يعلم القاصي والدانى حكاية ال"100" يوم الذى بشرنا بها الرئيس المُنتخب محمد مرسى .. ويعلم الجميع ايضاً كم يشتاق الشعب لتنفيذ ما جاء بهذة الخطة .. وينتظر لهفه وشوقاً ليرى ثمار السياسات التى ستُتخذ خلال هذة الفترة .. حتى رجال المعارضة من السياسيين اشعر بانهم يتحرَجون توجيه سهام نقدهم للرئيس وسياساته الا بعد مرور ال"100" يوم الذى أعلن عنها .. ما سبق كلمات كان لابد منها قبل ان احكى لكم موقفا حدث معى .. فهذة المقالة استباقية .
منذ ايام كنت اجلس بمفردى على مقهى ب "وسط البلد" كما يحلولنا لنا أن نطلق عليها .. اطالع الاخبار على الانترنت واذ فجأة اخترقت أذنى كلمة "الدولة العميقة" .. هذا المصطلح الشهير الذى "زاط" به "كل" نشطاء تويتر على مدار شهر كامل .. فبدأت اركز واندمج لا ارادياً مع ما يصدر من هذين الشابين الجالسين بجوارى .. ( الشعب دا فاز بمرسى .. والناس مش هتعرف قيمة مرسى الا بعدين .. لولا الظروق ومعوقات الدولة العميقة كان مرسى اظهر امكانياته من اول يوم .. فرد عليه صديقه بابتسامه استنكار صامته قبل ان يطلب من الاول ان يَحكى له فرضيه .. واليكم تفاصيل ما قاله الشاب الثانى للاول )
الشاب الثانى : سنفترض يا صديقى ان منصب رئاسة الجمهورية مُتاح لنا كشباب ونستطيع نحن الاثنان ان نتقدم للحصول على المنصب والعمل عند الشعب.
الشاب الاول : استغرب فرضيه الكلام .. لكنه بدا شغوفا بسماع بقية الفرضيه .. استكمل يا صديقى
الشاب الثانى : حسناً .. طبقا للشروط المعلنة يمكنك وانا معك ان نتقدم للمنصب .. فماذا انت فاعل؟
الشاب الاول : سأتقدم للمنصب فوراً .. بل وسأطبق سياسة ال "100" يوم المعلنة من جانب الرئيس .. فأنا معجب بكل ما جاء بها .
الشاب الثانى : حسناً .. كيف ستتقدم للمنصب وأنت تعلم مثلى تماماً بأن الظروف غير مواتيه للنجاح على الاطلاق .. وتعرف انك ستخوض معركة ليس بها قواعد محدده سلفا بل متغيرة وكيف ستصارع على منصب لا تعرف حتى صلاحياته .. واسمح لى اعدد لك ما يمكن ان تواجه من صعوبات وحجم الازمات الموجودة بالوطن .
ماذا ستفعل فى ازمة المرور المستعصية هذة .. فتعداد السيارات اكبر من حجم المدن والشوارع الموجوده بها .. لعلك مثلى تعانى من عدم وجود "ركنات" للسيارة .. فعدد السيارات اصبح اكبر من عدد مواصلات النقل العام والخاص مجتمعين .. كيف ستجبر السيارات المخالفة على الرضوخ للقانون وانت لا تملك جهاز شرطة تابع لادارة المرور يساعدك فى هذا .
ماذا انت فاعل فى ازمة " الافلات " الامنى .. فالبلطجية اصبحوا فى كل مكان .. فانا شخصيا غير آمن على نفسى .. كيف ستواجه الازمة وفى كل بيت "سلاح" كيف ستنقع المواطنين بالتخلى عن اسحلتهم وتقديمها للشرطة .. كيف ستنقنع الشرطة نفسها بالعودة الى عملها الصحيح .. التى لا تعلم هى عنه شيئا .. فهى كجهاز كان اهم اولوياتها التضييق على المواطنين وتلفيق التهم والقضايا لهم .
