لا أرى للشيخ حازم صلاح أبو أسماعيل كرامة ولم أثق فيه يوماً ما وأشعر ان أنصاره يستحقون رجل أحسن وأجدر من هذا الرجل. أنصار الشيخ حازم كثيرون او كانوا كذلك الى ان انكشف أمره وبان عدم صدق إدعائُه ورُفض ورقُه من لجنة الأنتخابات الرئاسية. لكن هناك بعض من أنصاره مازالوا يصدقونه وأتجهوا بمسيرات الى وزراة الدفاع وأعتصاموا فى محيطها. بالطبع لم يمكثوا طويل بمفردهم. فبعد ساعات بدأ المواطنون الشرفاء فى التوافد على محيط الوزارة واشتبكوا مع المتظاهرين بغية تفريقهم من عند الوزارة. الى هنا الأمور كانت طبيعية. لكن بعد وهلة وجيزة ظهر الدم على مسرح الأحداث. الحركات الثورية فهمت ما يحدث وهرعت لنجدة المعتصمون. كالعادة كان اول الوافدين هم نشطاء 6 أبريل ثم توالى نزول الحركات والنشطاء. الأصل فى نزولهم ليس مجرد المساعدة ولكن الدفاع الأصيل عن حق الأعتصام الذى هو حقاً اصيل مكفول فى كل الدساتير والأعراف للبشر يا بشر لكن هناك من لا يستطيع التمييز بين حرمة دم الأنسان وحرمة هدم الكعبة. معظم تيارت الأسلام السياسي لم تشارك أنصار أبو أسماعيل الذى جلس في بيته بينما أنصاره يذبحون ولا نعرف اذا كانوا لهم نية فى نجدة أولئك الذين تسيل دمائه عند وزارة الدفاع ام لا. ولما وجد القلة من تيار الأسلام السياسي المتواجدون عند محيط الوزارة ان الذى آتى لنجدتهم كانوا نشطاء من 6 أبريل وغيرها من الحركات الثورية، بدأوا يشعروا بالكثير من الحرج. لقد تذكروا الموقف تلوا الموقف الذى "شتموا" فيه 6 أبريل والحركات الثورية واتهموهم بالعمالة. لكن لأن الدنيا دواره والقوي اليوم هو ضعيف الغد فأن الأيام دارت حتى اصبح جزء من التيار الديني يذبح فى محيط وزارة الدفاع وجزء على وشك ان يذبح فى البرلمان وجزء ذُبح بالفعل فى أنتخابات الرئاسة حتى قبل ان تبدأ ولم ينجدهم الا الميدان والنشطاء. ظهروا فى الميدان وكأنهم ضيوف حتى وان كانوا كثيري العدد. ولقد رأيت منهم الكثير فى الميدان فى جمعة 20 أبريل لكنهم لم يستطيعوا مبارتنا فى المناقشات ولم تقم لهم حجة بعد سقوط تيارهم الأخلاقي بسبب مواقفهم وتحولاتها.
لقد سبقت الثورة تيار الأسلام السياسي فى المسيرة الى وزارة الدفاع وساعتها قامت علينا الدنيا ولم تقعد واتهمونا بالعاملة للخارج والسعي وراء الفوضى ومحاولة أسقط مؤسسة الجيش وزعزعة أستقرار البلد، ثم تركونا بمفردنا يوم العباسية حتى سقط الكثيرون منا جرحى وأستشهد أبن الصعيد المرحوم الشهيد محمد حسن. وبعدها سخروا منا عندما تكشفت "ست البنات" فى ميدان التحرير. ومن قبل كل ذلك، تباهى تيار الأسلام السياسي بالأكثرية فى الأستفتاء وان معظم الشعب صوت "بنعم" وفى هذا تأيد لهم وللعسكر وقلنا لهم وقتها انتم لم تتعلموا الدرس من سنة 1954 وان العسكر سيلتف عليكم وأنكم خنتم الثورة بموقفكم هذا. ثم بعدها فرحوا بالأكثرية فى مجلس الشعب والأستحواز على ثقة الشارع ولم يتذكروا وقتها او لعلهم لم يدركوا ان النظام عندما سقط كان يشبه العمارة التى تسقط على أساسها وانه لم يكن هناك مبنى آخرى قائم امام أعين الناس الا الأخوان ولذلك اختاروهم لكن العملية كلها شابها الأجحاف فى حق القوى المدنية والأنحياز الى تيار الأسلام السياسي، من أول رسم الدوائر وألحاق أحياء فقيرة وكثيفة السكان بأخرى متوسط وذات كثافة أقل و وصولاً الى طريقة أحتساب الكسور نفسها وبالتالى جأت النتيجة لصالح التيار الديني.
نسي التيار الأسلامي كل هذا وأخذه الزهو حتى وجد البرلمان على وشك ان يُحل ووجد اللجنة الدستورية تسقط بحكم القضاء ولا تقام مرة أخرى وأخيراً وجد المادة 28 التى حصنها البشري لهم هو والفلوطة، هي ذاتها نفس المادة التى اسقطت قطبهم الأكبر الشاطر وجعلت من مرشحه المرسي أستبن فاقد للأحترام فى الشارع السياسي. وسقط على أثر نفس المادة ابو اسماعيل. فأى يد جهنمية كانت تكتب الأعلان الدستوري وقتها؟ وهل مازال بيننا من يصدق ان "نعم" كانت من اجل الأسلام؟
اليوم استشهد الرفيق عاطف الجوهرى الذى كان من اشهر متظاهرى التحرير. لا اذكر اعتصام الا وكان فيه ولا مسيرة الا وكان فى قلبها ولا اجتماع سياسيى مؤيد للثورة الا وحشد له. واليوم قَدَمت 6 أبريل شهيداً آخر من خيرة الشباب. اسمه ابو الحسن أبراهيم.. طالب فى كلية الطب.. كان آخر ما كتبه على صفحته بالفيسبوك "بكتب بدمى حياة تانية لأوطانى" واستشهد مصرييون آخرون كثيرون والله وحده يعلم الدور على مين. من وجهة نظرى بعد ان تم التعالم مع الثوار وسكت الأخوان والسلفيون والكنبة، فأن الدور وصل الى حيث الأخوان والسلفيون. والله أعلم اذا كان بعدها الدور على الكنبة! ولكل من يبغى الأستقرار ويرى ان كل ما يحدث مسؤول عنه النشطاء والثورة، أرجوا ان تسأل نفسك من "فَجَّر" كنيسة القديسين قبل ان تقول "يوم أُكل الثور الأبيض". هذه رسالة للمتفرجين، فأذا عّم البلاء، لا يستثني أحد فخالد سعيد كان ماشي جنب الحيط. هذا أتهام صريح للعسكر والحكومة بالفشل فى كل شيء ورسالة للأخوان والسلفييون بأن المستقبل لليد الواحدة ورسالة لحزب للمتفرجين "انتم واقفون فى وسط الملعب".