إن كل ما يحدث الآن يدل على شيئ واحد أننا بصدد إقامة الدولة الإخوانية وليس الدولة الإسلامية كما تزعم جماعة الإخوان المسلمين ، فكل شيئ حولنا فى مصر يتم أخونته بشكل ممنهج وواضح وسريع وبأنفاس لاهثة ، وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن الوعود التى أطلقتها الجماعة عن بناء الدولة الديموقراطية الحديثة ، وإرساء مبدأ المشاركة السياسية لكافة أطياف المجتمع قد ذهبت أدراج الرياح كالعادة . فأين الدولة الإسلامية مما نحن فيه الآن ، فما تقوم به الجماعة الحاكمة لمصر الآن لا علاقة له بخصائص هذه الدولة فالفرق بين الدولة الإخوانية والإسلامية شاسع ، وهذا ما دعانى لإلقاء بصيص من الضوء على بعض الفروق بين هاتين الدولتين حتى تقرر بنفسك عزيزى القارئ هل جماعة الإخوان المسلمين بصدد بناء الدولة الإسلامية أم الدولة الإخوانية ...
أولاً / الحاكم :- لقد فصل الإسلام بين شخصية الإمام أو الحاكم عن شخصية الدولة فالحاكم راعٍ لكل بنى وطنه دون أى تفرقة أو تمييز بين أى طيف من أطياف المجتمع ، بمعنى أنه لا يجوز للحاكم أن يفًرق بين رعيته ولا يفضل هذا على ذاك فالكل أمامه سواء وهذا ما يفرض عليه تخليه عن أى إنتماء لحزب أو فصيل أو جماعة ، أى أن إنتمائه يجب أن يكون لرعيته فقط دون غيرها وواقع الأمر يدل على أن إنتماء الرئيس لجماعة الإخوان يفوق إنتمائه للشعب وأبلغ دليل على ذلك أنه قد أحاط نفسه برجال الجماعة داخل القصر الجمهورى وإختياراته لمساعديه ومعاونيه أغلبها من الإخوان وكافة قراراته تصب كلها فى صالح الجماعة .
قال تعالى :
(إنّ اللهَ يأمركُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُم بينَ النّاسِ أن تَحْكُمُوا بالعَدْل) . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :-
( ألا إن كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته ) لم يفرق الرسول هنا بين الرعية بسبب الدين أو الجنس أو اللغة فكل من يعيش على الأرض التى يحكمها الحاكم هم رعيته دون إستثناء ومن هذا المنطلق لا يجب أن تستثنى الجماعة وتفضًل على غيرها من أبناء الوطن وهو ما نراه يتحقق كل يوم على أرض الواقع
( رجال القصر إخوان ، رئيس الوزراء إخوان ، وزير الدفاع إخوان ، رؤساء الصحف القومية إخوان ، وزير الإعلام إخوان ، وزير العدل إخوان ، مجلس الشورى إخوان والبقية من المؤلفة قلوبهم إخوانياً ) .
يتضح من هذا النصّ القرآنيّ الكريم ووجوب مبدأ مشاورة الحاكم للاُمّة واحترام رأيها وهو المبدأ الذى يُسقط الإستبداد السياسى وينسفه من جذوره ويمنح الأمة دوراً فعالاً فى الحياة السياسية فأين هذا المبدأ مما تفعله الجماعة فى الحياة السياسية فى مصر فكل ما نراه منهم هو محاولة الإستئثار بالأمر وحدهم دون غيرهم وأبلغ دليل على ذلك أن الجماعة لاتقبل توجيه أى نقد لها ولا تقبل بالرأى الآخر فما يراه المرشد هو الصواب دائماً وكأنه لا ينطق عن الهوى .
قال الإمام مالك رحمه الله ( كلُ يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا المقام ) وأشار إلى قبر الرسول صلى الله عليه وآله و صحبه وسلم .
وبالرغم من أن الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الأطهار كان يتنّزل عليه الوحى من السماء فهو وحده الذى كان لا ينطق عن الهوى كما أخبرنا القرآن الكريم بذلك كان هو أول من أرسى مبدأ الشورى عملاً بالأيات القرانية الشريفة :-
( و شاورهم في الامر ) ، ( و أمرهم شورى بينهم ) .
والسؤال الآن هل تطبق جماعة الإخوان المسلمين مبدأ الشورى الذى أمر به الله سبحانه وتعالى ؟
الإجابة نعم إنها تطبق هذا المبدأ لكن داخل الجماعة فقط وليس بين مختلف القوى السياسية إن مبدأ الشورى المعنى به كافة المعنين بأمور الدولة أو من ينوب عنهم أما أن يستأثر به فصيل واحد على غيره فهذا بالطبع لا علاقة له من قريب أو من بعيد بمبدأ الشورى . ثالثاً / الدستور :-
الدستور هنا بمعنى العهد و الميثاق الذى يحمل العدل والمساواة بين الاطراف التي تعيش داخل الدولة الواحدة ، سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين أو غيرهم ويحدد فيه حقوق وواجبات الجميع دون إستثناء ، هذا بعكس ما تفعله الجماعة التى تحاول أن تضع الدستور الجديد وفقاً لما تراه فهى تريد أن تفرض علينا دستوراً أخوانياً يخدم فى المقام الأول أهداف الجماعة وتمارس فى ذلك كافة الضغوط على اللجنة التأسيسية للدستور التى يتكون أغلبية أعضائها من أعضاء الجماعة .
كانت هذه بعض مبادئ الدولة الإسلامية التى وضعها الإسلام قهل تطبق الجماعة هذه المبادئ أم أنها تطبق مبادئها هى ؟ سؤال أترك لك فيه عزيزى القارئ الإجابة عليه .