قرية «سلام» مسقط رأس البابا.. المساجد تذيع خبر الوفاة.. والكاثوليك يقرعون الأجراس مسقط رأس البابا المنزل الذى ولد فيه البطريرك مبني بالطوب اللبن وعليه باب خشبي يعلوه صليب قرية «سلام» مسقط رأس البابا شنودة، عاشت ليلة حزينة بعد التأكد من خبر رحيل ابنها، بينما عبّر أقارب البابا عن حزنهم البالغ برحيله، وتضامن معهم مسلمو القرية الذين قرروا إقامة عزاء كبير للراحل، بينما طالب أقباطها بإنشاء كنيسة ومدرسة تحمل اسمه، تخليدا لذكراه. في أحد شوارع القرية التابعة لمركز منفلوط، يبدو منزل البابا الذى ولد فيه قديما ومتهالكا يوشك على الانهيار، تمر إليه من خلال باب خشبى عتيق، أعلاه صليب مرسوم بالطوب اللبن، وبجوار المنزل بعض من منازل أقربائه، وعددهم قليل جدا، وبناصية الشارع مسجد بمئذنه. بيشوى عادل بسطا جاد السيد، أحد أقرباء البابا شنودة، قال إن خبر وفاته أحزن الجميع، وإن القرية أعلنت الحداد منذ، أول من أمس، بينما توافد المسلمون والأقباط لتقديم العزاء إلى أقربائه، بينما تستعد وفود منهم للسفر إلى القاهرة للمشاركة فى تشييع الجثمان. بسطا طالب ببناء كنيسة بالقرية، حيث لا توجد بها كنائس لتحمل اسم قداسة البابا شنودة، تخليدا لذكراه. بينما قال عاطف راشد غريب، إن منزلنا مجاور لمسجد القرية تماما، وتربطنا بالمسلمين علاقة المحبة، التى تظهر فى المناسبات السعيدة والحزينة، موضحا أن خبر وفاة البابا شنودة أُذيع بالمساجد الموجودة فى القرية، وذلك لعدم وجود كنائس فى القرية. وقال إبراهيم حسن على خفير نظامى، إن قرية سلام يوجد بها عدد كبير من الأقباط بنسبة 30% أقباطا و70% مسلمين، مؤكدا أن الجميع تربطه المودة والمحبة وأن البابا شنودة رجل دين له كيان وسمعة طيبة بين أبناء أسيوط جميعا، وأن وفاته خسارة كبيرة على القرية، لأنه اسم كبير يفخر به جميع المواطنين فى «سلام». من ناحية أخرى، قال فوزى سارح توفيلس «مزارع»، إننا سوف نقوم بعمل سرادق عزاء بالقرية بمشاركة الأقباط والمسلمين لتلقى واجب العزاء فى وفاة البابا على نفقة أهل القرية، بينما أضاف بهاء الدين فاروق «مسلم»، إن المسلمين بقرية سلام عقدوا لقاء للمشاركة المادية والمعنوية فى إقامة سرادق العزاء بقرية سلام، ودعوة الوفود الرسمية وأهالى القرى المجاورة إلى تقديم العزاء فى ابن البلد الراحل. وعن خدمات البابا لأهل القرية وشبابها، أضاف بهاء فاروق، أنه ذهب إليه ووالده فى عام 1990 للسلام، بصفته من أبناء بلدتهما ولم يطلبا منه خدمات، موضحا أنه ليس له فى الوساطة والمحسوبيات، حيث إن كثيرا من أبناء القرية طلبوا منه الوساطة فى إلحاق أبنائهم بالشرطة والنيابة العامة، إلا أنه امتنع عن هذه الأمور، لأنه رجل دين فقط، وورد عنه القول المشهور «إنه يعيش فقيرا ويموت فقيرا»، بينما طالب سيد سليمان أحمد، بإنشاء مدرسة إعدادية بالقرية يطلق عليها اسم البابا شنودة الثالث، تخليدا لذكراه، وأشار إلى أنهم سيسافرون إلى القاهرة للمشاركة فى تشييع جنازة البابا. من جانبها قالت تريزا سعد الله ربة منزل وقريبة البابا، إن منزلنا مجاور لمنزل قداسة البابا الذى ولد فيه، وأوضحت أن زوجها نجل خال البابا، وأن والد زوجها كان يحكى لهم أن البابا استمر لمدة 12 عاما فى هذا المنزل مع والده جيد روفائيل، وشقيقه رمزى الذى تربى معه بعد زواج والده بأخرى غير والدته التى توفيت فى أثناء ولادته مصابة بحمى النفاس. الحزن خيَّم على الأقباط بكل طوائفهم فى مدن وقرى أسيوط بعد إعلان نبأ وفاة البابا، بينما دقت أجراس الكنائس فى جميع القرى والمدن والنجوع، وشهدت قرى أبو حجر بمركز صدفا وتاسا وبويط بساحل سليم، ودير الجبراوى بأبنوب، وكودية النصارى بديروط، والنخيلة بأبو تيج، توفير أوتوبيسات لسفر مجموعات من الأقباط بهذه القرى للمشاركة فى تشييع جثمان البابا شنودة. القس باقى صدقة، رئيس المجمع الإنجيلى، قال إن خبر وفاة البابا شنودة يعتبر خسارة كبيرة على الشعب المصرى بكل طوائفه القبطية والإسلامية، لما يتميز به الرجل من وطنية مصرية، وأضاف أن الأقباط الإنجيليين سوف يعلنون الحداد لمدة سبعة أيام بداية من وقت وفاة البابا، وأنهم سيشاركون فى تشييع الجنازة بالقاهرة. من ناحية أخرى، قال القس باسم عدلى راعى الكنيسة الإنجيلية الأولى فى أسيوط، إن وفاة رجل مثل البابا أحدثت ارتباكا بين طوائف الأقباط، وذلك لما يتميز به من حب وتقدير ووطنية بين جميع المصريين، مشيرا إلى أن الكنيسة الإنجيلية فى أسيوط سوف تقوم بإرسال وفد للمشاركة فى تشييع الجثمان الطاهر. وقال الأنبا كيرلس وليم مطران الأقباط الكاثوليك فى أسيوط بمصر، «نشارك بمشاعر الأسى والألم الكنيسة الأرثوذكسية فى آلامها بانتقال أبيها وراعيها مُعلم الأجيال، وبمشاعر الرجاء نودعه إلى أمجاد القديسين، ونشارك برفع الصلوات الحارة ليرعى الرب كنيسته ويقيم لها خير خلف ليواصل رسالة من سبقوه بأمانة إلى النفس الأخير»، وأضاف أن جميع الكنائس الكاثوليك تقرع الأجراس وترفع غدا صلوات فى جميع الكنائس حدادا على قداسة البابا. وقال منتصر مالك الناشط القبطى، إن البابا شنودة رجل يمثل الأقباط والمسلمين، وإنه دائما كان يهتم بالقومية العربية، وإن الحزن عليه لا يكفى مواقفه فى معالجة الأمور الداخلية والخارجية للمصريين، وإنه علَّم أبناءه أن الأقباط شركاء فى مصر وليسوا أقلية، مما جعل الأقباط يتحملون المسؤولية، مشيرا إلى أن الخبر أفجع الجميع، وأن قرية العزية التى جميع سكانها أقباط، دقت الأجراس حزنا على وفاة قداسة البابا، وأعلنت الحداد.