أحمد عليمي يبدو أن الدرس لم ينته وما زال الجميع محتاجا إلى دروس خصوصية لفهم اللعبة جيدا. بعد أسابيع من الغرور والعنطظة والتصريحات المدوية لرئيس الوزراء أن مصر لن تركع وأصوات أعضاء مجلس الشعب العالية وهى تحيى وتقدّر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدم سماحه لأى يد تعبث بمصير الوطن ووقوفه بقوة ضد التدخل الأجنبى فى شؤون الدولة بعد كل هذه الجسارة والقوة والحماقة إذا بنا نستيقظ فى يوم مترب وممطر فى نفس الوقت، ونجد أن قضية التمويل الأجنبى انتهت وذهب كل أمريكى إلى وطنه الأم، بل يجلس كل منهم فى حضن السيدة والدته ونحن نضحك ونسخر، وهم يصرحون بأهمية المواطن الأمريكى، والست هيلارى كلينتون تبتسم لهم وتقول: «لقد قلت لكم إن الأزمة ستنتهى خلال ساعات» وكلنا ننظر إلى بعض فى سخرية ونصرخ أما حته كسفه! لا بد أن نعترف بأن القضية أساسها غير صحيح وأن أزمة عمل هذه المنظمات كانت مشكلة إدارية وأن الحملة التى قام بها إعلام رسمى أو إعلام يريد رضا المجلس الحاكم هى فرقعة إعلامية فقط، وكل منهم يعرف جيدا أن الأزمة لا أساس لها، ومن ثم ستنتهى، سواء بالتدخل الرسمى من أمريكا أو حتى لو تركناها للقضاء حتى النهاية ولكن داخل كل منا يعرف -وللمفاجأة أكثر من أعضاء كل المجالس الموقرة- أن أمريكا لن تترك أى مواطن لها يحاكم أو يدان أو يُسجن، فما بالك والقضية أساسها كله هش وضعيف وخاطئ، ونعرف أن هذه النهاية كانت سوف تأتى ولكن اعتقدنا بسبب البطولة التى يدعيها، سواء المجلس العسكرى أو الحكومة أو مجلس الشعب أن هذه الأزمة سوف تنتهى بطريقة جديدة تحفظ لمصر كرامتها وأن طريقة التعامل مع الهيمنة والتعالى الأمريكى بعد الثورة سوف تتغير وأن يكون لنا موقف يُقلق أمريكا، ولكن انتهت بمسخرة حقيقية تجعلنا نشكر الرئيس السابق بكل قوة، لأنه كان يُنهى هذه القضايا فى وقتها ولا يدّعى بطولة ولا يسوق بنفسه أنه لن يركع، لأنه يعرف نهاية القصة بأنه سوف يركع قبل أى مواطن من شعبه. وبعد هذه اللعبة الغريبة أحب أن أسأل كل عضو بالمجلس العسكرى (بتاع بيانات الفيسبوك) أو أى وزير فى الحكومة (اللى مش جايين يشيلوا حديد) أو عضو مجلس شعب (بتاع برلمان الثورة) أو عضو مجلس شورى (بتاع لم يحضر أحد) أو عضو مجلس استشارى (بتاع الاستشارات اللى مش عارفينها) من الآن الذى يجب أن يأخذ دروسا فى الممارسة السياسية وطريقة احترام هيبة الدولة، فكل منهم أرهق أذننا منذ تنحى مبارك أن شباب الثورة لا يعرف شيئا فى السياسة وأن الشباب لا بد أن يُسلم الدولة لمن له الخبرة وأنه لا بد من ترك الميدان حتى تستطيع هذه الخبرات إدارة شؤون البلاد (ولا ننس عجلة الإنتاج).. لكن الدولة أمامنا جميعا، تم كسر إرادتها وسلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، والكارثة الكبرى فى القضاء الذى كان مطلب كل شخص بعد ثورة يناير، إنه لا بد من استقلاله وعدم التدخل فى شؤونه وأحكامه أو حتى إدارته، لكن فجأة كل السلطات فى صباح يوم الخميس الماضى تنهار وتسقط بقرار رفع حظر سفر الأمريكان الذى لا نعرف حقيقة من أصدره، وكل مستشار ينفى صلته بهذا القرار مما جعل القضاة أنفسهم ينددون بهذا الرفع ويطالبون بمحاسبة المسؤول عن هذه القرارات. أما بالنسبة إلى تبنى السيد رئيس الوزراء حملة جمع المعونة الأمريكية من الشعب حتى لا نركع ولا يتم تقسيم الوطن بسبب احترامنا للقضاء وعدم التدخل فى شؤونه، فالآن يجب عليه أن يعتذر إلينا مع استرجاع كل جنيه تم أخذه من كل مواطن، لأن الدولة طلع ماعندهاش ولا دم ولا كرامة... بس طلع عندها الوزيرة فايزة أبو النجا!