل، وكان يرسل لها رسائل تحتوي علي ألفاظ نابية.. الغريب حسب مذكرة الطعن أن الأرناؤوط أوضح في شهادته أن المجني عليها أخبرته فقط بأن التهديدات التي وجهت إليها كانت من «عادل معتوق»، ونص أقواله جاءت كالتالي: «ذكرت لي المغدورة «المجني عليها» أنها كانت تتعرض لتهديدات من الهاتف وهي في بريطانيا، وكذلك عندما كانت بمصر، وبدأت قصة التهديدات معها عندما كانت بلبنان كونها مطربة وكان هناك المتعهد الفني لها المدعو «عادل معتوق» وحاول أن يؤذيها عندما رفضت العمل معه، وكان قد تقدم بدعوي أنها زوجته، وكان هذا العقد مزوراً وهربت إلي مصر واستقرت سنتين بها وكان يؤذيها بالاتصال والإزعاج لدرجة أنه استأجر أربعة أشخاص ووضعوها في غرفة لمدة يوم واحد وأخرجوها بعدها».
وقالت المذكرة بعد أن أوردت هذه الشهادة لابن خالة المجني عليها إن المحكمة اعتقدت خطأ أن الشاهد قال إن المجني عليها كانت تتلقي تهديدات من أشخاص لم تحددهم في حين أن الثابت أنه أقر بأن التهديد كان صادراً عن «عادل معتوق» وليس عن أشخاص لم تحددهم. وهو خطأ كما هو واضح ساذج جداً في تحصيل أقوال الشهود، وهو كاشف في الوقت نفسه عدم تمحيص أدلة الدعوي التمحيص المفترض للوصول إلي الحقيقة.
وعلي هذا المنوال.. شهادة البائعة في محل «صن آند ساند» بدبي الذي اشتري منه «السكري» ملابسه.. فهذه الشهادة من الأدلة التي وردت بحيثيات حكم محكمة أول درجة، التي قالت إن الشاهدة تعرفت علي «السكري» من صورة جواز سفره التي عرضت عليها، وأدلت بأوصافه تفصيلياً، في حين أنها قالت نصاً: «لا أتذكر شكل الملابس.. لا أتذكر الشخص أصلاً وأساساً أو ماذا يرتدي من ملابس حينها لكوني منشغلة في عملي وبأشخاص آخرين أثناء وجودي في صندوق الحاسبة» هذه أقوال البائعة في محضر الشرطة، وما أقرت به في تحقيقات النيابة كان نصه «لا أعرفه.. إلا أن جسم صاحب الصورة الملونة المعروضة عليَّ يشبه جسم شخص حضر إلي المحل واشتري الحذاء والبنطال وهو شخص قوي البنية وشخص من هويته مع زميلي أنه مصري الجنسية».
قطعت إذن الشاهدة أمام الشرطة والنيابة بأنها لم تتعرف علي صاحب الصورة الخاصة ب«محسن السكري»، وهو ما يأتي علي العكس تماماً، مما أوردته المحكمة في حكمها بأن الشاهدة تعرفت علي المتهم الأول «محسن منير السكري».
وبناء عليه تكون المحكمة قد كونت عقيدتها في الدعوي بناء علي دليل لا أصل له بالأوراق بل يخالف الثابت بها.
من قبيل هذه الأخطاء أيضاً والمتعلقة بالإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق قول المحكمة في حيثياتها إنها شاهدت المتهم الأول أثناء مشاهدة تفريغ كاميرات فندق الرمال الذي وقعت به الجريمة، وهو أمام مصعد الدور الثامن بفندق شاطئ الواحة، وكان يرتدي «تي شيرت» داكن اللون به قلم رفيع غامق وبنطلون طويل داكن اللون وحذاء أسود ويضع فوق رأسه «كاب» وكان يمسك «شنطة» بلاستيك سوداء اللون تحمل علامة V)) وهي العلامة الخاصة بشركة «نايك» ثم شوهد المتهم بذات الهيئة يخرج من الباب الرئيسي في الساعة 25.8 صباحاً.
هذا ما قالته المحكمة لكن المذكرة أكدت أن الثابت بمحاضر الجلسات صفحتي 391 و393 أنها لاحظت عدم وضوح ملامح الشخص في تلك الصور التي عرضت عليها ولهذا أمرت بتكبيرها وبعد أن تم تكبيرها أثبتت المحكمة في صفحة 993 بمحاضر الجلسات أنها لاحظت أن تكبير الوجه ضيع ملامحه أو معالمه.
وتذهب مذكرة الطعن إلي أن المحكمة قد أثبتت في حكمها الواقعة بخلاف ما هو ثابت بمحضر الجلسة عن تلك الصور التي عرضت عليها رغم أنها نفس الصور التي عرضت عليها في ذات التوقيت واليوم ولذات الشخص.
خطأ آخر في الإسناد وفساد جديد في الاستدلال أوردته مذكرة الطعن، وهو ما يتعلق بالدليل المستمد من شهادة محامية «سوزان» «كلارا إلياس الرميلي» في جلسة المحكمة المنعقدة بتاريخ 22 ديسمبر عام 2008، وهي قول المحكمة بأن الشاهدة أقرت بأن «سوزان» أخبرتها بأنها تقدمت بشكوي ضد «هشام طلعت» في لندن بأنه يهددها بالقتل وأنها ستعمل علي منعه من دخول لندن.. في حين جاءت أقوال الشاهدة حسب المذكرة في محضر الجلسة كما يلي: «وكانت دائماً تردد أن هشام مش عايزها تخش مصر ولحد ما اتصلت بيها مرة وقالت لي إنها قدمت شكوي ضد هشام في لندن وأن هوه هددها بالقتل وأنا سألتها هو ده صحيح؟ قالت لا.. وقلت لها عيب أخوكي عنده في مصر وعنده مشكلة وهو يوكله محامين وقالت زي ما هو منعني من دخول مصر أنا هامنعه من دخول لندن وأنا حاطة رجل علي رجل» ص213 من محاضر جلسات المحاكمة.
