في مساء يوم 1 فبراير 2011 ألقى السيد الرئيس محمد حسنى مبارك خطابا عاطفيا؛ قال خلاله أنه سيموت على أرض مصر وأنه سيبقى في الحكم ستة أشهر فقط، ويقوم بعدها بتسليم السلطة، حينها انقسم الشعب المصري على نفسه، وبعدها بساعات قليلة بدأت معركة الجمل التى راح ضحيتها 11 شهيدا صمدوا أمام مجموعة من البربر فوق ظهور الجمال والبغال لمدة 20 ساعة كاملة، وقتها توحد الشعب المصري على رأى واحد هو:"أرحل يعنى أمشي.. يا اللى ما بتفهمشي" وفي مساء يوم 1 فبراير 2012 أى بعد عام بالتمام والكمال على ليلة موقعةالجمل، استشهد نحو أكثر من 75 مصريا -من جمهور الأهلى- في مذبحة بورسعيد، وأصيب 1036مشجع من بينهم 171 فى حالة خطرة، تم اغتيالهم خلال نصف ساعة فقط تحت إشراف "باشوات" الداخلية، وتحت سمع وبصر المجلس العسكري الحاكم للبلاد، فلماذالا يرحل المجلس مثلما رحل قائدهم الأعلى "المخلوع مبارك". ربما يرى البعض أن "كلها 5 شهور والمجلس هيمشى.. على اية الاستعجال"، وقد يكون لديهم حق، ولكن هناك شواهد تؤكد أن العسكر لابد وأنيرحلوا في أقرب وقت، ففى الوقت الذى كان ينتظر فيه الشعب المصري تسليم السلطة للمدنيين بنهاية شهر سبتمبر الماضي –وفقا للإعلان الدستوري- كان أعضاء المجلس العسكري يخبروننا بأن السلطة سوف تسلم فى منتصف عام 2013، وفي نفس اليوم المذكور خرج الثوار فى مليونية تحمل اسم "جمعة استرداد الثورة" مطالبين بتسليم السلطة في موعد أقصاه فبراير 2012، بينما تعامل المجلس العسكري مع تلك الدعاوي بأنها نوع من "التفاهات" لا يجب الالتفات إليها، وبدأ بعدها العسكر فىتأديب الثوار بصورة لم تحدث خلال 30 عام هى مدة حكم مبارك. البداية كانت يوم الأحد الأسود 9 أكتوبر، أمام مبنى ماسبيرو، حينها تم دهس29 مصري قبطي تحت دبابات العسكر، وخرج علينا رجالات العسكر بمبررات كارتونية بأن"الدبابة مسروقة"، وأن الاعتداءات كانت من جانب الأقباط، في محاولة رخيصة لإشعال فتنة طائفية، ووقتها تم تشكيل "لجنة" لتقصى الحقائق وإلىالآن لم نرى أى حقيقة عن أحداث ماسبيرو أو حتى عن حريق القاهرة! وفي "أربعين" شهداء ماسبيرو ، يوم السبت الموافق 19 نوفمبر، تمفض اعتصام نحو ألفي متظاهر بالقوة من دون سابق إنذار، لتبدأ بعدها شرارة أحداثشارع محمد محمود التى كان يقتل فيها الثوار بشكل وحشى وتصفى أعينهم ويلقى بجثث الشهداء في القمامة، دونما أن يخرج علينا مسئولليتحدث حتى عن ما يجرى، إلى أن ظهر المشير طنطاوى مساء الثلاثاء 22 نوفمبر أى بعدأربعة أيام كاملة من بداية الأحداث، بعدما استشهد 33 مصرى وأصيب أكثر من 1000 –وقتإلقاء الخطاب- ليثلج صدورنا بأنه والحمد لله ستسلم السلطة فى موعد أقصاه 30 يونيو2012، ولم يتحدث عن مسئوليته عن الأحداث أو معاقبة أى مسئول بل اكتفى بتكليف"لجنة" لتقصى الحقائق، وبعد نهاية الخطاب، تم إلقاء غازات محرمة دولياعلى المتظاهرين وظل اغتيال الثوار مستمرا حتى فجر الخميس 24 نوفمبر، لتنتهىالأحداث باستشهاد 45 مصرى، تم قتلهم بدم بارد خلال ستة أيام، ولم يحاسب على رحيلهمأحد حتى الآن. وبعد أقل من شهر غيَر المجلس العسكري الخطة، فبعد أن فشلت محاولات الفتنة الطائفية فى أحداث ماسبيرو، وبعد رمى الثوار فى القمامة، واتهامهم ظلما وجورا باقتحام وزارة الداخلية في أحداث محمد محمود ، قرر أن يدخل اللعبة بنفسه من خلال رجاله البواسل فبدا الزى العسكري واضحا في المشهد الذى بدأ في يوم الجمعة 16ديسمبر بفض اعتصام 200 من مصابى الثورة، بسحل البنات وتعريتهم في الشوارع والتبولعلى رؤوس المصريين قبل أن يصَعد الموقف بقتله أطهر من فى مصر من شيوخ الأزهر وطلاب الطب والهندسة، قبل أن يستخدم المجلس التكنولوجيا الحديثة فى تبريره للأحداث منخلال خاصية "الجرافيك" فى سحل البنات، وأيضا من خلال استخدامه لملفات المخابرات من الستينيات، بتشبيهه الثوار ب"البلطجية" علاوة على التعاونمع الجن في تصريحات "اللهو الخفى" وفي رواية "الطرف الثالث"،وطبعا ختمها بتكليف "لجنة" للتحقيق فى الأحداث. قبل أن تأتى الطامة بما فعلوه بشباب في عمر الزهور لم يكتنف إثما سوى أنهذهب وراء فريقه ليشجعه، ليجد "الكمين" منصوبا بجدارة، ولكن ربما لأنشباب الالتراس ظنوا أنهم قاموا بثورة وبالتالى يمكنهم أن يهتفوا ضد العسكر أو ضدفساد الداخلية دون أن تكون عقوبتهم أقصى من نزول هراوات الأمن على رؤوسهم أوإلقائهم بقنابل الغاز أو حتى بإطلاق الرصاص المطاطي صوب صدورهم، ولكنهم للأسف لميتخيلوا أن يلقوا هذا المصير. ربما بعد كل ذلك، هناك من يرى أن للمجلس حق حكمنا لمدة خمسة شهور أخرى، وتلك وجهة نظره، ولكن عليه أن ينتظر أن يسلم العسكر السلطة"تسليم مقابر"!