الدكتور مرسى.. هذه رسالة شارك فى كتابتها مئات الأسر نيابة عن أنفسهم وعن غيرهم فقدوا الأمل حتى ولو فى كتابة رسالة إليك، بيوت مصرية كثيرة كان أبناؤها وقود الأيام التى انتهت بوصول حضرتك إلى كرسى الرئاسة منتخبًا، هذه آلامهم وأسئلتهم المشروعة وعتابهم المرير الذى يفترض أن يطيّر النوم من الأعين، هذه رسالتهم أنقلها إليك كما هى.. وفى انتظار الرد: «السيد الرئيس أَدرك مواطنوك المظلومون فى السجون.. قبل فوات الأوان، بعد طول انتظار ونضال طويل على مدار الثورة وحتى الآن، لدحر حكم العسكر ومحاكماتهم الظالمة، وبعد تولى رئيس منتخب أقسم على احترام القضاء بإلغاء المحاكمات العسكرية.. فوجئنا بقرار بإنشاء لجنة غير مفهومة التشكيل، مختلطة الأهداف، الخصم فيها هو الحَكم، لا نتيجة منها سوى إطالة أمد محاكمات العسكر فى مصر، وضرب احترام القضاء المصرى عرض الحائط، وإعطاء شرعية لمحاكمات باطلة وقضاء عسكرى استثنائى، استنكرها العالم كله، بل وأساءت إلى سمعة مصر واقتصادها وأذلّت الآلاف من الأسر المصرية الآمنة!
إننا نرفض بكل قوة هذه اللجنة المشؤومة المسماة بلجنة المعتقلين، والتى لن تكون أبدًا بديلًا عن العفو الرئاسى، والتى لا وظيفة لها فى نظرنا إلا امتصاص غضب شباب مصر الذى ما زال يُسحَل ويُضرَب ويُحاكَم أمام العسكر فى السويس منذ أيام! ويُختطَف فى مسيرة سلمية بمدينة نصر منذ ساعات! تحت حكمك يا سيادة الرئيس!
تم حرمان الآلاف من المواطنين من الحق فى التقاضى أمام القاضى الطبيعى وليس أمام قاضٍ عسكرى لا علاقة له بالمدنيين. كما تم إلقاؤهم كالنفايات فى زنازين قذرة أصابتهم بالأمراض، وتم ضربهم وتعذيبهم بالكهرباء وهتك أعراض أبنائك وبناتك منهم بدم بارد، وتم إذلالهم وسبّهم وسبّ دينهم، وسب آبائهم وأمهاتهم بأخسّ الشتائم التى تضرب أخلاق العسكرية المصرية فى الصميم، فى نسخة قبيحة من إخوانهم فى الجريمة: أمن الدولة وزبانية تعذيب مبارك.
ألم تسمع يا سيادة رئيس الجمهورية صرخات المعذَّبين من رعيتك؟ وكل راعٍ «مسؤول» عن رعيته؟
ألم تشاهد سيادتك صراخ أبنائك وبكاء بناتك الذين هُتكت أعراضهم ومُزِّقت أجسادهم ونزفت دماؤهم، ولا تزال؟
ألم تقرأ سيادتك وتشاهد تقارير الإعلاميين طوال شهور عن معاناتنا وإذلالنا وإذلال أهالينا؟
قبل رحلة سيادتكم للعمرة، هل ضاق وقتك لهذه الدرجة عن زيارة سريعة لسجون بلادنا، لترى كيف يعيش المحاكمون عسكريًّا والمعتقلون من زملائك فى الميدان والثورة، وهم ينامون على الأرض وسط الحشرات والقذارة داخل علب خانقة شديدة الحرارة 23 ساعة فى اليوم؟
هل جرّبت سيادتك ولو مرة واحدة أن تشارك معاناة يوم الزيارة الوحيد أسبوعيًّا معنا وتقف مع المسنين من أهالى المعتقلين والمحاكمين القادمين من كل أنحاء بلادك من الصباح الباكر حتى العصر فى شمس حارقة تلهب قلوبهم قبل الوجوه، ليتمكنوا فى نهاية اليوم من رؤية فلذات أكبادهم القادمين فى عربات ترحيلات مكدسة تخنقهم، لمدة لا تزيد على 15 دقيقة، وقد تقل حسب مزاج السجان؟
ألم تفكر سيادتك كيف سيقضى هؤلاء غرة رمضان، وسط دماء الجروح المفتوحة فى الأجساد، ودموع الأهل التى لا تجف، وليل الظلم المرير ودعوة المظلوم، بينما مَن ذبحوا وفقؤوا أعين الآلاف من شهداء ومصابى أشرف شباب مصر وعاثوا فى مصرنا فسادا ثلاثين عامًا يستمتعون فى قصورهم الآن دون حساب؟!
لقد شاهد العالم سيادتك تبكى من خشية الله فى الحرم الشريف، ونقسم لك بالله أنك ستبكى من قلبك أكثر لو زرت أبناءك وبناتك المظلومين وجلست بين أجسادهم المحطمة على تراب الزنازين العفنة!
لقد فاض الكيل، وما زلت لا تسمعنا سيادة الرئيس!
وأقبل أبناؤك الآن على الموت جوعًا على أن يفرطوا فى كرامتهم وحقهم الشرعى فى العدالة الفورية، فدخل واحد وعشرون من أبنائك فى إضراب مفتوح عن الطعام فى سجن طرة منذ أسبوع، ولم تشعر بهم!