وزير قطاع الأعمال العام: تكثيف الجهود لتنفيذ خطط إصلاح وتطوير الشركات التابعة    في استجابة سريعة لشكوى سيدة مسنة.. محافظ أسيوط يوجه برفع مقلب قمامة بحي غرب    الأمم المتحدة: قرابة نصف مليون شخص في غزة يواجهون مستويات كارثية من الجوع    كولومبيا تخسر اثنين من لاعبيها في مواجهة الأرجنتين بنهائي كوبا أمريكا    حبس عاطل لحيازته 100 فرش من مخدر الحشيش في العجوزة    جيش الاحتلال: هاجمنا مبانى عسكرية لحزب الله فى منطقة الطيبة    طارق رضوان: 42 نائبا يدرسون برنامج الحكومة الجديدة    دعاء يوم الجمعة: مفتاح البركة والرحمة    كرم جبر: استدعينا 3 إعلاميين من الوسط الرياضي ووجهنا لهم إنذارات أخيرة    نقابات فرنسية تدعو إلى إضرابات للسماح بتشكيل حكومة ائتلافية يسارية    إستريلا دا أمادورا البرتغالى يعلن ضم المصرى الصاعد محمد تامر 18 عاما    في أول أيام مهرجان العلمين.. توافد الجمهور على حضور حلقة مدحت صالح مع منى الشاذلى فى مهرجان العلمين    4 أبراج فلكية تتميز بحس الفكاهة وخفة الدم.. تعرف عليها    وصل ل 50% | الغرف التجارية: انخفاض كبير في أسعار السلع الغذائية    كتلة الحوار: ربط الخطط والسياسات بمخرجات الحوار الوطني في بيان الحكومة خطوة إيجابية    87 صورة.. أقوى مراجعة في التفاضل والتكامل لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    بالصور| "هيكل عظمي راقص".. امرأة شابة تزن 25 كيلوجرام تثير دهشة وصدمة متابعيها    الأفريقي التونسي يعين الفرنسى بيتونى مدربا جديدا له    البرلمان الإندونيسي: زيارة شيخ الأزهر دعم للمرأة الإندونيسية    "ملحقش يفرح وكانت سنده".. تفاصيل علاقة أحمد رفعت وخطيبته (صور)    كواليس الساعات الأخيرة في أزمة شيرين عبد الوهاب وحسام حبيب    حركة تغييرات واسعة في مجالس أمناء الهيئات الشبابية والرياضية    خالد الجندي: إطلاق الشركة المتحدة لحملة أخلاقنا الجميلة أجره عظيم عند الله    بعد أزمة أحمد رفعت، حسام موافي: الضغط النفسي مرتبط بعلاقة الشخص بربنا (فيديو)    بحوزته 100 فرش.. تفاصيل سقوط عاطل لحيازته مخدر الحشيش في العجوزة    البرازيلي رافائيل كلاوس حكماً لموقعة الأرجنتين وكولومبيا بنهائي كوبا أمريكا    رئيس هيئة قصور الثقافة يكشف خطة المشاركة بمهرجان العلمين    برنامج الحكومة 2024/2027.. تحسين خصائص السكان يقلل زيادة المواليد..إنفوجراف    محافظ أسيوط: القيادة السياسية كلفتني برعاية وتقديم الخدمات والتسهيلات للمواطنين    مجلس أمناء تنمية حدائق أكتوبر ينظم احتفالية بمناسبة رأس السنة الهجرية    منع فيلم كيفن كوستنر من العرض بعد إخفاق جزئه الأول بالسينمات.. تعرف على التفاصيل    انعقاد لجنة اختيار عميد كلية الآداب بجامعة القناة    تعرف على نتيجة تنسيق الشهادات العربية والأجنبية للالتحاق بجامعة الإسماعيلية الأهلية    دار الافتاء تجيب.. هل ورد في نصوص إسلامية ما ينهى عن تنظيم النسل؟    عويضة عثمان لقناة الناس: الساحر يكفر بالله ليسخر الشيطان    عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: كلنا محتاجين شعار "إن الله معنا" فى كل أمورنا    "مات وهو بيفطر".. حكاية لاعب غير حياة شوبير وسبب وجوده في الأهلي (صور وفيديو)    كمال حسنين: الدولة المصرية تولي اهتماما خاصا بملف الصناعة    في 5 محاور... تعرف على ملف الخدمات الصحية المقدمة للمرأة والطفل ببرنامج الحكومة    وزير البترول فى حقل ظهر| بدوى: استدامة الإنتاج وزيادته والتغلب على التحديات    همسة فى أذن «هَنو»    يجب مراعاتها.. 5 أسباب محتملة للشعور بالبرد في فصل الصيف    محافظ الدقهلية يتفقد الأسواق والحدائق العامة بجولة مفاجئة بالمنصورة    اغلبيه بالعيال.. أمثلة شعبية خاطئة ساعدت على زيادة السكان    خاص| نائب ليبي بالبرلمان العربي: نحاول أن تكون هناك قوانين عربية موحدة في دولنا    التضامن تدشن مبادرة «أحسن صاحب» لدمج ذوي الإعاقة    قطاع الحماية المجتمعية ينظم احتفالية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    عاجل - الرائد محمود بصل: إبادة لا تتوقف على غزة واجتياح الشجاعية للمرة الثانية.. وهذا الوضع نذير بالوباء    الأحد القادم.. جامعة بنها تدشن مبادرة «اتعلم أكتر» بمراكز شباب القليوبية    ضبط 400 كجم لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنوفية    العثور على جثة شخص داخل مول تحت الإنشاء ب الدقهلية    بالفيديو|مراسل القاهرة الإخبارية: روسيا ستتخذ إجراءات عسكرية ردًا على تصرفات الناتو    الدراجات: لم يتم استبعاد شهد سعيد من المشاركة في أولمبياد باريس حتى الآن    تامر عبد الحميد: وفاة أحمد رفعت رسالة لنا جميعا لنتعظ ونبتعد عن الصراعات    حقيقة العرض القطري لضم أحمد قندوسي وموقف الأهلي ورد اللاعب    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    سقوط عنصر إجرامي بحوزته 76 كيلو حشيش وشابو بالقاهرة    جنة عليوة: شهد كانت تقصد إيذائي بنسبة 100%.. ولم أعود لممارسة اللعبة حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكرام يوسف تكنب:بأية حال عدت يا رمضان! 2-2
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 08 - 2012

