فارق كبير بين عمل فنى يعلّم مع المشاهد وعمل آخر يعلّم عليه، فالأول سيترك آثاره محفورة فى ذاكرته، أما الآخر فسيترك آثار أصابعه العشرة على «قفاه»، النوع الأول من التعليم نجحت معظم الحملات الإعلانية هذا العام فى تحقيقه بأفكار وصورة وأداء يحمل من الإبهار ما يكفى للتفوق على عديد من مسلسلات رمضان التى اكتفى بعض صنّاعها بالتعليم على المشاهد وليس معه، فكانت النتيجة أن معظم الإفيهات التى يحفظها الشباب ويتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعى هى من الإعلانات وليست من حلقات المسلسلات. «أبوياااا.. الله يخربيتك عملت إيه؟»، هو الإفيه الأكثر تداولا بين الشباب، وهو جزء من إعلان «ماكسى بون» الذى تعتمد فكرته على شاب يأكل صديقه ووالده بطريقة كوميدية بعد أن وصفه الأب بالفاشل، معترضا على نوع المزيكا التى يقدمونها والتى تشبه المهرجانات الشعبية. الإعلان واحد ضمن حملة مكونة من ثلاثة إعلانات تم تصويرها فى شقة بمصر الجديدة وهو انتاج وكالة gwt وإخراج «على على» وفكرة لتميم يونس ال«creative» الذى قام بكتابة السيناريو وكلمات الأغنية التى جاءت فى بداية الإعلان، التى تقول: «انسى هموم الدنيا يا صاحبى.. ايدى فى جيبى وماشى براحتى». فى البداية تم تصوير الإعلان بطريقة الأنيميشن كتجربة قبل تصويره بالأبطال الذين تحولوا إلى نجوم بعد نجاح الإعلان، وهم عمرو حداد الشاب الذى يأكل صديقه ووالده. وقد جاء اختياره بالصدفة فى أثناء التصوير بعد فشل الممثل الأصلى فى اختبار الكاميرا قبل التصوير، فكان البديل ذلك الشاب الذى يعمل «art director» بالشركة المنتجة للإعلان والذى كان يقف أمام الكاميرا للمرة الأولى، أما باقى الأبطال فهم الأب والابن واختارهما المخرج بالطريقة المعتادة «مكتب الكاستنج»، فالأب «أحمد عبد الواحد» يعمل فى مجال الإعلانات منذ فترة، والابن «بلال مجدى» تخرج فى المعهد العالى للفنون المسرحية وعمل فى مسارح الدولة لمدة ثلاث سنوات، ثم اشترك فى بطولة بعض الحملات الإعلانية، حتى تم اختياره لبطولة الإعلان كما يقول بلال: «بهرتنى الفكرة لكونها مختلفة وبالمناسبة أبويا الحقيقى انبهر بالمزيكا اللى كنّا بنلعبها وبالفكرة أيضا.. لكننا لم نتوقع كل هذا النجاح حتى إننى تلقيت عرضا من إحدى شركات الإنتاج بتحويل كلمات الأغنية التى ظهرت فى الإعلان إلى فيديو كليب وإذاعته على القنوات الفضائية بعد العيد». حملة «اتصالات» «كيف تنفصل عن شبكتك» من الحملات المميزة، التى تم تصويرها بطريقة مبتكرة ومختلفة للمخرج حمد الله، الذى يعد واحدا من أهم مخرجى الإعلانات فى مصر وأعلاهم أجرا. وتعتمد الفكرة على التقاط عديد من الصور الفوتوغرافية لأبطال الحملة ثم تحويلها لرسوم متحركة تظهر فى إطار محادثة بين أحد العملاء وأحد مندوبى خدمة العملاء، الذى يحاول أن يقنع العميل بعدم الانفصال عن شبكته. الحملة أنتجها حمد الله من خلال شركته الخاصة واستغرق تصويرها ثلاثة أيام داخل أحد استوديوهات التصوير، أما الأبطال فتمت الاستعانة بهم من خلال أحد مكاتب الكاستنج كما