.. فلا يعقل أن تظل أنفاس المصريين محبوسة، انتظارا لإعلان نتيجة إعادة انتخابات الرئاسة التى جرت يومى 16 و17، حتى الساعة الثالثة من ظهر أمس.
.. إنه العبث الناتج عن الإدارة الفاشلة «العظيمة» لجنرالات معاشات المجلس العسكرى منذ تسلمهم إدارة البلاد وتخبطهم فى كل الأمور التى أوصلتنا إلى حالة الفوضى العارمة.
إن ما يحدث نتيجة لعدم الشفافية التى يمارسها الجميع، كل فى مجاله وكل فى جماعته.. وكل فى مؤسسته.. وكأنه لم يحدث أى شىء من بعد الثورة.
عدم الشفافية جعل الجميع يلعب فى مصير الشعب.
.. فهناك لعب من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، التى أعتبرها -وغيرى كثير- لجنة إدارة لإدارة الانتخابات، وليست قضائية محكمة، كما يدعون هم.
.. وهناك لعب من جنرالات المجلس العسكرى.. وهو ما انعكس على قراراتهم واجتماعاتهم السرية وإصدارهم تشريعات بليل.. ونشرها فى ملاحق -تبدو وهمية- للجريدة الرسمية.. ليفاجأ بها الجميع.. وبطريقة أسوأ مما كان يسير عليه مبارك وعصابته وترزية قوانينه.
ناهيك عن المفاوضات فى الغرفة المغلقة لتقرير مصير البلد دون الرجوع إلى الشعب الذى قام بثورة عظيمة ضد الاستبداد والتعتيم.. وتصرف المسؤولون وكأنهم غير موجودين ولا علاقة لهم بالأحداث.. وها هم العسكر يعيدون نفس الإنتاج وبشكل أسوأ.
.. وهناك لعب من المرشح الدكتور محمد مرسى، الذى استبق الجميع فى إعلان فوزه بالرئاسة دون أن ينتهى فرز جميع الأصوات.. وهناك لعب من جماعة الدكتور محمد مرسى.. ومفاوضات وصفقات من تحت «الترابيزة» ودون شفافية.. ودون احترام للثوار والشعب الذى دفع الكثير من دمائه الطاهرة على أرض الوطن فى ثورته ضد الاستبداد والطغيان.
.. وهناك لعب من المرشح الآخر أحمد شفيق الذى دخل من الشباك هذه المرة بعد طرده من الباب فى مارس 2011 فى مليونية شهيرة بالتحرير، باعتباره أحد أفراد عصابة مبارك، الذى جاء به لإجهاض الثورة، وهو أيضا رئيس وزراء موقعة الجمل.
.. وهناك لعب من رجال أعمال النظام الخلوع الذين نهبوا البلد وسرقوا أموالها وهربوها إلى الخارج.
.. وهناك لعب من رجال إعلام النظام المخلوع وابنه الذى كان طامعا فى وراثة عرش أبيه لتزييف وعى الناس.. وتحميل الثورة التى تخلصت من الاستبداد والطغيان والقهر، كل الأمور السيئة من تعطيل لحركة الإنتاج وعدم الاستقرار.
.. وهناك لعب من الأجهزة الأمنية.. التى ما زالت حتى الآن تشترى دماغها فى عودة الأمن.. بعد أن نشرت الانفلات الأمنى فى أيام الثورة.. وما زالت تنشر الشائعات فى كل المجالات لترهيب وترويع المواطنين.. خلافا لدفعهم ب«المواطنين الشرفاء» الذين يعرفونهم بالاسم لترويع الناس وإرهابهم والهجوم على الثوار.. وسب الثورة وتحميلها الأمور التى وصلنا إليها الآن من انفلات وفوضى، رغم أنهم السبب فى ذلك، لمعاداتهم الثورة، وانتمائهم إلى نظام القهر والاستبداد وتعذيب المواطنين.
.. كلٌ يلعب فى مصير هذه الأمة لإشغال الناس عن المطالبة بأهداف الثورة التى سقط الشهداء من أجلها.. الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية.. وليرجعوا الناس إلى العيش، خائفين قانعين بحكامهم المستبدين!!
.. كل ما يحدث سببه عدم الشفافية..
لقد تقدمت دول العالم بإعلان حكامها الشفافية مع شعوبهم.
.. لقد كان حل ألمانيا وكلمة السر فى الخروج من مأزقها من حكم النازية الذى دمر الشعب الألمانى هو الشفافية، التى تم اعتمادها فور هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية.. لتنتقل ألمانيا وشعبها إلى مصاف الدول الكبرى فى سنوات قليلة.
.. يا أيها الذين تحكمون البلاد على الطريقة الاستبدادية، الشعب يريد الشفافية.
.. يا أيها الرئيس محمد مرسى.. الشعب يريد الشفافية.