قرارات تغيير قيادات الصحافة القومية كانت صادمة لكثيرين، البعض اعتبرها محاولة من مجلس الشورى، في سياق «أخونة الدولة»، وآخرون رأوا فى القرار تجاوزا لمعيار الكفاءة، بينما وقع الأمر كالصاعقة على بعض هؤلاء المستبعدين، خصوصا الذين ينأون بأنفسهم عن التلون الحزبى، ويرون أن الاستبعاد لا يتناسب مع ما أنجزوه خلال فترة ولايتهم القصيرة.رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» السابق عبد الفتاح الجبالي أحد هؤلاء المتضررين، الذى لم تتجاوز فترة عمله بمنصبه عشرة أشهر، اختصم مجلس الشورى في دعوى قضائية ضد قرار إقالته. «الدستور الأصلي» حاور الجبالي، خلال هذه السطور، التى اختتم كلامه فيها متنبئا بأن «البلد رايحة في سكة مش كويسة».
■ في البداية نريد أن نعرف متى توليت رئاسة مجلس إدارة «الأهرام»، ومتى تنتهى مدتك القانونية؟ - توليت منصب رئيس مجلس إدارة «الأهرام» في 13 نوفمبر 2011، وفترتى القانونية تنتهى عقب مرور أربع سنوات منذ قرار تعييني.
■ وما الإنجازات التى قدمتها خلال فترة توليك رئاسة مجلس إدارة المؤسسة؟ - خلال 10 أشهر من توليتى رئاسة المؤسسة حتى جاء القرار بتعيين نقيب الصحفيين الولى بدلا منى فى رئاسة مجلس الإدارة، قمت بإعداد أول لأئحة مالية للمؤسسة وإعداد لائحة للعمولات والحوافز للإعلانات ولائحة لأجور المؤسسة «بحدين أدنى وأقصى»، ونظام كامل للتكاليف بالأطر المؤسسية، وضبطنا حركة رؤوس الأموال فى المؤسسة وقمت بتخفيض الشريحة العمرية لمديرى العموم، بالنزول بالسن من 65 سنة إلى 52 للمرة الأولى، وقمت بإلغاء الإعلانات المجانية رغم أنها أحدثت مشكلات مع مجلس الشورى ونقابة الصحفيين، كما وضعنا أطرا مؤسسية لنظام الحوافز وقمنا بإلغاء النسخ المجانية وبند الهدايا ووفرنا ملايين من الجنيهات للمؤسسة وجعلنا فى المؤسسة مخصصات احتياطية تقدر بنحو 250 مليون جنيه وضاعفنا حقوق الملكية الفكرية أربع مرات.
■ هل مؤسسة «الأهرام» تحقق أرباحا سنوية أم خسائر؟ - إصدارات مؤسسة «الأهرام» خاسرة، ولكن إيراد المؤسسة من الإعلانات والتوزيع مربح للغاية، ف«الأهرام» لا تحقق خسائر بل بالعكس تمول نفسها ذاتيا ولا تأخذ من الخزانة العامة للدولة سوى ضريبة التكنولوجيا فقط وتقوم بتسديد الضرائب وتدفع أجورا ومرتبات للعاملين تقدر ب800 مليون جنيه سنويا، ورغم ذلك لم يكن يوما هدفنا الربح أو الأسلوب التجاري، ولكن توظيف طاقتنا وإمكانياتنا البشرية ومواردنا المادية في أداء رسالتنا الإعلامية على حساب الربح، فمؤسسة «الأهرام» قوية وناجحة ورابحة. ■ وهل لديكم نفس الإمكانيات فى عهد الرئيس مرسى، التى كان يوفرها النظام السابق للمؤسسات القومية؟ - بالفعل لدينا إمكانيات هائلة في عهد الرئيس مرسى، مثل تلك التى كانت موجودة فى عهود السابقين لى فى المؤسسة، وكنا نسعى دائما لتوفير الإمكانيات من هنا وهناك لكى نقوم بتوفير النفقات التى تجعلنا ننفق ذاتيا على أنفسنا لتدبير مصروفاتنا، دون أن نكون عبئا على عاتق وكاهل الدولة. ■ ولماذا صدر قرار بإقالتك فى التغييرات الأخيرة لمجلس الشورى، رغم أن المؤسسة ناجحة وتحقق أرباحا سنوية؟ - أريد أن أقول فى ذلك الإطار، إن هناك ثلاث رؤى فى وجهة نظرى فى قضيتى، الأولى تتمثل فى المحور القانونى وهو: هل يتم تطبيق القرار رغم عدم انتهاء مدتى القانونية أم لا؟ والشق الثانى عملى: هل فشلت فى رئاسة مجلس إدارة المؤسسة ولم أحقق أرباحا أم لا؟ والثالث عنصر ثورى يتمثل فى: هل قمت بفساد فى المؤسسة أم لا؟ وتلك الأمور الثلاثة لم تحدث، بل حققت المؤسسة نجاحات وإنجازات خلال فترة توليتى فى الأشهر ال10 الأخيرة بشهادة الجهاز المركزى للمحاسبات ومجلس الشورى وعديد من الشخصيات، ولا أريد اتهام أحد واختزال وشخصنة القضية ضد أشخاص معينين مثل ممدوح الولى نقيب الصحفيين، ولكن ما حدث لا أجد له تبريرا أو تفسيرا أو مدلولا واضحا، فلا أريد أن أشخصن القضية ضد الولى وقضيتى فقط فى المبدأ، فكلهم زملائى في «الأهرام»، ولكن ما حدث لم أجد له أى إجابات، فلقد تركت المؤسسة ناجحة ومدتى القانونية لم تنتهِ وحققت مخصصات للاحتياطيات عالية ولم أفشل فى المؤسسة أو أتورط فى قضايا فساد، فلماذا تمت إقالتى بذلك الشكل؟ وأتساءل: ما دامت المؤسسة حققت نجاحا وأرباحا..
فلماذا يتم التعامل بهذا المنطق؟ والدليل على أن ذلك القرار من الغرائب، أنه حينما تقدم حلمى النمنم رئيس مجلس إدارة مؤسسة «دار الهلال» باستقالته من المؤسسة طلب شخصيا من رئيس مجلس الشورى د.أحمد فهمى توليتى إدارة «دار الهلال» بجانب مجلس إدارة «الأهرام»، نظرا لنجاحى، لأكرر تجربة «الأهرام» في «دار الهلال»، وفق ما قاله لى فى ذلك الوقت، وهذا دليل أكبر على نجاحى.. فلمصلحة مَن يحدث ذلك؟ وليس إنجازاتى فى فترة «الأهرام» فقط بل أيضا فى وزارة المالية.
■ وهل ترى أن للإخوان علاقة بقرار إقالتك وتعيين الولى رئيسا لمجلس الإدارة، لا سيما أنه مقرب من الإخوان؟ - لا أعرف، وسبق أن قلت إن الجهاز المركزى للمحاسبات ومجلس الشورى، اعترفا بنجاحى فى إدارة المؤسسة وإنجازاتى خلال فترة الأشهر ال10، ولا أستطيع أن أتهم الإخوان بأنهم السبب فى ذلك الشأن، ولكن قد يكون للإخوان دخل بالأمر، وقد لا يكون، ولا أريد أن أجزم بذلك، فكل الاحتمالات واردة ومفتوحة، وماقدرش أقول الإخوان هما السبب ولا لأ، فلا يمكننى أن أتهم أحدا، وما أريد أن أعرفه أن هناك قواعد وأسسا قانونية ودستورية، ونحن نعيش فى دولة مؤسسات وقوانين.. فلماذا يتم خرقها وإقالة مسؤول من منصبه قبل انتهاء فترة ولايته القانونية، فقرار إقالتى مفاجئ لى.
