إصرار فاجأ به البرلمان الجميع على إعادة الشهادة الثانوية إلى نظام السنة الواحدة، وقد كان له ما أراد، رغم رفض الخبراء سرعة تنفيذ القرار بدءا من الموسم الدراسي المقبل، دون إعداد مسبق، بدراسة متطلبات تطبيقه، وأسلوب التدريس ونظم الامتحانات، فى ظل «السنة الواحدة». حالة الرضا الإجبارية التى أبدتها وزارة التربية والتعليم، لم تمنع الخبراء التربويين من داخل الوزارة ومن خارجها، من انتقاد القرار، واعتبار أنه اتخذ بهدف «الفرقعة الإعلامية» ولكسب رضا المواطنين، وكمحاولة من البرلمان لاستعادة شعبيته المفقودة.
ال«شو الإعلامي» الذي سعى إليه نواب وأحزاب البرلمان، يهدف، حسب وصف الخبراء، إلى خدمة أغراض سياسية للنواب، بغض النظر عن الآليات التي لفتت إليها وزارة التربية والتعليم، معتبرين التعجل في تطبيق القرار «فكرة جنونية» لا تؤدي إلى إصلاح العملية التعليمية.
رئيس قسم تكنولوجيا التعليم بجامعة حلوان الدكتور محمد إبراهيم الدسوقى، نائب مدير أكاديمية المعلمين، وصف قرار مجلس الشعب «المبدئى» بتطبيق نظام العام الواحد بدءا من العام المقبل بالقرار المتعجل الذى لا يفيد العملية التعليمية، قائلا «لا وجه للتعجل ولا السرعة فى ذلك الأمر، خصوصا إذا كانت الأضرار الناجمة عن ذلك أكثر من الفوائد»، وتابع «لكى أغير نظام الثانوية العامة لا بد أن أعطى له حقه، حتى يتم تطبيقه بطريقة سليمة، ومع احترامنا لمجلس الشعب الذى يعد الجهة التشريعية، لكن هناك خبراء للتعليم لهم رأيهم ولا بد أن يأخذ فى الاعتبار».
الدسوقى أشار إلى أن أضرار التعجل في تطبيق النظام بداية من العام المقبل تنحصر في عدم توزيع المقررات التى تتناسب مع دراسة السنة الواحدة للثانوية العامة، إضافة إلى أن إعادة توزيع المقررات التي يمتحن فيها الطالب في المرحلة النهائية تتطلب إعادة تأليف الكتب الدراسية من قبل الخبراء، عبر مسابقة تعلن عنها وزارة التعليم، لكي تتفق مع النظام المقر للعودة بنظام الثانوية العامة القديمة، فضلا عن أن عدم تغيير نظام أسلوب التقويم والامتحان سيساعد على التوسع فى ظاهرة الدروس الخصوصية، ولن يقضي عليها.
«لجنة التعليم بمجلس الشعب تريد افتعال موقف»، انتقاد شديد اللهجة وجهه الخبير التربوى بالمركز القومي للبحوث التربوية، الدكتور كمال مغيث، واصفا قرار البرلمان بعودة الثانوية للعام الواحد ب«الشو الإعلامي»، موضحا أن كل ما يسعى إليه البرلمان هو تغيير الثانوية العامة إلى سنة واحدة لكسب التأييد الشعبي، دون النظر إلى آليات التطبيق وضيق الوقت المتاح، معربا عن تضامنه مع رأي وزارة التربية والتعليم من جهة صعوبة تطبيق الثانوية العامة الجديدة من الناحية الفنية بدءا من العام القادم، لافتا إلى أنه من حق لجنة التعليم أن تقر المشروع وتوافق عليه، ولكن عليها أن تترك الجهات المختصة لتدبير كيفية ووقت التطبيق.
أما رئيس النقابة المستقلة للمعلمين، حسن أحمد، فكان اتهامه مباشرا، بأن القرار يأتى في إطار التخديم على مصالح الأغلبية البرلمانية ليس إلا، معتبرا مزاعم البرلمان بأن هذا النظام لتخفيف العبء المالي على الأسر المصرية ما هو إلا حجة، «وكأن السنة الثانية عندما يتم إلغاؤها ستمنع الدروس الخصوصية، فالبرلمان يتحجج بالدروس الخصوصية وهو مش فاهم وعاوز يطلع أي حاجة وخلاص، بطريقة سلق البيض، معتمدا على جهل الناس وقلة وعيهم لكسب رضاهم وتحقيق مصالح انتخابية»، حسب قوله، لافتا إلى أن ظاهرة الدروس الخصوصية موجودة في النظام الابتدائي لا الثانوي فقط، وبالتالي لا بد من تطوير شامل للثانوية العامة والعملية التعليمية ككل، معتبرا أن إلغاء المرحلتين يأتي في إطار خصخصة التعليم، إضافة إلى أن أي نظام جديد فى الثانوية العامة لا بد أن يطبق بداية على طلاب الصف الثالث الإعدادي، وأكد أن من حق أي ولي أمر أن يطعن على القرار قانونيا، في حال تطبيق النظام، بداية من العام المقبل، لأن طالب الصف الأول الثانوي التحق على النظام السائر للثانوية، على اعتبار أنها مرحلتان لا مرحلة واحدة.