هى العادة دائما عند تصوير الإعلانات. وقد تميزت الحملة بخفة الظل والصورة المبهرة فى كل الإعلانات التى تم عرضها حتى الآن. إعلان فودافون «12 قرش للدقيقة» نجح أيضا فى لفت الأنظار إليه من خلال سيناريو كتبه محمد حمادى ال«creative» الخاص بالإعلان الذى تم تنفيذه بطريقة عكسية جاءت بنتائج إيجابية مع الجمهور. فالحملة تبدأ بالحلقة الأخيرة بعد سقوط الديكور ثم تعود الإعلانات لتصوير ما حدث فى أثناء التصوير. الحملة انتاج وكالة gwt وإخراج هادى الباجورى، شارك فى بطولتها عدد كبير من النجوم منهم كريمة مختار وفاروق الفيشاوى وسمير غانم وسوسن بدر ومظهر أبو النجا وأحمد الفيشاوى والإعلامى معتز الدمرداش وسامى العدل، وتم تصويرها فى عدد من الاستوديوهات والشوارع وداخل أحد المستشفيات وأمام مبنى المستشفى الإيطالى. وجاءت الحملة هى الأجمل بين حملات نفس الشركة التى تم عرضها فى رمضان، حتى إن سقوط الديكور تحول إلى إفيه دارج بين الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى، فكلما اعترضوا على شخص ما سواء فى مجال الفن أو السياسة تساءلوا بلهجة ساخرة: «هو الديكور ماوقعش عليه ليه؟». أما حملة البنك الأهلى المصرى فهى من إخراج أحمد مكى الممثل والمخرج فى الأساس «تخرج فى معهد السينما قسم الإخراج وبدأ حياته مخرجا بفيلم الحاسة السابعة لأحمد الفيشاوى». الحملة انتاج وكالة طارق نور وتتكون من عشرة إعلانات تعتمد على فكرة الشخص الذى يضطر للعمل فى وظيفة لا يحبها فيمارس عمله فيها بمقاييس المهنة التى يحلم بها، وتم تنفيذها بشكل ناجح ومميز استعان خلالها مكى بعدد من الوجوه الجديدة من خريجى المعهد العالى للفنون المسرحية وكذلك عدد آخر من الشباب الذين اعتادوا العمل فى الإعلانات لكن تم تقديمهم بشكل مختلف، الغريب أن الإعلان الذى حصل مكى مقابل إخراجه على مبلغ لم يتجاوز ال50 ألف جنيه جاء أقوى بكثير من الإعلان الذى قام ببطولته «نسكافيه ميكس» رغم فارق أجره كمخرج للحملة وبطل للحملة لأخرى، وهو الفارق الذى تردد أنه اقترب من المليون ونصف المليون جنيه. وهو رقم يعد من أعلى الأرقام التى حصل عليها نجم فى إعلان هذا العام فالتكلفة العامة للحملات الجديدة تبتعد عن المبالغة فى الميزانيات بشكل عام. فميزانية تصوير اليوم الإعلانى تتراوح بين 250 ألف جنيه و350 ألفا بعيدا عن أجور النجوم، أما ال«creative» فعادة ما يحصل على مرتب شهرى من الوكالة الإعلانية التى يعمل بها بينما تتراوح أجور المخرجين من 25 ألفا إلى 50 ألف جنيه حسب أهمية المخرج، بينما تبدأ أجور الممثلين من 2000 جنيه وتصل إلى 6000 جنيه حسب خبرة الممثل وعمله فى إعلانات سابقة أو ظهوره فى أعمال فنية من قبل، ويرتفع الأجر فى حال الاستعانة بممثلين أجانب أو مخرجين أجانب، أما تكلفة الحملات الإعلانية لهذا العام فهى تبدأ من 750 ألف جنيه فى حال التصوير فى يومين أو ثلاثة، وتتجاوز الخمسة ملايين فى الإعلانات التى تضم نجوما حسب أجر النجم وطبيعة تعاقد الشركة معه إن كان سنويا أو على تقديم حملة إعلانية واحدة فقط.