أما ثالث أبرز ما شاب مائدة التليفزيون الرمضانية هذا العام وفق متابعتي المتواضعة فهو انتشار ظاهرة العنف اللفظي والبدني. ولا تكاد تمر حلقة في مسلسل من دون إهانات للآباء والأمهات، سواء في المواقف الجادة أو الضاحكة. فضلا عن كثرة مواقف العراك باليد أو بالسلاح الأبيض؛ تنفيسا عن الغضب وحسما للخلافات! وعلى الرغم من انتشار ظاهرة العنف اللفظي والبدني في الواقع الحقيقي، و عبر مختلف الشرائح الاجتماعية ، كرد فعل عصبي على ما شهده المجتمع من عنف وحشي ودموي مارسته أجهزة الأمن في مواجهة الثوار، واقترفه البلطجية الذي تصدروا مشهد الائتلاف الأمني.


وأيضا كمتنفس لخيبة أمل الجميع من أداء المسئولين عن المرحلة الانتقالية، ونفاد صبرهم من تقاعس الحكم الجديد عن الوفاء بأي من تعهدات الحملة الانتخابية، بل وتكريم المسئولين عن قتل الشهداء بدلا من القصاص منهم، والإفراج عن مدانين بالقتل في جرائم إرهابية بدلا من معتقلي الثورة في السجون العسكرية؛ ولا أرى في الحديث عن الواقعية، وضرورة أن ينقل الفن الواقع، مبررا مقنعا، لنشر هذه البذاءات في البيوت وعلى أسماع الأطفال.. فمن المفترض أن ما قد يسمح به على شاشة السينما، يختلف عما ينقل إلى بيوتنا عبر شاشة التليفزيون. ولا شك أن رسالة الفن الحقيقية هي التحريض على تغيير الواقع إلى الأفضل، وليس تكريس قبح الواقع، عبر تشجيع الصغار على تقليد أبطال يحبونهم، واعتبار الشتيمة بالأب والأم أمرًا عاديا في إطار المزاح بين الأصدقاء أو الخلاف بين الناس!


ولعل أحداث دهشور الأخيرة؛ التي تحولت من حادث بين مكوجي وزبون، إلى إجبار سكان القرية المسيحيين على ترك بيوتهم وممتلكاتهم فرارًا بحياتهم، أبلغ دليل على ما أفرزته ثقافة العنف كحل للخلافات! وإذا كانت المسلسلات دأبت منذ فترة على تضمين الأحداث شخصية مسيحية طيبة، إلا أن هذا لا يكفي لمواجهة حالة الاحتقان التي نجمت عن جرائم متعددة ارتكبت في حق الوطن، من بينها غرس ثقافة العنف اللفظي والبدني في إعلامنا عبر سنوات طويلة. وكنت قد دعوت مع اندلاع حادث العنف العاطفي في العامرية مما أسفر عن تهجير الأسر المسيحية منها إلى تشكيل دروع بشرية من النشطاء، للإقامة في ضيافة الأسر المسيحية هناك، وصد محاولات طرد الناس من بيوتهم. لكنني فوجئت بإنهاء الحادث على النحو الذي آلت إليه الأمور.


