قامت الثورة في تونس وهرب زين العابدين بن علي وتطلع الجميع إلى الحلم الأكبر؛ ألا وهو تحقيق إصلاحات في البلاد، لكن يبدو أن الطريق ما زال طويلا أمام التونسيين للوصول لذلك، في ظل الاحتجاجات المستمرة ضد النظام الإسلامي هناك، والتي وصلت إلى حد اقتحام المقر الجمهوري لحركة النهضة الإسلامية. وقام العديد من العمال بمدينة سيدي بوزيد -أولى المدن التي فجرت الثورة التونسية- باقتحام المقر الجمهورى لحركة النهضة الاسلامية واتلفوا معداته وتجهيزاته وعمدا الى حرق عملها وانزال لافتات حزب النهضة الحاكم، وذكرت جريدة الجريدة التونسية فى موقعها على شبكة الانترنت ان المتظاهرين رفعوا شعارات من بينها “ياغنوشي ياجبان ..باش تعيد فى افغانستان ولا اله الا الله النهضة عدو الله". وكأن الأمور عادت إلى عهود ما قبل الثورة، استخدمت الشرطة التونسية قنابل الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص في الهواء لتفريق العشرات من العمال المحتجين على تأخر الحكومة في صرف رواتبهم، وذلك بعد إضرام المحتجين النار في إطار، وإلقاءه داخل مقر ولاية سيدي بوزيد، واقتلاعهم الباب الرئيسي للمبنى، وقطعهم الطريق المؤدية إليه بالحجارة، مرددين هتافات مناهضة للنهضة التي اتهموها ب«النفاق والكذب» والمماطلة في تسديد رواتبهم. وقال أحد المحتجين "نتقاضى راتبا شهريا بقيمة 200 دينار (حوالي780 جنيها مصريا)، ومنذ شهرين لم يصرفوا لنا الرواتب ونحن في شهر رمضان، من أين سنعيش؟" الطرف الثالث ظهر في تصريحات مسئولي حزب النهضة ؛ نجيب الغربي -المتحدث باسم الحزب الإسلامي- قال إن جزءا من المتظاهرين هاجموا وبإيعاز من بعض الأطراف الحزبية، التي رفض تسميتها، المكتب وأتلفوا بعض معداته، ولولا تدخل الأمن لأحرقوه". وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي حذر -في خطاب لمناسبة إحياء الذكرى 55 لإعلان النظام الجمهوري في تونس-، من أن "الشعب قد يضطر إلى الثورة من جديد إن لم نحقق له ما يريده فعلا، خاصة التنمية للقضاء على الفقر والتهميش". وعلى جانب آخر قدم وزير المالية التونسي حسين الديماسي في الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية في تونس استقالته يوم الجمعة بسبب خلافات مع الحكومة. وأعلنت رئاسة الحكومة التونسية قبول الاستقالة وتكليف كاتب الدولة سليم بسباس بمهام إدارة شئون الوزارة إلى حين تعيين وزير جديد. واشار بيان اصدره مكتب الديماسي وارسله لوكالة رويترز الى خلافات مع الحكومة في شأن التعويض المالي الذي سيدفع لنحو 20 الف من السجناء السابقين ومعظمهم من الاسلاميين خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. واضاف البيان ان الخلافات بين الديماسي والحكومة في شأن الانفاق وعزل محافظ البنك المركزي كانت الاسباب الرئيسة للاستقالة. وينتظر أن يستفيد أكثر من 20 ألف سجين سياسي سابق اغلبهم من الاسلاميين من تعويضات جراء معاناتهم في عهد بن علي الذي اطيح العام الماضي في انتفاضة شعبية. وقالت مصادر في وزارة المالية ان مجموع التعويضات قد يبلغ نحو 750 مليون دينار أو ما يعادل 464 مليون دولار.