«سيب وانا اسيب».. هكذا تعاملت الحكومة مع الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل، حيث استخدمت خطة الموازنة ورقة ضغط ضد مجلس الشعب، لثنيه عن حديث سحب الثقة منها، الذي سيطر على المجلس منذ جلساته الأولى، في ظل رغبة حزب الأغلبية الحرية والعدالة الإخواني، في تشكيل الحكومة، مما مثل صداعا مزمنا لرئيس مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري، ومن ثم كان تأخير إعداد وتقديم الموازنة للبرلمان هو الحصان الرابح الذي لعب عليه لعرقلة مساعي سحب الثقة من حكومته وتشكيل أول حكومة إخوانية في تاريخ مصر. المراقب لأداء الحكومة ومجلس الشعب، يكشف عن أن الحكومة، كانت قد وعدت بتقديم الموازنة في أسرع وقت، وذلك عقب حث حزب الحرية والعدالة نوابَه، على سحب الاستجوابات.
لكن هدنة الوئام والصلح، التي أعقبت تغيير بعض الحقائب الوزارية، فى حكومة الجنزورى، لم تدم طويلا، بمجرد رفض بعض النواب سحب استجوابات سحب الثقة، مما دفع وزارة المالية إلى الامتناع عن إرسال الموازنة بحجة الوعكة الصحية، التي ألمّت بوزير المالية ممتاز السعيد، قبل أن ينجح الحزب الإخواني، في إقناع نوابه بسحب الاستجوابات، والإعلان عن ذلك بشكل نهائي منتصف الأسبوع الجاري، ومن ثم دار العمل على قدم وساق في وزارة المالية مجددا، للتجهيز ووضع اللمسات النهائية لعرض الموازنة على مجلس الشعب.
عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب، النائب عباس عبد العزيز، قال ل«التحرير»، إن الحكومة لم تعِد بتقديم الموازنة العامة، إلا بعدما التقى رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني، مع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، في السادس من مايو، مشددا على أن حكومة الجنزوري كانت قد تعمدت تأخير عرض الموازنة.
عبد العزيز قال إن «أداء حكومة الجنزوري يثير العجب، حيث اشتغلت على مصر بالقطعة»، وتابع بأن شخصا يمتلك خبرة الدكتور الجنزوري لا يمكن أن يقع في خطأ مثل هذا، عن غير قصد، لأنه يعلم جيدا أن أكثر من 5.5 مليون يعملون في القطاع الإداري، لن يتسلموا رواتبهم في شهر يوليو، في حالة عدم إقرار الموازنة.
لكن رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب، طارق الدسوقي، يطرح رؤية مغايرة لتأخير عرض الموازنة على البرلمان، بالإشارة إلى أن حكومة الجنزورى تعرف أنها لن تستمر إلى ما بعد انتخابات الرئاسة، مما أفقدها حماستها بشكل تام، لإنهاء المهام الموكولة إليها، خصوصا أنها لن يكون لها دور في موازنة العام المالي القادم.
من جانب آخر، قال مصدر في قطاع الموازنة العامة في وزارة المالية، ل«الدستور الأصلي»، إن معضلة العجز كانت السبب الأساسي وراء تأخير عرض الموازنة على مجلس الشعب، بينما يرى المراقبون أن تأخر عرض الموازنة، قد يكون ردة فعل من الحكومة على البرلمان لتعطيله قرض صندوق النقد، حسب رأي أستاذ التمويل والاستثمار، في جامعة السادس من أكتوبر، الدكتور مصطفى النشرتى، الذي كشف عن أن الحكومة تواجه عجزا شديدا، في تمويل بند النفقات في الموازنة العامة، حيث تم عرقلة الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، الذي كان أهم المصادر التي خططت الحكومة لاستخدامها لسد العجز.