■ سبق أن اختصمت نقيب الصحفيين ممدوح الولي وتقدمت بطلب للحصول على إذن خصومة لمقاضاته بسبب الهجوم عليك أكثر من مرة.. فإلامَ وصلت القضية؟ - تقدمت وقتها بطلب خصومة ضد نقيب الصحفيين بسبب إقحام اسمى فى مشكلته مع عضو مجلس النقابة هشام يونس، وبسبب هجومه علىّ فى كثير من المرات، وحينما قدمت طلب الإذن بالخصومة اعتذر إلىّ فى اليوم التالى مباشرة، وقال فى حقى كلام كويس واعتذر لى عن كل أقاويله عنى. ■ وهل ترى ما حدث معك يتشابه مع اختيارات رؤساء تحرير الصحف القومية، ممن يقتربون من الإخوان؟ - لا أحبذ مصطلح «أخونة» المؤسسات والصحف القومية، ولكن من الممكن اختيار شخصيات قريبة من نفس الفكر، أو بأشخاص لهم نفس المسلك بما يحقق مصالح الإخوان، ولا أعتقد أن رئيس التحرير الجديد ل«الأهرام» عبد الناصر سلامة كان ينتمى إلى الإخوان، وما يشغل بالى ويرد على كل الأسئلة فى ذلك الإطار هو تشكيل المجلس الأعلى للصحافة والمجلس الأعلى لحقوق الإنسان.. فكيف يستغنى المجلس الأعلى للصحافة فى تشكيله عن الكاتب الصحفى صلاح عيسى أو عن فريدة النقاش أو جمال الغيطانى أو صلاح منتصر أو فاروق جويدة وغيرهم من الأسماء؟ مش عارف أقول إيه، لكن لو أنا المسؤول كنت هاجيب الاختيارات القديمة والجديدة، وأضعهم فى مقارنة لإبراز ما يحدث، وما أقوله أن رؤساء مجالس الإدارات رفضوا تغييرات رؤساء التحرير الأخيرة، وأعتقد أن ما يُثار من اتهامات للمؤسسات الصحفية من أنها بوق من أبواق النظام هو اتهام باطل، بدليل أن كل رؤساء التحرير منذ الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ثم آخرين من كبار الكتاب كانوا رؤساء تحرير، لعبوا دورا بارزا، من خلال الصحافة القومية، فى تاريخ مصر وتاريخ الصحافة، ولا يجوز أن نلقى الاتهامات جزافا، بالقول إن المؤسسات القومية بوق من أبواق النظام، أما ما تم من تغيير لرؤساء التحرير، فيمكن تبريره بأن مدتهم القانونية انتهت وتم التغيير وفقا لذلك، وبناء على رغبة مجلس الشورى أيضا، لا أكثر من ذلك.
■ وهل ترى أن مجلس الشورى يسعى إلى تسكين شخصيات معينة، قبل حله؟ - لا أعرف الهدف، ولا أدرى هل يسعى المجلس إلى تسكين شخصيات محددة أم لا؟ ولكن ما أبحث عنه هو حقوقى القانونية لا أكثر. ■ وفى ما يتعلق بالدعوى التى أقمتها ضد رئيس مجلس الشورى بسبب قرار إقالتك، هل هناك جديد في تلك الدعوى؟ - قرار إقالتى باطل ويشوبه كثير من العوار القانونى، ولن أتنازل عن القضية حتى يعود لى حقى القانونى، ولسمعتى ولكرامتى، والقضية برمتها فى يد المحامى حافظ أبو سعدة، والمحامى بالنقض عصام الإسلامبولى ليتعاملا مع كل الإجراءات القانونية فى القضية، وأود أن أقول فى ذلك الإطار إننى فى حالة الفوز بالقضية وردّ اعتبارى القانونى، لن استمر فى المؤسسة، وسأذهب لأقدم استقالتى ولن أعود إليها بعد ما حدث. ■ هل اتصل بك أحد عقب الأزمة؟ - لم يتحدث إلىّ أحد، ولم أتحدث مع أحد فى أزمتى. ■ هل سيتضامن أحد معك من رؤساء مجالس الإدارات فى تلك القضية؟ - بعض رؤساء مجالس الإدارات السابقين ممن تغيروا وفق نفس القرار، وكذلك بعض رؤساء التحرير المُقالين، سيتضامنون معى فى القضية وسيرفعون قضايا مماثلة ضد مجلس الشورى، ويُسأل فى ذلك أنور الهوارى وخالد بكير وعادل عبد العزيز وحلمى النمنم وغيرهم. ■ كيف ترى الوضع فى المستقبل، فى ما يتعلق بوضع المؤسسات القومية وبمستقبل الصحافة؟ - البلد رايحة ف سكة مش كويسة، ما دامت تلك الأزمات والمشكلات تحدث، ولا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك.