قبل ان تقرأ : اكتب هذا المقال قبل ان اعرف من سيكون رئيس الجمهورية .. يطلع مرسي .. يطلع شفيق .. ربنا يستر ع البلد من الاتنين.. فهذا المقال لاعلاقة له بما بعد النتيجة لكنه رصد شديد الدقة للمشهد الحالي .. لا أقول شديد التعقيد ، لكنه شديد العبثية والهرج المقيت. ******* سعيد مهران كان حرامي وابن كلب .. عادي .. اللي زيه كتير .. كل الحرامية ولاد جزمة قديمة .. ونبوية وعليش ورؤوف علوان كانوا كلاب بحق .. خانوه وضحكوا عليه .. نبوية كانت مراته بتشجعه على السرقة عشان تعيش أحسن عيشة ، وعليش صاحبه كان الصبي بتاعه .. سعيد يسرق وهو يراقب من بعيد والاتنين يرجعوا بالغنيمة ، ورؤوف علوان زرع فيه البذرة وقال له من حقك انك تعيش وتسرق مادام مفيش عدالة اجتماعية تساوي بين الغني والفقير .. ولما وقع سعيد مهران بمكيدة من عليش بالاتفاق مع نبوية الزوجة الخائنة عاشقة صاحبه .. تنكر له ومنه الجميع حتى رؤوف علوان بعد ان أصبح صحفيا ذا قيمة .. وعندما أراد مهران الانتقام من الثلاثة ، نبوية وعليش وعلوان ، اخطأت رصاصاته ، فأصابت أبرياء وسقط هو قتيلا في النهاية .. وعاش خائنوه.
.. " اللص والكلاب " قصة عبقرية للأديب الفذ نجيب محفوظ أراد ان يقول فيها ومن خلالها أنه لو كان سعيد مهران لصا ، فهناك كلاب هم الذين شجعوه على السرقة .. وأوقعوا به ليقبع وحده في السجن الذي كان جديرا باحتواء الأربعة.
تُرى لو أعاد نجيب محفوظ كتابة " اللص والكلاب " مرة أخرى .. فما هى رؤاه الجديدة تطبيقا على المشهد الآن في مصر منذ خلع مبارك وحتى هذه اللحظة؟
بداية .. اللص ليس واحدا لكن مجموعة تضم عددا غير قليل من اللصوص .. اما الكلاب فحدث ولا حرج .. كثيرون جدا .. وان كان الكلاب الثلاثة " نبوية وعليش ورؤوف علوان " غدروا بسعيد مهران .. فالكلاب في المشهد الأخر أوفياء للحرامية ، لم يغدروا بأحد .. لكنهم يطبلون ويتغنون بمزايا اللص او اللصوص .. ولايعتبرونه لصا من الأساس ، لكنه حامي حمي الديار .. ولولاه لخربت البلد وأغرقت الدماء أراضي المحروسة. ا للص او اللصوص منذ 11 فبراير خربوا البلد .. منهم من يدعي انه مع الثورة وحاميها ، ومنهم من أضرت به الثورة وأطاحت بآماله ويستقتل الآن .. والآن تحديدا للقضاء عليها ليعود النظام القديم بالرئيس الذي سيحفظ لهم مكتسباتهم ويُزيدها .. ردا للجميل.
ومادام هناك لص فلابد أن يكون هناك كلاب لا تطارده كما هو الطبيعي ، ولكن لكي تشد من عضده .. وتؤمّنه وتُلبسه رداء الحكمة والمصلحة العليا .. وهى - اى الكلاب - تعلم يقينا أن لا مصلحة عليا إلا مصلحته .. وشعاره : انا ومن بعدي الطوفان.
اللص في نظري في هذه اللحظة الانية تحديدا اشرف مليون مرة من الكلاب .. وان كان لا يستطيع بحال من الاحوال ان يستغني عن كلب واحد منهم .. لكنهم في الاول والاخر كلاب ولاد كلاب .. منتشرين زي الدبان في الفضائيات والصحف والمجلات
صحيح فيه كلاب تانية ومؤثرة بصمتها المخزي لكن تأثير كلاب الفضائيات والصحافة أكبر بكثير .. معظمهم ولا أقول كلهم يُغمضون أعينهم عن الحقيقة الساطعة سطوع الشمس ، ويحاولون تزيين القبح وتجميله .. ولكن على رأى المثل " اش تعمل الماشطة في الوش العكر " .. هؤلاء يشعرون إذا ما جاء رئيس غير الذي يروّجون له ويستضيفونه بدلا من المرة عشرات المرات ، فإن مصيرهم المحتوم صفيحة الزبالة .. وهم لا يطيقون رائحة العفانة ، رغم أنهم هم العفانة ذاتها .. لذلك هم مرعبون رعب الفئران من القطط ، لو جاء سين بدلا من شين .. ويمنّون أنفسهم بال "شين " كي يبقوا على الساحة وفي الواجهة .. زمارين .. طبالين .. " دلاديل " .. ديول كلاب للحاكم الجديد .. هم لا يشعرون بأى نوع من الخزي والعار من مواقفهم هذه لأنهم أساسا " معندهمش دم " .. وينتظرون المكافأة .. مزيدا من الملايين تضاف إلى خزينتهم النجسة وبروزا اعلاميا أكثر.. لا تقوللي مصر ولا يحزنون .. مصر بريئة من شوية كلاب جربانة .. إن أردت الحق والحقيقة .. فأجدر بها - اقصد مصر - ان تحرقهم في الميدان .. " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب".
وكي أكون منصفا غير منحاز ، فهناك كلاب آخرون .. كانوا مع اللص يدا بيد يباركون خطواته ويتفقون معه ويقفون ضد معارضيه مقابل تقسيمة قذرة لا تُرضي إلا الطرفين .. وعندما طمع اللص أكثر انقلبوا عليه وهدّدوه بال " عض " .. وهى كلاب ليست اليفة ، لكنها " سعرانة " .. يعني عضتها والقبر .. الكلاب لا مبدأ لها او عندها .. إذا اتفقنا كان بها ، وإذا اختلفنا .. عليا وعلى أعدائي.
والسؤال : هل أدركت الكلاب الآن معنى الخيانة عندما اكتووا منها وبها .. هل شعروا الآن بأهمية الحشود التي تخلّوا عنها لمغنم قريب .. وبدأوا يدركون الحقيقة الحاضرة الغائبة عنهم .. أن يدا واحدة لا تصفق .. وأن اللص بكل ما لديه من قوة يهدّد بها ويستعلي ، إذا ما رأى ملايين في الشارع يرضخ ويرحل إلى غير رجعة؟
أتمنى وان كنت غير متفاءل .. فالطبع يغلب التطبع .. لكن لنأمل خيرا .. المهم الكلاب تتأفف من وصفها بهذا القبح المهين .. وتصر هذه المرة تبقى " رجالة ".