عندما يستقر غبار الانتخابات الرئاسية الصاخبة في مصر، سيكون لدى البلد العربى الكبير رئيس جديد، لكن السلطة في القاهرة ستظل في المستقبل القريب محل نزاع بين 3 قوى؛ الجيش وجماعة الإخوان المسلمين، والحركات الثورية، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية. ولفتت الصحيفة إلى أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية أظهرت مدى الانقسام بين الناخبين؛ حيث ذهب ربع الأصوات تقريبا لمرشح جماعة الإخوان المسلمين، ونفس النسبة تقريبا إلى الفريق أحمد شفيق، مضيفة أنه ينظر إليه كحامل لواء النظام القديم المتأصل في الجيش، وأجهزة الأمن، بينما ذهب ما يقرب من 40% من الأصوات للمرشحين الأكثر تعبيرا عن الثورة، حمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح؛ حيث تقول عنهما الصحيفة البريطانية إنهما الرجلان اللذان كانا أكثر احتمالا في أن يقوما بتحدى المجلس العسكري.
برغم هذا -والكلام للصحيفة- يظل هناك حالة من عدم اليقين حول المرشحين اللذين سيخوضان جولة الإعادة، في 16 يونيو، ومن سيفوز بأكبر نسبة من أصوات المؤيدين لصباحي وأبو الفتوح.
الصحيفة تشير إلى الانقسام بين النشطاء الليبراليين على موقع «فيسبوك»، الذى تصفه بأنه «منتدى الاختيار لطبقات المجتمع المشاركة في السياسة»، حيث تقول إنه يعج بنشطاء ليبراليين يقولون إنهم سيضعون أيديهم على أنوفهم وهم يصوتون لصالح مرسي لإجهاض ما يرونه محاولة للنظام القديم للعودة من جديد من خلال أحمد شفيق.
وهؤلاء يقولون -وفقا للتقرير- إن أيدى الإخوان ليست ملوثة بالدم، مثل الدولة البوليسية التى يربطون شفيق بها، لكنه بنفس الحجم يغص «فيسبوك» أيضا بنشطاء يعتقدون أن شفيق هو الاختيار الأفضل، لأنه سيوقف الإسلاميين وسيكون من وجهة نظرهم من الأسهل الإطاحة به إذا تحول إلى رئيس مستبد، وهم يرون أن الإخوان يسيطرون فعلا على البرلمان ومن المتوقع أن يقودوا الحكومة القادمة، لذا فهى تسعى للتخندق بالسلطة.
الصحيفة نقلت عن المراقبين قولهم إن شفيق اعترف علنا بإعجابه بالرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو يبدو غير جاد وهو يتعهد ب«إعادة الثورة» للشباب الذين قاموا بها، وهو ما يعنى أنه سيحجم تقدم الإخوان السياسي، لكن النشطاء يقولون إن الإخوان تثير الشك بمصداقيتها أيضا عندما تتعهد بالولاء للثورة؛ خصوصا أن الجماعة كانت مستعدة للتخلى عن الثوار فى أثناء المواجهات مع قوات الأمن عندما كانت تخشى على مصالحها السياسية وتعرضها للخطر.
وفي ظل حالة الاستقطاب تلك، يجد كثيرون من المصريين أنفسهم مجبرين على الاختيار ما بين بديلين يحتقرونهما، لكن المخرج من هذه الحالة -وفقا للصحيفة- هو أن يكف الإخوان عن غموضهم وأن يعلنوا بوضوح كيف سيكون حكمهم للبلد.