قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى الذى صدر أول من أمس وحدد صلاحيات نائبه أثار جدلا على الساحة السياسية، فرغم استحسان كثيرين ضرورة وضع صلاحيات واختصاصات محددة تخرج منصب نائب رئيس الجمهورية من كونه مجرد منصب شرفى ليصبح منصبا حقيقيا يلعب دورا واضحا فى إدارة أمور الدولة، فإن مجىء القرار من قِبل الرئيس مرسى يفتح النقاش من جديد حول وضعية منصب نائب رئيس فى الدستور الجديد ومدى الزاميته للرئيس بضرورة وجود نائب له بصلاحيات واضحة، أم أن قرار مرسى اختيار مكى ووضع صلاحيات له سيتجاوز الفترة الانتقالية التى نحياها بإعلانات دستورية متتالية، ليصبح واقعا فى الدستور الجديد، كما كان فى الدستور الصادر فى 1971 الذى نصت مادته «139» على أن للرئيس الحق فى تعيين نائب أو أكثر وأن يحدد لهم اختصاصهم. بجانب ذلك يرى كثير من القانونيين أن الصلاحيات التى وضعها الرئيس لنائبه ضعيفة جدا، وأن نص القرار يفرض على النائب ممارسة صلاحياته فى توقيتات بعينها، مما يشير بشكل أو بآخر إلى تقويض وجوده.
الفقيه الدستورى وأستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق محمد نور فرحات قال ل«التحرير» إن نص الإعلان الدستورى يكفل الحق لرئيس الجمهورية فى تعيين نائب أو أكثر له، وكذلك تحديد مهام النواب بما يراه الرئيس، أى أن ما فعله الدكتور محمد مرسى أمر سليم من الناحية الدستورية، ويعد من صميم تخصصاته.
فرحات أضاف أن الرئيس قد أعطى نائبه المستشار محمود مكى طبقا للقرار الجمهورى الذى حدد صلاحياته نوعين من الصلاحيات، الأول ينطوى على أن يحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس فى حالة وجود مانع طارئ يحول دون ممارسة الرئيس مهامَّه مثل المرض أو السفر، أما النوع الثانى فيتعلق بما يسنده الرئيس من مهام إلى النائب، مشيرا إلى أن هذه الصلاحيات تعنى أن النائب يباشر فقط ما يسنده إليه رئيس الجمهورية من صلاحيات، وأنه لا توجد له صلاحيات مستقلة بذاتها.
من جانبه، قال رئيس مجلس الدولة السابق المستشار محمد حامد الجمل، ل«التحرير»، إن الدول الديمقراطية يختار الرئيس بها نوابه ويعينهم، وهو ما نسير عليه الآن، إلا أننا خالفنا قواعد الديمقراطية فى تحديد صلاحيات الرئيس، وطبقا لنص الإعلان الدستورى المصرى فإن الرئيس أيضا يحدد مهام نائبه، وقد جاء فى نص القرار الصادر من الرئاسة والذى يحدد صلاحيات الرئيس بأن النائب يمارس الأعمال الضرورية فقط، كما أن ممارسة تلك الأعمال تتم بتفويض من الرئيس طبقا للقرار، ومن المتعارف عليه أن التفويض من الممكن إلغاؤه فى أى وقت، ليصبح النائب بلا صلاحيات، مما يعنى أن ذلك تقويض لصلاحيات نائب الرئيس.
الجمل أشار إلى أنه نتيجه لأن الدستور المؤقت يقول إن الرئيس يستطيع تعيين نائب أو أكثر، فالرئيس يطبق الدستور بما يراه مناسبا له، فيقوم بتعيين نائب ثم يقوض صلاحياته، الأمر الذى يوجب تحديد صلاحيات نائب الرئيس فى الدستور، وقال «فى الوضع الحالى رئيس الجمهورية يمارس السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولا يعطى لنائبه سوى الفتات، ويتضح مما تم خلال الفترة الماضية أن الرئيس يمارس بنفسه وينفرد بكل السلطات، لا سيما فى ما يخص الأمور المتعلقة بالمناصب العليا والقيادية، الأمر الذى يزيد من وضوح انعدام صلاحيات النائب، وعدم ملاءمتها للمنصب».