وعندما تكرر الأمر في دهشور، صار الترحيل القسري للمسيحيين من بيوتهم سابقة جاهزة للتطبيق. وكررت على الفيس بوك نفس الدعوة، ليتلقفها هذه المرة نشطاء مخلصون، على غرار ما حدث عندما أطلقت دعوة الدروع البشرية لحماية الكنائس عقب مذبحة كنيسة القديسين. إلا أن انتشار ظواهر العنف، مع تقبلها كأمر واقع في المجتمع، يبدو عقبة في طريق حل المشكلة على نحو يليق بشعب مصر؛ خاصة مع تقاعس أجهزة الدولة عن معاقبة المخطئين، ومنع جريمة تهجير مواطنين من بيوتهم. والغريب، أن رئيس الجمهورية الذي تعهد بالحفاظ على مدنية الدولة، وأعلن أنه لن ينام وهناك مظلوم في البلد، ترك أحداث دهشور مشتعلة، وذهب ليصلي الجمعة في قنا! ولم يتحدث عن الأحداث إلا بعد إلحاح المواطنين هنا في السؤال عن موقفه من الحادث!


ومما يثير الاستياء، تلك الإعلانات المفروضة على المشاهدين عنوة، ضمن أحداث المسلسلات وقبلها وبعدها، بما تتقيأه من ابتذال وإسفاف في عقول المشاهدين: بداية من ذلك "الشحط" السخيف الذي ينتحل دور شاعر يخاطب امرأة، متسائلا في بلاهة عما إذا كانت طامعة فيه أو في ملابسه الداخلية! ثم، وبنفس البلاهة، يتباهى أكثر من "شحط" آخر، بالانتساب إلى نفس ماركة الملابس الداخلية! إلى الإعلان الأسخف الذي يبتذل صفة الكرم العظيمة، ليحولها إلى سفاهة، توحي للناس أن الكريم هو من يتطوع بسداد حساب جميع الواقفين في طابور دفع ثمن المشتروات، أو الجالسين في مقهى! ولعل أكثر ما يؤلم النفس، إعلانات تلح على نشر ثقافة التسول بين المواطنين: من استدرار للعطف والمال بأفظع صور انتهاك الطفولة بحجة التبرع للمستشفيات، أو إعالة الأسر الفقيرة؛ إلى الإنفاق على البحث العلمي، وعلى طلاب الجامعات الفقراء، وإنشاء المؤسسات العلمية! وهو ما يدعو للتساؤل حول دور الدولة، ومسئوليتها عن توفير الحاجات الأساسية للمواطنين، ويشكك في ضرورة وجود مؤسسات الدولة أصلا.


ومما يرفع ضغط الدم ومعدلات السكر في الدم، وربما يدفع للجنون؛ أن تعقب هذه الإعلانات، إعلانات اخرى تدعوك لسكنى ما يشبه القصور في منتجعات فاخرة، وسط أحضان طبيعة خلابة، الطيور النادرة وحمامات السباحة! لتتأكد من كونك تعيش في مجتمع فاحش الجنون، يرتضي أن تنعم قلة قليلة من المواطنين ومعها صفوة أبناء الدول الشقيقة الثرية بحياة خيالية مجنونة البذخ والسفه، بينما تعيش أغلبية المجتمع على ما يجود به الأثرياء من فتات صدقاتهم!


كانت هذه خلاصة متابعتي على عجل لبعض ملامح التغيير التليفزيوني هذا العام.. محاولات حثيثة لتغيير مفاهيم أصيلة في الثقافة المصرية، وإحلال مفاهيم مشوهة بغرض فرض ثقافات مجتمعات أخرى، وإلهاء مقصود عن القضايا الحقيقية.. تؤكد جميعها ما يحرص كثيرون على تجاهله، وهو أن ثورتنا لم تكتمل بعد رغم نجاح الجولة الأولى منها في إزاحة رؤوس النظام وعلينا أن ننتبه لمحاولة امتصاصها وإجهاضها، عبر الاكتفاء بتغيير الوجوه، مع استمرار جوهر النظام.


ولا شك أننا لن نشهد التغيير الحقيقي إلا بعد انتصار الثورة الحتمي، وهو ما يحتاج منا إلى إيمان حقيقي بثوتنا وإصرار على النصر، مع طول النفس والاقتناع بأننا سوف نحصل حتما لما نريد عبر التجربة والخطأ ، وأنه من الطبيعي أن نرتكب أخطاء فادحة نتعلم منها دروسا عظيمة تدلنا على الطريق الصحيح، مع الاستعداد لدفع ثمن الحرية بالكامل.. يومها ستعود الريادة المصرية الحقيقية.. وننفض الغبار عن الثقافة المصرية الأصيلة.. وننتزع ما دفع كثيرون من أبنائنا ثمنا غاليا لانتزاعه: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية! ونتذكر أن دولة الظلم ساعة..لم يتبق منها سوى دقائق!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.