قالت لى هل يرضيك «الدار دار أبونا والغرب يطردونا»، سألتها ماذا تقصد بحكاية أبيها، قالت لي: المحطات الفضائية التى تستعين بالمذيع اللبناني وتترك المصرى.. من المؤكد أنكم استنتجتم أن التى كانت تحدثنى هى مذيعة تليفزيون وأنها تتعجب لماذا لم يسندوا إليها واحدًا من تلك البرامج؟! كانت تقصد طونى خليفة وبرنامجه «زمن الإخوان». طونى واصل وجوده للعام الثالث على التوالى فى «القاهرة والناس»، وجورج قرداحى الذى عاد إلى التليفزيون المصرى فى «المليونير» من خلال «الحياة»، وجورج عرفناه فى مصر قبل 10 سنوات وكان هو أشهر مذيع لبنانى فى مصر ولا يزال. وجاء نيشان مع «العسل وأنا» ونيكول سابا «التفاحة».. شاهدت ما قدمه الأربعة ولم أشعر أن هناك تفوقًا عن البرامج التى يقدمها مصريون.. طونى هذا العام يتراجع عما وصل إليه فى الماضى.
يكفى أنه يقدم ثلاثة من المراقبين السريين، والثلاثة أصواتهم مميزة لدى قطاع وافر من الجمهور. فكيف لا يعرفهم ضيوف البرنامج.. كان الأفضل فى تلك الحالة أن يلعب على المكشوف، أى يقدمهم فى البداية للضيف وللجمهور.. ربما كان طونى بحكم أنه لا يعيش فى مصر لا يدرى أن مراقبيه الثلاثة من الضيوف الدائمين على برامج التوك شو، ولكن كيف يقع فريق الإعداد فى هذا الخطأ؟ بينما نيشان فى برنامجه يدلع ويطبطب ضيوفه أكثر مما ينبغى. وجورج قرداحى لا يزال يعيش مع «المليونير» وهو يعتمد على قوة الدفع الجماهيرى التى توافرت له فى السنوات الماضية.. أما نيكول فهى تشعرنى بأنها تستضيف فى كل حلقة نيكول!
الأربعة ليسوا فى أفضل حالاتهم، ولكن من حقهم أن يعملوا فى مصر فهم يخضعون لقانون العرض والطلب.. القناة الفضائية تستعين بالورقة التى تحقق لها الدخل الأعلى والجاذبية الأكبر، ولا مجال لمن يتصور أنه مصرى، فهو الأحق كأنه جحا الذى يريد الاستحواذ على لحم طوره.
السوق التليفزيونى أصبح يفرض على الجميع ضرورات اقتصادية.. الأصوات الغاضبة التى تسأل لماذا يعمل المذيع اللبنانى، بينما هم فى بيوتهم، يذكروننى بتلك الهجمات الفاشلة التى شنتها نقابة الممثلين المصرية قبل نحو 5 سنوات ضد أى فنان عربى يوجد فى مصر، وبدأنا نرى قرارات عشوائية تصدر من أجل تحجيم مشاركة الفنان السورى أو اللبنانى فى الدراما.
لم نشعر أبدًا وقتها أن هذه القرارات تسعى لحماية الفنان المصرى، بل كانت تُظهره فى مكانة الأضعف، وكانت تتردد بين الحين والآخر عبارات مثل «اللى يعوزه البيت يحرم ع الجامع»، واعتبر بعض الممثلين المصريين أنهم البيت، ومع الأسف جزء من الإعلام المصرى تورط فى الدفاع عن هذه القرارات. ولكن ما حدث بعد ذلك هو أن كل محاولات تحجيم الفنان العربى ماتت على أرض الواقع، والعديد من المسلسلات التى نشاهدها هذا العام يشارك فى بطولتها فنانون من سوريا ولبنان وتونس وفلسطين والأردن، ولم يعد أحد حتى يتذكر جنسية هؤلاء.. الفضائيات طرحت قانونًا مختلفًا، الفنان الأعلى إبداعًا هو المطلوب ولا شىء آخر.. مثلا هذا العام استعانت الدراما المصرية بالمخرج التونسى شوقى الماجرى فى المسلسل الرائع «نابليون والمحروسة».. المعلق الكروى التونسى عصام الشوالى، لأنه أصبح الأشهر عربيًّا أسند إليه المخرج عمرو عرفة أداء مشهد داخل فيلمه «حلم عزيز»، بالرغم من توافر عشرات من مذيعى مباريات كرة القدم المحليين!!
ويجب أن لا ننسى أن التليفزيون المصرى كان يحمل حتى سنوات قليلة اسم التليفزيون العربى، وفى الفضاء العربى تتألق خارج الحدود من مصر المذيعات وفاء الكيلانى ومريم أمين وإنجى أنور.
لم يعد أحد يلحظ وهو يشاهد مسلسلات رمضان هذا العام أن إياد نصار أردنى من أصل فلسطينى، وصبا مبارك أردنية، وجمال سليمان وسلافة معمار من سوريا، وسناء يوسف تونسية وغيرهم.. لا أحد صار يفتش فى جواز السفر، وأظنه لن يلحظها أيضا فى الأعوام القادمة مع مقدمى البرامج.
أدافع عن وجود المذيع العربى فى الفضائيات المصرية، رغم أننى أرى أن البرامج الأربعة التى يقدمها المذيعون اللبنانيون على الشاشات المصرية ليست هى الأقوى، ولكن هذه نقرة وتلك نقرة!!