ثورة ضد احتكار الإسلاميين لصياغة الدستور المصري مجلس الشعب رغم أن الإنتخابات الرئاسية في مصر صارت على قاب قوسين أو أدنى، ورغم أن خريطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري لإدارة المرحلة الإنتقالية تنصّ على إجراء الإنتخابات الرئاسية بالتزامن مع وضع الدستور، ورغم تعهد البرلمان بإنجاز الدستور قبل عملية الإقتراع على الرئيس المقبل، إلا أن أزمة تشكيل لجنة المائة المتخصصة بوضع الدستور الجديد للبلاد بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، ما زالت مشتعلة، وتحولت إلى ما يشبه الثورة ضد الإسلاميين، بسبب سيطرة البرلمان ذي الغالبية الإسلامية على تشكيل اللجنة. صبري حسنين من القاهرة: ترفض غالبية التيارات السياسية هذا التوجّه، وتنادي بضرورة أن يكون تشكيل اللجنة في مجمله من خارج البرلمان، وأن يضم كل طوائف الشعب المصري وفئاته. ووصلت الخلافات إلى ساحة القضاء، بعد إقامة ناشطين سياسيين دعاوى قضائية أمام المحكمة الدستورية لإبطال السيطرة البرلمانية على اللجنة. وكل هذا يهدف إلى عدم إحتكار الإسلاميين لصياغة الدستور الجديد. ووفقاً لوجهة نظر الدكتور جمال سعيد، أستاذ القانون الدستوري، في جامعة الأسكندرية، ل"إيلاف"، فإن سيطرة البرلمان لا تتوافق مع المبادئ الدولية لوضع الدساتير، مشيراً إلى أن الدستور هو أبو القوانين، وهو الذي يخلق السلطات، وليس من المعقول أن تسيطر سلطة واحدة على اللجنة المسؤولة عن وضعه. ولفت إلى أن هناك العديد من مشاعر القلق لدى المصريين عموماً والتيارات السياسية خصوصاً بشأن الدستور الجديد، إذ يجب أن يشارك فيه الجميع، ونبه إلى أن قرار البرلمان بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بواقع 50% من داخل البرلمان و50% من خارجه، يعني إقصاء كل فئات الشعب من المشهد السياسي، ويكون الدستور المقبل معبّراً عن رأي هذه الأحزاب الممثلة في البرلمان فقط، مما يعدّ خروجاً على مبادئ الديموقراطية التي خرجت من أجلها ثورة 25 يناير، التي تسعى إلى تأسيس نظام الحكم بناء على ذلك. وفي محاولة من الناشطين لعرقلة البرلمان في مساعيه الرامية إلى السيطرة على لجنة المائة، تم نقل المعركة من الإعلام إلى ساحة القضاء، وأقام نحو مئة من المثقفين والنشطاء السياسيين دعاوى قضائية ضد كل من رئيس المجلس العسكري ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشورى، مطالبين بإلغاء قرار البرلمان بمجلسيه، الشعب والشورى، الخاص بمعايير إختيار لجنة المائة المعنية بوضع مشروع الدستور الجديد على أساس 50 % من أعضاء البرلمان المنتخبين و50% من خارجه. وتقدم الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون الدستوري، في جامعة القاهرة، بالدعوى نيابة عن هؤلاء، وقال إن قرار مجلس الشعب بتشكيل اللجنة يخالف نص المادة 60 من الإعلان الدستوري ويتناقض مع الأعراف والتقاليد الدستورية المتعارف عليها. مشيراً إلى أن نص المادة 60 من الإعلان الدستوري يوجب إجراء إنتخابات لإختيار لجنة وضع الدستور، لا أن يتم تشكيلها بقرار إداري من مجلس الشعب. كما طالبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تحمل الرقم 26954 لسنة 66 ق، بإصدار قرار بدعوة الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والروابط والنقابات العمالية وكل مؤسسات الدولة إلى ترشيح ممثلين عنهم لعضوية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، ويتضمن القرار معايير وأسس اختيار المرشحين لهذه الجمعية التأسيسية. وأشارت الدعوى إلى أن اختيار مجلس الشعب لأعضاء الجمعية التأسيسية من بين أعضائه يُحدث نوعًا من انفراد سلطة واحدة من السلطات الثلاث التي تقوم عليها الدولة بعضوية هذه الجمعية التأسيسية دون غيرها من باقي السلطات. وأضافت أن هذا الانفراد يعدّ بمثابة خطر حقيقي في حالة حلّ مجلسي الشعب والشورى، بسبب شبهة عدم دستورية قانون إنشائهما، طبقًا للحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا في الطعن الرقم 6411 لسنة 58 ق بإحالة بعض مواد قانون مجلس الشعب إلى المحكمة الدستورية، بعدما رأت شبهة عدم الدستورية.