من قال إن من حق الرئيس محمد مرسى عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولى لاقتراض مليارات من الدولارات يسددها جيب الشعب المصرى وليس جيب الرئيس مرسى بالطبع؟ ومن قال إن من حق السيدة لاجارد رئيسة صندوق النقد أن توقع مع رئيس اتفاقًا للإقراض فى غيبة برلمان بلاده وغياب التوافق الوطنى على هذا القرض؟ لا مصر بلد السيد الرئيس. ولا الصندوق ملك السيدة لاجارد.. انتبهوا فقد تغيرت الدنيا، وهذا الشعب قام بثورة، صحيح أنها ناقصة ومبتسرة وصحيح أنها مسروقة ومخطوفة، لكن مش ناقصة ضرب على قفا الوطن بعد كل هذه الدماء التى أريقت من أجل الكرامة والكبرياء. لم يُسلِّم الشعب المصرى السيد مرسى الرئاسة ليعمل ما شاء وما أراد بدون رقيب أو حسيب، فهو يحكم بلدًا عظيمة بالتأكيد حكمها يختلف عن حكم رجل على عائلته وأولاده. دعنا نتفق فى البداية أن جلوس رئيسة صندوق النقد مع مرسى تعبير واضح وفج عن رضا أمريكى وهيام البيت الأبيض بالإخوان المسلمين، فهذه المؤسسة المالية هى الذراع الاقتصادية للهيمنة والسيطرة الأمريكية على العالم الثالث، ومن ثم فإن هذه الجلسة تعنى توافق مرسى ليس مع أمريكا فقط، بل مع إسرائيل الحليف الأهم لها فى المنطقة، فلا داعى أن يكذب أىٌّ من الإخوان ويحدثنا عن بطولات الرئيس أمام أمريكا وإسرائيل، فإن مقعد مبارك فى الصالون الملحق بمكتب الرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض ينتظر مرسى فى زيارته إلى واشنطن بعد أسبوعين، الاستثناء الوحيد إلى جانب لحية مستجدة هو أن الرئيس لن يصحب نجله معه ليصافح الرئيس أوباما على الأقل باعتبار نجله مواطنًا أمريكيًّا يملك صوتًا فى انتخابات الرئاسة القادمة فى الولاياتالمتحدة. ننتقل الآن إلى الجانب الأهم، وهو عدم وجود مجلس شعب يناقش حكومة الرئيس مرسى فى بنود هذا القرض، وسؤالها عن حكمة الحصول عليه ومبرر الإصرار على عقده وكيفية إنفاقه ومدى سلامة إجراءاتها، وبدائل هذا القرض والانصياع الواضح لسياسة الصندوق، بما يعنى أن الرئيس مرسى موافق على نفس ما وافق عليه وفعله مبارك من خصخصة وتفكيك لقدرات الدولة الاقتصادية والالتزام بالنهج ذاته، وحتى محاربة الفساد، وهو الاختلاف المزعوم بين اقتصاد مبارك ومرسى يحيطها شك عميق مع وجود خيرت الشاطر ورجال الأعمال الإخوان الذين يديرون ماكينة عد الفلوس منذ صعود الرئيس الإخوانى إلى سدة الحكم، والمرشح والمرجح أنهم سيتقاسمون تورتة مليارديرات جمال مبارك. ثم نصل إلى المنحنى الأخطر فى هذا القرض، وهو ضرب أى احتمالات لإصلاح اقتصادى حقيقى جذرى فى مصر ندفع جميعًا، من كبار رجال المال والأعمال وحتى الفلاحين والعمال، كلفته المؤقتة كى نتقدم وننهض فعلا، أما قرض الصندوق لمرسى فهو مجرد مُسكِّن ينقذ الإخوان من أى إجراءات اقتصادية قد تؤثر على فرص حزب الجماعة وجماعة الحزب فى الانتخابات البرلمانية القادمة، والتى قرر الإخوان أن يدفع الشعب المصرى من جيبه ومن قروضه ثمن شراهة الجماعة للحكم والاستحواذ على كل مقدرات البلد، فهذا القرض سيتم إنفاقه على تغطية النفقات الشهرية المطلوبة للبنزين والسولار والكهرباء واستيراد القمح والأكل والشرب على كام منحة للموظفين، حتى يدخل الإخوان الانتخابات وسط هدوء اقتصادى وهمى مزيف بفعل مخدرات القرض، وكأن السيد الرئيس يدعم حزبه بأربعة مليارات دولار (حوالى خمسة وعشرين مليار جنيه مصرى) اقترضها من حلفائه الأمريكان برضا إسرائيلى ويسددها المصريون حتى يسعد مرسى عقب الانتخابات بأن يرى الشاطر يحلف يمين رئاسة الحكومة أمامه. وادفع يا شعب..