.. رماها في وجهي كالقنبلة زميل لي هنا في الكويت : ولا يوم من أيامك يا مبارك .. عاجبك اللي بيعملوه الإخوان المسلمين والسلفيين .. لا شفناهم ولا سمعنا صوتهم أيام المخلوع .. كانوا كلهم زي الفراخ .. " بيتك بيتك " .. ودلوقتي عاملين فيها الحاكم بأمره ، واللي عايزينه يكون ، ولو على رقبة الجميع. هذا الزميل أعرفه معرفة جيدة وكان من أشد المتحمسين لثورة 25 يناير .. بل أنه بكى أمامي بشدة من الفرحة وعمر سليمان يُلقي خطاب التنحي .. لذلك صدمني وهو يتحسّر بجد على أيام مبارك .. ويقول لي : هي كانت أيام سودا آه ، لكن اللي جي على إيد الإخوان أسّود بكتير. حاولت أن أهدأ من روعه ، خاصة وأنني كما قلت أعرفه وأعرف حماسه الصادق للثورة .. وقلت له : شوف يا صديقي العزيز .. الإخوان الآن زفت - مش كلهم طبعا - .. والسلفيين قطران - مش كلهم طبعا - لكن ليس هناك أسوأ ولا أوسخ من مبارك ونظامه .. وأكاد أرى الافندي في المركز الطبي العالمي يضحك حتى يستلقي على قفاه من الضحك ، وهو يشاهد الإخوان والسلفيين وعمايلهم السودا معانا .. لكنه هو نفسه لو نظر في المراية وفي لحظة صدق بالغة الحساسية والوضوح ، فسوف يُبصق على الوجه الظاهر أمامه ، وهو يدرك تماما أن الذي بصق عليه هو شخصه الخسيس. لكن لو أراد أن يتحايل على الحقيقة كعادته دائما فسوف يقول : أدي اللي كنت عامل حسابه وخايف منه .. الإخوان حيمسكوا البلد وحيولعوا في الشعب بجاز .. أنا عارفهم .. الغاية عندهم تبرر الوسيلة .. لا عمري دخل عليا كلامهم الأونطة ولا عمري في يوم صدّقت واحد منهم .. وعشان كده انا مبسوط و" مزأطط " ، وصحتي رجعت لي رغم عمري اللي فوق التمانين .. خلّي الثوار يشربوا .. وبالهنا والشفا على قلبهم. علق زميلي على كلامي وقال : بس بجد يا احمد .. أيام مبارك صحيح " خرا " .. لكن الأمور كانت ماشية .. " متسستمة " .. وكان حيجي يوم حيغور في ستين داهية سواء ربنا افتكره ، او ترك الحكم بمزاجه .. وكنا أكيد حنعمل حاجة يستحيل معها أن يتولي جمال ابنه الحكم من بعده .. وبالتالي لم يكن ممكنا للإخوان أن يحتلوا الأغلبية الكاسحة في البرلمان ، وكانوا برضه حيفضلوا جماعة محظورة .. وكذلك السلفيين كانوا حيلبدوا في الجحور لحد ما تبان لهم الأمور ماشية على فين و لحد فين . قلت له : أنت تتحدث لو أن مبارك مات أو ابتعد بشكل طبيعي .. أكيد طبعا ما كنش الإخوان سيطروا على الحكم بالشكل ده .. لكن في وجود نظام مبارك القديم ، أكيد كان حيجي واحد أوسخ منه .. وكان برضه أظهر لنا العين الحمرا بحجة إحكام سيطرته على البلد ، حتى لا يحدث انفلات نتيجة هذا الظرف الطارئ .. وشوية شوية ، نكتشف أن ما اسخم من ستي الا سيدي .. ، واحمد زي الحاج احمد ، وكأنك يا بو زيد ما غزيت.. شالو الدو جابوا شاهين. قال زميلي وقد بدأ يهدأ : أنا معاك ، لكن نفسي أعرف المجلس العسكري موقفه إيه بالضبط من الثورة ؟ قلت : أديك مثل ودوّره في دماغك .. واحد صايع وابن كلب في الشارع بتاعكم .. حاجة كده زي الفتوة بتاع حرافيش نجيب محفوظ .. الفتوة ده " فارد " هيبته على الحي بالقوة ، واللي تحت منه قرفانين من عمايله ، بس هو اقوي منهم .. فلو طلع واحد جدع او شوية جدعان وراحوا جايبين الفتوة ده على ملا وشه وكسروا عينه ، حتلاقي اللي كانوا خايفين منه دخلوا جري على الخط ، وباركوا هذه الهجمة العنترية للجدعان ، وراحوا بدل ما يحيّوهم ويشيلوهم فوق راسهم .. مسكوا هما مكان الفتوة ، وبقوا " أنيّل " منه. رد : أيوه .. لكن إيه مصلحة المجلس العسكري .. ما كان يسيب اللي اتجرأ وعملها ، ويبقى هو في ضهره وخلاص ويكسب " بنط ".. واهو اسمه طلع جدع وساند الجدعان. قلت: كلام منطقي.. لكن يضمن ازاى المجلس انه لو عمل كده ، ان العيال الجدعان ديه تغمّض عينيها وتطنش وتسك ع الموضوع؟ سأل : موضوع إيه؟ قلت : ماهو كله يا صاحبي " منفّد " على كله .. قال : انا مش فاهم حاجة قلت : يعني الكل " ملطوط ".. عزبة وكان رئيسها حرامي .. والحرامي عشان يفضل حرامي ويأمن نفسه ، لازم يرمي حاجة .. كسر عين يعني .. وكله أيام مبارك كان بياكل ، ومش بيشبعوا .. زي مايكون عندهم اسهال مزمن ، وباطنهم فاضية على طول. قال : ايوه بس انت بتناقض نفسك دلوقتي .. ازاى المجلس كان قرفان من مبارك رغم انه مستفيد من وجوه؟ قلت : نرجع للفتوة " العرة " .. كان له إبن " عرة " زيّه ، وعايزه يمسك الحتة بعد منه ، ويلهف الخروف كله في كرشه .. ويمكن يحرم اللي تحت منه من حتة عضمة متسواش .. إلى جانب إنه " عيّل هفيّة ".. حيعمل دكر على الأقدم منه .. يبقى لو حد جدع " زاح " الكبير من السكة ، يبقى احنا ضمنا ان الصغير حيغور معاه. قال : طيب ما في الحالة ديه يبقى فتوة غبي .. وعشان يفضل فتوة لازم يكون له حاشية ، وزي ما انت بتقول يكسر عينها ،عشان تبقى تحت طوعه. قلت : طبعا فتوة غبي .. وفي أمور السياسة والحكم متخفش غير من الغبي .. يضربك في مقتل ويجيب أجلك .. لكن الذكي يضرب الضربة ، وتوجعك أوى .. بس متسبش أثر عليك .. لكن ، لأنها ضربة بنت لئيمة حتفكر الف مرة قبل ماتاخد واحدة زيّها. قال : والإخوان بقى.. فين من اللي انت بتقوله؟ قلت : هم في حالة عدم توازن .. حاجة جات لهم وماكنوش عاملين حسابها .. صحيح طول عمرهم بيحلموا بيها ، بس جت لهم وهما مش مستعدين ليها .. زي واحد جعان بقاله سنة ومعندوش أمل انه يلاقي حاجة ياكلها .. وفجأة رميت له خروف محمر ومشمر وب الرز ومليان مكسرات .. حتلاقيه أكلوا كله في طقة واحدة ، وبعدها يمكن يموت .. لكن لو هو عارف ان فيه خروف جي بعد سنة مثلا ، حيكون استعداه له مختلف. قال بمكر : يبقى العيب على اللي ادّاهم الخروف مرة واحدة قلت بمكر أيضا : ويمكن العيب في الخروف نفسه اللي "ادّاهم " الفرصة دي. فضحك وقال : تقصد مين ؟ فقلت : مش مهم اقصد مين .. المهم لسه برضه بتقول ولا يوم من أيامك يا مبارك ؟ قال: كله زفت وطين .. مكتوب علينا الشقا وقلة الراحة قلت له: بس دلوقتي غير من سنة فاتت. قال: لسه عندك امل قلت: لو بطلنا نحلم نموت .. لو عاندنا نقدر نفوت قال: وايه تاني يا عم منير فرحت أكمل : اوعى تخاف م القوي .. اللي يقول لك أنا .. منفوخ وفاضي وهوا .. مستقوي من ضعفنا .. وان كان لابد الموت .. اصرخ بعلو الصوت .. جايز بشر يسمعك .. ويوصل اللي ابتدى.