الأمر لا يحتاج إلى كثير أو حتى قليل من الملاحظة لتكتشف أن المجلس العسكرى الداعم الأكبر لشفيق بدأ فى اللعب على المكشوف لصالح مرشحه الأثير، وأن هناك قنوات اتصال مع عدد من الشخصيات التى تمت بصلة قربى أو نسب إلى الثورة ليعلنوا فى أجهزة الإعلام المختلفة أنهم «شفاشقة»، وبالطبع كلما كنت محسوبا على الثوار زاد ثمنك عندما تعلن عن ميولك الشفشقية. ولا تتعجبوا هذا هو دائما حال قسط وافر من المثقفين والإعلاميين والفنانين القاعدة هى «اللى تكسب به العب به».. شاهدت مثلا كاتبة كانت من الوجوه التى كثيرا ما رأيتها فى الميدان، ولكنها لم تكتف بإعلان خوفها من الدولة الدينية مؤيدة لشفيق، وأضافت أنه غير متورط فى واقعة الجمل.. انزلقت إلى الرمال المتحركة ولن تستطيع العودة وربما مع اقتراب الانتخابات تعتبره هو صانع ثورة 25 يناير، والحقيقة أن النظام الحاكم لا يزال يملك الأوراق التى تمنحه السيطرة وأول وأهم خطوة لتنصيب شفيق بإطار ديمقراطى هو اختراق هؤلاء الواقفين على خطوط التماس مع الثورة، وكانت لديهم مواقفهم مع العهد البائد، الدولة العميقة تعاملت معهم.. هؤلاء سنراهم فى مواقع قيادية فى بداية ولاية شفيق، وبعد ذلك يتم الاستغناء عنهم لإفساح المجال للمباركيين من جماعة «آسفين يا ريس».. النظام يختار رجاله من الآن واللعب بهذه الخطة التى تقع فى ثلاث مراحل رقم 1 يقولون نختار شفيق، لأننا نرفض الدولة الدينية.. وهل شفيق من الممكن تصنيفه سوى أنه دولة عسكرية بمذاق بوليسى!
المرحلة رقم 2 نختار شفيق رافع راية الحزم والانضباط والأمن والحريات الشخصية والعامة ولن يذكروا أنه أحد رموز العهد البائد.. تنتقل للمرحلة رقم 3 أن تنفى تماما أى عداء بين شفيق والثورة المصرية. بل عليك التأكيد أنه يصحو من نومه وهو يقول باحبك يا ثورة وينام مرددا باحبك يا ثورة!
بالطبع هناك قوة تصويتية مع شفيق وهم الحزب الوطنى وكوادره، ومع مراعاة أن الأقباط ليس أمامهم سوى شفيق ولو كنت قبطيا لكان هذا بلا شك هو اختيارى الوحيد.. قطاع من المواطنين البسطاء الذين صدرت لهم أحلام بأن شفيق سيعيد عجلة الإنتاج.. أهالى العسكريين ورجال الشرطة والقضاء، خصوصا أن مرسى فى كل تصريحاته يزيد مخاوف الناس ضد التيار الدينى، دائما فى كلماته خط رجعة وظلال تحتمل كل شىء بما فيها شبح الدولة الدينية، مثلا عندما سأله عماد أديب فى «سى بى سى» عن النموذج الذى يراه لمصر هل هو تركيا أم ماليزيا أم إيران أجابه مصر ستصبح نموذجا متفردا.. كلام جميل ولكن المعروف أن الذى يخيف المصريين بقوة ويعرفه مرسى هو النموذج الإيرانى، كان من الممكن أن يقول هذه الكلمة الجميلة النموذج المصرى مع تأكيده أنه لا يمكن أن يتبنى النموذج الإيرانى.. الحد الأدنى المطلوب هو أن مصر لا يمكن أن تصبح إيران، حيث إن الدولة تفرض زيا على المرأة وتصادر الحريات العامة والخاصة وتناصب الفن العداء وتصدر أحكاما بالسجن ضد العديد من المبدعين والمثقفين ولكن كل الذى قاله مرسى أنه مع الفن بشرط أن يكون هادفا، وهادفا تلك تحتها من الممكن أن تصادر كل شىء.. كان عليه أن يقول إنه مع حرية التعبير ثم يضع نقطة، ويؤكد مثلا أنه سوف ينشئ هيئة مستقلة عن الدولة للتصنيف العمرى للأعمال الفنية ليراعى القواعد الاجتماعية، ولكنه لن يمنع عملا فنيا.
رقابة شفيق لمن لا يدرى أشد عنفا، ربما الفنانون يتوجهون إليه الآن من أجل أن يضمنوا أن لا تتدخل الرقابة فى مشهد جنسى أو عُرى، ولكن الحرية أشمل وأعمق من ذلك، فلن يسمح شفيق بحرية تناول الثورة أو أن توجه انتقادات إلى مثله الأعلى «مبارك».
إذا كنتم ترون أن رقابة شفيق ستتسامح مع مشهد عُرى وتضحون بأفكاركم من أجل ذلك اختاروا شفيق، ولكن يظل أن مرسى مثل أغلب تنظيم الإخوان لن يرى فى حرية الفن إلا حرية الجزء الأسفل للإنسان وسوف يركز فقط على ما يتصوره أخلاقيا، فيتحول إلى عدو شرس للفن ويكسب شفشق!
الاختراق لصفوف الثوار لن يتوقف عند حدود عدد محدود من الكتاب والمخرجين والفنانين والدائرة قابلة للاتساع مع الأسف، أرى أرجل الكثيرين مغروزة فى الرمال المتحركة!