الشاهدة أوضحت صراحة أمام المحكمة أن المجني عليها ذكرت أن اتهامها ل«هشام» بتهديدها بالقتل لم يكن صحيحاً، وأن الشكوي كانت بسبب منعه لها من دخول مصر، وعليها أن ترد عليه بالمثل، لكن المحكمة اجتزأت الشهادة وأهملت إجابة المجني عليها بنفي تهديد «هشام طلعت» لها بالقتل.. وهذا الاجتزاء ترتب عليه مسخ الشهادة وتغيير فحواها وإحالتها عن المعني المفهوم من صريح عباراتها.
وبخصوص المكالمات والرسائل المتبادلة بين المتهمين والتي كانت معاصرة لوقت ارتكاب الجريمة فلا يستقيم الدليل القائم عليها، لأن إحدي الرسائل مثلاً تقول إن «السكري» طلب من «هشام» عنوان «سوزان» في حين أن نص الرسالة هو إرسال رقم «سوزان» وليس العنوان، كما أنه لا توجد رسالة واحدة تتحدث صراحة عن موضوع قتل «سوزان».
أثارت المذكرة أيضاً إهمال المحكمة الدفع الخاص بتحليل الحامض النووي DNA)) الذي تحدث عن تقرير الدكتورة «فريدة الشمالي» بدبي، والذي تضمن العثور علي البصمة الوراثية الخاصة بالمتهم الأول «محسن السكري» مختلطة بالبصمة الوراثية الخاصة بالمجني عليها، وذلك في العينة التي قالت الشاهدة إنها أخذتها من فتحة ال«تي.شيرت» المدمم، وجاء بهذا الدفع كما هو ثابت بجلسة 15 مارس عام 2009 أن هذا القول غير صحيح بالمرة لأن الDNA)) الخاص ب«محسن السكري» من فتحة ال«تي.شيرت» المدمم الذي قيل إنه تم العثور عليه في صندوق الحريق.. ليس «تي.شيرت» وإنما قميص كما هو ثابت بمحضر الانتقال والمعاينة الذي حرره «شعيب علي أهلي» وكيل نيابة البر بدبي في يوم 28 يوليو عام 2008 الساعة التاسعة وأربعين دقيقة مساء، والذي أثبت فيه أن الملابس عبارة عن «قميص» وليس «تي.شيرت» بني مخططاً بالوردي مقاس M ماركة موركس عليها دماء.. وترينج سوت أسودة اللون ومرفق به رسالة مدون عليها BonD للعقارات عليها آثار دماء للمجني عليها، وهو ما يتعارض مع ما ورد بتقرير الطب الشرعي وإثبات أن أخذ العينة كان من تي شيرت وليس من قميص.
كما أن ماركة «موركس» هي ماركة ملابس حريمي وليست من ماركات الملابس الرجالي، وتم تزوير الماركة بشكل لا يتفق مع «اللوجو» وهو ما بررته النيابة المصرية بقولها إن وكيل النيابة الإماراتي وقع في خطأ مادي عندما قال إن الملابس التي تم العثور عليها قميص وليست تي شيرت.
وأكد الدفاع أن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفع ولم تمحص لا هو ولا الأدلة التي قدمت لتأكيد صحته، وأصرت علي الأخذ بتقرير الطب الشرعي الذي جاء متناقضاً مع ما أثبتته محاضر التحريات بدبي.
وتنتهي مذكرة الدفاع المثيرة بتناقض طريقة ارتكاب الجريمة التي اقتنعت بها المحكمة مع الطريقة التي أوردها الطب الشرعي، حيث ذكرت المحكمة أن المتهم انقض علي المجني عليها لحظة مطالعتها رسالته ثم كمم فمها وأسقطها أرضاً واستل مطواة ماركة «باك» وقام بنحرها فأحدث بها الجرح الذي أدي إلي موتها، وأثناء مقاومتها حدثت باقي الإصابات.. أما تقرير الطب الشرعي الذي ذكره الطب الشرعي أمام المحكمة والمثبت في محاضر الجلسة المنعقدة بتاريخ 20 ديسمبر عام 2008 فقال إن الجرح الذبحي حدث بالمجني عليها أثناء نومها علي ظهرها.. أما الإصابات الأخري فهي نتيجة رد فعل دفاعي «مقاومة» ولا يمكن حدوثها بعد نحر الرقبة لأنه لا يتصور المقاومة بعد الذبح.
هذا غيض من فيض حفلت به مذكرة الطعن بالنقض.. وهو ما اقتنعت به محكمة النقض.. لكن الغريب كم الأخطاء التي رافقت القضية منذ بدايتها وكأنها متعمدة.. والأغرب أن جميع الأسباب التي استندت إليها محكمة أول درجة تقريباً تم دحضها بأدلة دامغة.. وهو ما يثير العديد من الألغاز كل منها بحجم ما أثارته القضية ولاتزال تثيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.