لم تكتمل الصورة بعد، وأكتب قبل ظهور النتائج النهائية، ولكن هناك عدة نقاط يجب التأكيد عليها، أولها أن الثورة قبل مرشحى الثورة وبعدهم، وهى أيضا بهم ومن غيرهم، الثورة فعل كتب الله أن لا يكون مرتبطا باسم ما أو تكتل بعينه أو حركة سياسة بالذات، كتب لها أن تكون أعرض من كل هذا، فلا تنهزم بهزيمة شخص، ولا تكتمل بوصول شخص ما للرئاسة، ولا تموت بغياب شخص معين، تلك هى معجزة الثورة، وهذا هو تمام نعمة الله علينا، فلا خوف من الاسم القادم، ولا مجال لأن تشك يوما ما بعد هذه المعجزة أن تؤول الأمور إلى خسارة، فالأمور لا تبدو كما تراها من على السطح. النقطة الثانية أن الشعب المصرى فى مجمله جدير بالاحترام، الكم الذى ساند النظام القديم لا يساوى أكثر من ربع من ساندوا الثورة وحلموا بالتغيير أيا كان تقديرهم للتغيير الذى يرون أن البلد تستحقه، وإذا كان هناك لوم على من صوتوا لشفيق أو لموسى، فهذا أمر يجب أن نلوم فيه على أنفسنا أولا حتى يمكن علاجه بمرور الوقت، فهناك من لم يفهم اتجاه الثورة وحقيقة حلمها نتيجة تشويش ما.. وكان لأهل الثورة نصيبهم من إحداث هذا التشويش الذى طال مؤيدى الفلول، فخافوا من أن يكون التغيير إلى الأسوأ، فاختاروا أقرب صيغة لما عايشوه بكل ما فيه من ذل ومرارة، والإنسان عدو ما يجهله، وكل جهل بالثورة لا نملك إلا أن نلوم عليه أنفسنا حتى نكون منصفين وواقعيين ونتعلم الدرس من أجل الاختبار القادم. لا أملك أن ألوم على الغربان والخفافيش الذين حاربوا الثورة، فهذا أمر متوقَع، ولكن نملك أن نتعرف على أخطائنا وهذا مكسب آخر.
النقطة الثالثة هى أن الثورة قوية، الثورة ابنة إمبارح تحارب بضراوة مؤسستين كبيرتين، عمر كل واحدة يفوق نصف القرن. الثورة ابنة إمبارح بكل ما فيها من حماس يتماس مع العشوائية أحيانا، وإخلاص يتماس أحيانا مع النوايا الحسنة التى تقود إلى الجحيم، ومع قلة مواردها وإمكانياتها، ومع كل تشتت اختبرته منذ غادرت الميدان فى 11 فبراير، ومع كل المكائد والحروب النفسية والإعلامية والدموية التى تصفى أوطانا لا مجموعات من البشر الأحرار، الثورة رغم كل هذا صلبة ومشاكسة وقادرة على منازلة المخضرمين وسحب البساط من تحت أقدامهم، فما بالك بمرور الوقت والخبرات؟
الثورة مستمرة.. هذا ما فهمته من تجربة انتخابات الرئاسة، هناك سبعة مرشحين حصلوا على الفرصة بفضل الثورة، وربما نجح واحد منهم، لأن الثورة عصية على الاختزال، تخوض الانتخابات بالستة مرشحين مرة واحدة، قد تقع فى خطأ الربط بين واحد منهم وبين الثورة، فتعتقد أن الثورة سقطت فى هذا الاختبار، لكن الواقع يقول لك اجمع ما حصلوا عليه من أصوات لتتأكد أن عنوان المقال الذى قرأته صحيحا