كيف ستراقب ازمة البنزين والخبر وانت تمتلك جهاز ادارى ورقابى فاسد .. فكثير من العاملين بالجهاز الرقابى للدولة هم انفسهم من يتاجرون بمقدرات الوطن .
ماذا ستفعل فى ازمه التعليم .. فنحن تقريبا بلا تعليم .. من معلمين الى اداريين مرورا بالمبانى والمناهج .
ماذا ستفعل مع الثوار والنشطاء الذي يدفعهم حماسهم الى عدم تقبل القرارات برحابه صدر .. فهم يتطلعون الى مصر الحرة سريعا .. يريدون مصر المؤثرة فى دول الجوار والعالم اجمع .. يرفضون مصر التابعة ولو ليوم واحد اخر .
ماذا ستفعل مع المجلس العسكرى الذى يتزعم الثورة المضادة بعد يوم واحد من التنحى .. كيف ستفض الاشتباك الادارى بين العسكر ومدنية الدولة .. كيف سيترك العسكر مواقعهم ويعودون لاداء عملهم فى الصحراء .. وهو عمل لم يعتادوا عليه منذ حرب اكتوبر المجيدة .. لانشغالهم بمصالحهم المادية .
ماذا انت فاعل مع "الدولة العميقة" التى ذكرتها قبل قليل بنفسك .. فهى عدو لا تراه .. يراك ولا تراه .. لا تعرف ان كان من المخابرات ام الامن الحربى ام امن ادولة ام من اباطرة النظام السابق ام كل هؤلاء مجتمعين .. بكل تاكيد هؤلاء سيحاولون افشال اى مساعى تجعل البلد فى حال افضل . اكمل ام يكفى هذا .. ف "الشيلة" ثقيلة
الشاب الاول : لا انكر ان كل ما ذكرته صحيح .. بل وبشكل اقل بشاعة مما حادث الان .. لكن .
الشاب الثانى : اسف للمقاطعة .. لكن اراك تتفق معى تماماً .. فكيف لك ان تتقدم للمنصب بدون ان تعرف صلاحياتك التى ستعمل من خلالها .
الشاب الاول : سأتقدم للمنصب لان نيتى صافية واسعى للخير وربنا هيسهلها.
الشاب الثانى : أعلم انك مخلص .. ولكن هذا ليس كافى وحده فأنا مخلص ولن اتقدم .. وفى رائى من يتقدم يجب عليه ان يحمل حلولًا لكل المعوقات قبل المشاكل ..
فلا يصح ان تتقدم للمنصب وبعد ان تفشل بسبب المعوقات .. تخرج تشتكى للشعب من الدولة العميقة .. فانت تعلم قبل ان تتقدم بوجودها .. وتعلم انك لا تمتلك اى صلاحية لتنتصر عليها .. فمن لم يشتكى اليوم لا يشكو غداً .. فالفارق بينك وبين من لم يتقدم للمنصب.. انك ترى فى نفسك انك تمتلك حلولاً وادوات ستنتصر بها على كل ما سبق من معوقات .. فاما ان تفعل او لا تتقدم من الاساس .. فهذا المنصب ليس لعبه .
انتهى الحوار عند هذا الحد .. وتركت مكانى وذهبت الى منزلى وانا افكر فيما قاله الشابين .. وهل سيخرج مرسى علينا بعد ال "100" يوم ليشكتى من الدولة العميقة .. وانها تعيق سياساته .. وقتها سيكون الشاب الثانى افضل فى نظرى ليس فقط من الشاب الاول بل من مرسى نفسه .. لانه فهم ما لم يفهمه الاثنان .. الشاب الاول ومرسى
ارجو من الله ان يكون مرسى افضل حالا من الصديقين وان يبرهن على امتلاكه حلولاً بظهور نتائج فى نهاية فترة ال"100" يوم .. لانه لن يكون مقبولا للجميع ان يخرج فى نهاية الفترة ليحدثنا عن صعوبة الازمات والمعوقات .