كنت من الذين هاجموا الأستاذ صلاح منتصر لمشاركته فى لجنة اختيار رؤساء تحرير الصحف الحكومية على طريقة الحاج فتحى شهاب رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشورى، وقيادى الإخوان القادم من المنوفية، وبرعاية الدكتور الصيدلى أحمد فهمى.. الملاك الجدد للصحافة التى ورثوها عن الحزب الوطنى الساقط ورئيسه المخلوع. وللأسف الشديد تَبيّن من سياسات رجال الإخوان وحلفائهم أنهم يفعلون الأسوأ فى ملكية تلك الصحف.. ويريدون أن يشكلوها على طريقتهم.. وأن يكون رؤساء تلك الصحف من جماعتهم أو أتباعهم أو من المنافقين المتلونين الجدد.. نفس الطريقة التى كان يتبعها صفوت الشريف وأجهزة أمن الدولة فى إدارة تلك الصحف وتبعية رؤساء التحرير لهم.. حتى استشرى الفساد فى تلك المؤسسات وتحولت إلى عزب خاصة.. ورأينا ماذا فعل إبراهيم نافع فى «الأهرام».. وبالمناسبة أوراق «الأهرام» كلها فى عهد إبراهيم نافع لدى مجلس الشورى ورئيسه أحمد فهمى، وكل تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات عن الفساد فى تلك الفترة. وقد استمع مجلس الشورى إلى أقوال جمال أحمد إبراهيم المسؤول عن المؤسسات الصحفية فى الجهاز المركزى وكشف أمام أعضاء الشورى الفساد فى المؤسسات الصحفية.. والهدايا التى كان يقدمها رؤساء تلك المؤسسات إلى المسؤولين الكبار الفاسدين والتى كانت تصل إلى مبارك وأولاده وصفوت الشريف وغيرهم.. للحفاظ على كرسى رئاسة التحرير.. ولكن لم يفعل المجلس شيئا فى ذلك. ولم يسعَ المجلس إلى البحث عن طريقة جديدة لإدارة تلك الصحف.. أو تشكيل مجلس مستقل كما هو معمول به فى الدول الديمقراطية الحديثة منوطٍ به تلك المؤسسات الصحفية دون تدخل حكومى أو حزبى. ولم يسعَ المجلس برئاسة أحمد فهمى صهر الرئيس محمد مرسى أو الحاج فتحى شهاب الذى يعتبر نفسه مارس الصحافة من خلال نشرة نقابة المهندسين التى لم يكن يراها أحد ولا المهندسون أنفسهم، لم يسعَ أحد منهم إلى العمل على إلغاء كل العقوبات السلبية فى قانون الصحافة، التى ورثناها من زمن الاستبداد.. كأن زمن الإخوان يريد المحافظة عليها.. كما يريد المحافظة على المؤسسات الصحفية الحكومية وينقل العطاء على جماعتهم بديلا عن الحزب الوطنى الساقط ونظام مبارك الفاسد. وتَفتّق ذهنهم الشيطانى عن لجنة معايير اختيار رؤساء التحرير عن طريق C.V واختيار لجنة ادّعوا أن من بين أعضائها شيوخ المهنة، والمهنةُ منهم براء. الطريف أن أعضاء اللجنة جاءتهم معايير الاختيار ولا يعرفون أى معلومات عن تلك المعايير ولا كيفية تطبيقها.. ولا يعرفون الزملاء الذين رشحوا أنفسهم بC.V .. ولا يعلمون مَن منهم جلب إعلانات لصحيفة وحصل على عمولات مقابل ذلك.. ولا يعلمون من عمل مستشارا لمسؤولين حكوميين فى عصر مبارك أو ما زال حتى الآن أو لمؤسسات اقتصادية مقابل مبالغ كبيرة.. أو من شارك فى فساد الحياة السياسية خلال فترة مبارك. وما شاء الله على أعضاء اللجنة الذين لا يعرفون الصحفيين، اختاروا -وفقا للتسريبات- من عملوا مستشارين لدى مسؤولين.. ومندوبى إعلانات حصلوا على عمولات من صحفهم مقابل جلب الإعلانات فضلا عن مشاركتهم فى فساد الحياة السياسية. كل ذلك لا يختلف عن مجلس شورى أحمد فهمى ولجنة فتحى شهاب فى المجلس الذى جاء ب6٪ فقط فى انتخاباته المطعون عليها، وأوراق المجلس أمام المحكمة الدستورية الآن، التى ستحكم بحق على غرار ما حدث فى مجلس الشعب.. ومع هذا يصرون فى المضىّ فى طريقهم لاختيار رؤساء تحرير على مزاجهم وبعد مراجعة مكتب الإرشاد.. واختيار رؤساء تحرير يسبّحون بحمدهم كما كانوا يفعلون مع النظام السابق. وهو ما كشفت عنه استقالة الأستاذ صلاح منتصر الذى قال: «إننى لاحظت غيابا دائما عن اجتماعات اللجنة من عدد من أعضائها المنتمين إلى حزب الحرية والعدالة.. بل إنهم حتى الموعد المحدد لتسليم ملفات المرشحين لم يقدِّموا هذه الملفات فى الوقت الذى سلّم فيه جميع أعضاء اللجنة ملفاتهم.. كما أننى لاحظت وعرفت عن أشياء لا تجعلنى أُعفِى نفسى من شكوك أشعر معها بعدم الارتياح إلى ما سوف تصل إليه اللجنة.. وكما يحدث للقاضى فى المحاكم عندما يؤرقه ضميره.. ويطلب التنحى قبل أن يُصدِر الحكم.. ولأننى بصراحة أخشى أن يكون اشتراكى فى اللجنة وسيلة لأهداف لا أرضاها أو أقبلها، فإننى أعلن استقالتى من اللجنة وبراءتى من القرارات التى تصدر عنها»! إننى هنا أشكر الأستاذ صلاح منتصر على استقالته وفضحه لأعمال اللجنة. لكن يظل السؤال: لِمَ يصمت أحمد فهمى عن هذه الاستقالة الفاضحة والكاشفة لأعمال لجنة اختيار رؤساء التحرير؟ أم أن الموضوع أكبر منه؟