لم يكن أهالي قرية أبيار بمحافظة الغربية يعلمون أن قريتهم الصغيرة ستعود إلي دائرة الضوء من جديد بعد أن كانت إحدي أهم القري المصرية في العصور القديمة، وذلك لأنها مسقط رأس الدكتور محمد مصطفي البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أصبح في نظر الكثيرين أمل مصر في تحقيق الإصلاح السياسي والفارس الذي عاد إلي بلده علي حصان أبيض ليخطفه من مرارة الوقائع إلي رحابة المستقبل، لاسيما بعدما أعلن نيته الترشيح لانتخابات الرئاسة المقبلة عام 2011. كان لظهور البرادعي علي الساحة عامل سحري في تركيز الضوء علي قرية «أبيار» التي تتبع مركز كفر الزيات، والتي تشتهر بصناعة الزيوت والصابون، وتعد ثالث أكبر قرية في مصر وأكبر قرية في محافظة الغربية من حيث المساحة وعدد السكان، كما أنها قرية تاريخية وتحوي كنوزاً كثيرة من الآثار سواء الفرعونية أو الإسلامية أو المسيحية. لا تحتاج أكثر من ساعة بمواصلة صغيرة من موقف المعرض بمدينة طنطا حتي تصل إلي قرية أبيار فهي تبعد عنها نحو 15 كيلو متراً، إلا أن أول ما ستلاحظه هو سوء حالة الطريق الواصل إليها فهو طريق فردي يخلو من أعمدة الإضاءة لذلك يقع عدد كبير من الحوادث التي تحصد أرواح المئات سنوياً، وعندما تنزل إلي القرية ستكتشف أنها أقرب إلي مدينة صغيرة وذلك لاتساع مساحتها وطرقها المسفلتة وشوارعها المتداخلة والمتفرعة وأسواقها العامرة، وعدم معاناة أهلها من أزمات في الصرف الصحي أو مياه الشرب، فقط يعاني الأهالي هناك من الخدمة الصحية لنقص التجهيزات الطبية في المستشفي الوحيد الذي يخدم القرية والذي يقع بالقرب من كنيسة العذراء إحدي الكنائس الأثرية. كما تتميز القرية بانتشار عدد كبير من المدارس سواء الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية ومنها مدرسة «إسحق يعقوب» التي أنشأها رجل مسيحي ودرس فيها الدكتور محمد البرادعي، كما تتميز بكثرة المساجد منها الحديث ومنها التاريخي مثل مسجد «العمري» الذي يرجع إنشاؤه إلي الفتح العربي لمصر علي يد القائد عمرو بن العاص، ومسجد «سيدي أحمد البجم» الذي يقع في أحد الشوارع الفرعية ويرجع تاريخه إلي العصر الأيوبي ويحوي العديد من الغرف الصغيرة، ومقام «سيدي أحمد البجم» المغطي بالأقمشة الخضراء، كما تنتشر المنازل القديمة الأثرية والمبنية من الحجارة، والآثار المسيحية ككنيسة «العذراء» ودير «ماري مينا». ويهاجر عدد كبير من أبناء القرية للعمل بالخارج خاصة إيطاليا وفرنسا، ومن أشهر رموزها المعاصرين الدكتور محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط، والذي يتمتع بشعبية غير مسبوقة بين أهالي القرية بسبب المجهودات التي يبذلها لتطوير القرية. من جهة أخري تعتبر قرية «أبيار» أحد معاقل جماعة الإخوان المسلمين إذ يسكن بها عدد كبير من كوادر الجماعة، كما كان لحزب الوفد نشاط مكثف قبل ثورة يوليو لوجود عدد من كبري الأسر الإقطاعية وملاك الأراضي الزراعية والأسر الثرية ومن ضمنها عائلة البرادعي. ويؤكد الأهالي أن والدة عبدالرحمن الجبرتي - المؤرخ الشهير - تنتمي إلي تلك القرية لذلك فقد ذكرها الجبرتي في بعض مؤلفاته، كما ذكرها الرحالة ابن بطوطة الذي زارها ذات يوم ووصفها قائلاً «قديمة البناء، أرجة الأرجاء كثيرة المساجد، ذات حسن زائد»، كما ذكرت في خطط المقريزي ومؤلفات الإدريسي.