يبدو أن الاتجاهات داخل الحكومة الجديدة تسير فى الاتجاه المعاكس لرغبات المستهلك، أو بالتحديد المواطن الغلبان، حيث بدأت الحكومة استنفار قواها لتحميل المواطنين أخطاء الحكومات السابقة، حيث أعلنت سابقا عن نيتها رفع الدعم عن بعض المواد البترولية، والعمل بخطة الكوبون فى أنابيب البوتاجاز، ليأتى وزير المالية الدكتور ممتاز السعيد أول من أمس «الإثنين»، بتصريح يؤكد أن الوزارة تدرس جديًّا فرض ضريبة جديدة على مكالمات المحمول، قدَّرها مبدئيا بقرش واحد على كل مكالمة. ولم يكد يزول تأثير ضريبة مبيعات ال51 قرشا، التى بدأت شركات المحمول تحصيلها فعليا من المستخدمين شهريا منذ مارس الماضى، بعد تراجع أرباحها والإعلان عن عدم قدرتها على تحمل تلك الضريبة مستقبلا، حتى جاءت تصريحات وزير المالية بشأن ضريبة إضافية، لتتسبب فى جدل كبير بين شركات المحمول وخبراء الضرائب، فى مدى إمكانية تطبيق تلك الضريبة الجديدة، خصوصا أن مستخدمى المحمول يتجاوز عددهم 92 مليون مستخدم.
شركات المحمول التى فوجئت بتصريحات وزير المالية، حسب مسؤولين بداخلها رفضوا ذكر أسمائهم، أوضحوا أن تصريحات الوزير عن إمكانية فرض ضريبة جديدة على مكالمات المحمول، هى تصريحات غير واقعية ويصعب تطبيقها عمليا، فضلا عن أن مثل هذه الضريبة لا يمكن أن تكون على المكالمات إطلاقا، نظرا لأن هناك مكالمات مجانية فكيف تحصُل الحكومة على مقابل مادى من مكالمات مجانية؟ كما أن هناك عملاء يدفعون فاتورة شهرية ولهم حصة شهرية من الدقائق، فكيف يتم تحصيل الضريبة منهم. مؤكدين أن الضريبة على المكالمات أمر معقد يصعب تطبيقه، وسوف تؤثر سلبا على سوق المحمول.
المصادر تابعت: إن تعريفة المحمول فى السوق حاليا لا تعمل بسعر الدقيقة، لكن تعمل بنظام الباقة، فكيف يحصل المستخدم على حزمة دقائق تبلغ 120 دقيقة مقابل جنيه يدفعها لشركة المحمول، وفى المقابل يدفع 120 قرشا للحكومة؟ وأشارت المصادر إلى أن الضريبة تُفرض على الأموال لا المكالمات كما صرح وزير المالية، إضافة إلى أن إقرار أى ضريبة يستلزم إصدار قانون، وعرضه على مجلس الشعب أولا، أم أن رئيس الجمهورية قد يصدر قانونا بهذا الصدد؟ كما نفت تلك المصادر أن يكون هناك أى نوايا لدى الشركات أن تتحمل تلك الضريبة عن المستهلكين. هانى الحسينى خبير الضرائب، قال ل«التحرير» إن الضريبة الجديدة التى صرح وزير المالية منذ أيام بأنه يدرسها جديا، لن يكون لها أى مشروعية، موضحا أنه بالفعل هناك ضريبة مبيعات مطبقة على كروت الشحن والفاتورة، لافتا إلى أن هذا يعد لجوءًا إلى ضريبة غير مباشرة وهو ما يعد حملًا على المواطنين، واستسهالًا من الحكومة فى تحصيل الأموال. الحسينى تابع قائلا إن هذا هو نفس أسلوب وزراء المالية فى عهد مبارك، حيث كانت أسهل القرارات لديهم فى تحصيل الأموال هو فرض ضريبة غير مباشرة على المبيعات، لأنها ضريبة سريعة ومضمونة، متسائلا: ألا يعلم وزير المالية أن هناك ضريبة مبيعات بالفعل مطبقة على مستخدمى المحمول؟ مشددا على أن الاستسهال فى مثل تلك الأمور هو أمر مرفوض، ويجب على الحكومة أن تعيد هيكلة النظام الضريبى كله، ويبحثون فى أوراق الأعمال التى يقدمها الخبراء فى هذا المجال، بدلا من الاستسهال فى تغريم المواطنين الفقراء. الحسينى وصف الضريبة الجديدة التى يسعى وزير المالية إلى تطبيقها، بالضريبة «التيك أواى»، والتى لن تتحقق من خلالها أى عدالة اجتماعية، ويجب أن يلجأ إلى فرض ضريبة على الدخل والثروة أو الأراضى والعقارات، التى تعد ثروات، ولكنها محصنة من الضرائب، بدلا من فرض ضريبة جديدة على المستهلكين.
حسين أبو سريع رئيس رابطة مأمورى الضرائب، أوضح ل«الدستور الأصلي» أن الوزير يسعى لسد عجز الموازنة بشكل خاطئ على حساب المواطن الغلبان، غير عابئ بما يتحمله من مشكلات اقتصادية.