الطبيبة الميدانية: معظم المصابين تم اعتقالهم من المستشفيات.. والبعض تم ذبحهم أمام الأطباء كمراسلي الحروب، يتعرض طاقم المستشفيات الميدانية في ميادين الاعتصامات وساحات المظاهرات لخطر الموت والإصابة والاعتقال أيضا، مثلهم مثل المتظاهرين.
وفي الأحداث الأخيرة بالعباسية، كاد يلقي القبض على المسعفة الميدانية الدكتورة سارة سويلم، ضمن من تم اعتقالهم من قبل قوات الجيش.
تحكي سارة عن بداية هجوم الجيش على المستشفى الميداني، حيث اضطر جميع الأطباء الميدانيين والمسعفين إلى الهروب، تقول «هربنا تجاه شارع الخليفة المأمون، حتى وصلنا إلى خيام للمعتصمين في أعلى الهضبة، لكن فوجئنا بمحاصرة الجيش لنا والقبض علينا»، مشيرة إلى أنهم كانوا 15 بنتا ونحو 30 شابا من الأطباء الميدانيين والثوار، و«فور وقوعنا أسرى فى يد الجيش هتفنا، سلمية سلمية، لنؤكد للجيش أننا عزل ولا نحمل أى أسلحة، ثم بدأت قوات الجيش في أخذ متعلقاتنا، وبدأت ثلاث سيدات من الثوار في الانهيار وفقدن وعيهن، وهنا توسل الشباب لقوات الجيش للإفراج عن البنات، وهو ما تم فعلا، لكن فور خروجنا سمعنا إطلاق خرطوش على الثوار المعتقلين فى أيدى قوات الجيش، وهنا فقد بعض البنات، وعددهن ثلاث، وعيهن واضطررنا إلى تركهن وهربنا، وحتى الآن لا أعلم شيئا عن مصير هؤلاء البنات».
15 طبيبا ميدانيا، تقول سارة إنهم مفقودون، فلا أحد يعلم إن كان تم اعتقالهم أم وقعوا في أيدى البلطجية، وبينما أفرج عن ثلاث طبيبات بعد اعتقالهن بالفعل، هناك ثمانية أطباء ما زالوا معتقلين، وهم: الدكتورة آية كمال، وكانت ترتدي بالطو أبيض مكتوبا عليه «شهيد تحت الطلب»، والدكتورة شيماء المحمدى وهى طبيبة منتقبة، فضلا عن الدكتور أنس أحمد محمد شحاتة المصاب بقنبلة غاز فى صدره، وبجروح عميقة بالرأس واليد، والدكتور عبد الله محسن، والدكتور أحمد الخولي، والدكتورة إسراء كامل محمد حسين، الطالبة بطب الأزهر، وتم القبض عليها بعد صلاة العصر من مسجد النور، وتقرر حبسها 15 يوما على ذمة التحقيق وترحيلها إلى سجن القناطر، والدكتورة آية سيد عبد الرحيم، والدكتورة نسرين يوسف، والدكتورة هند عبد الرحمن، والمسعف عبد الحليم محمد عطية الشهير ب«عبد الحليم حنيش»، وهو طالب فى ليسانس حقوق بجامعة حلوان، وعضو بحركة 6 أبريل، وتم القبض عليه من داخل مستشفى عين شمس التخصصي، وتم ترحيله إلى السجن.
وبنبرة أشبه بطقس الاعتراف، قالت الدكتورة سارة «إن الأطباء الميدانيين كانوا يعالجون أى بلطجى مصاب»، مؤكدة أنها حاولت أن تسعف بلطجيا يدعى محمد، يقطن فى شارع عبده باشا ويعمل (ميكانيكي)، وذلك بناءً على البيانات التي وجدتها في حافظته الشخصية، لكن لم تستطع، حيث إنه كان مصابا بسكين في الرأس والبطن والظهر، لدرجة أنها لم تستطع تحديد أماكن نزيف الدماء، واضطرت إلى تركه خلف سيارة بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة، مؤكدة أن المستشفى الميداني كان غير مجهز بكل المعدات الطبية، بينما كانت الإصابات خطيرة، وتتطلب تدخلا جراحيا، و«اضطررنا إلى ترك نحو 40 مصابا في المستشفيات الميدانية عند هجوم الجيش علينا، وعندما حاولت طبيبة تدعى مريم والدكتور طارق سعيد الرجوع للاطمئنان على المصابين لم يجدا أيا منهم، وفوجئا بكنس مقر الاعتصام والمستشفيات الميدانية بالكامل، ثم وقعت الدكتورة مريم في يد قوات الجيش، ولم نعرف عنها أي شىء».
صمتت المسعفة الميدانية برهة، قبل أن تعود لتجتر الأحداث، قائلة «لم تكن هناك حرمة للمصابين، سواء داخل سيارات الإسعاف أو المستشفيات، حيث إن البلطجية لم يتركوا المصابين داخل المستشفيات، وتم ذبحهم أمام الأطباء وأمن المستشفى»، مشيرة إلى أن معظم المصابين تم اعتقالهم من المستشفيات، حيث اختفوا بعد دخولهم بساعات».