تعددت الآراء والأقاويل حول الدعوات التى تقوم بها القوى الثورية وكثير من القوى السياسية فى الوقت الحالى والتى تنادى بضرورة إعتبار الخامس والعشرين من يناير المقبل يوم لإستكمال مسيرة الثورة، ولإستمرار التظاهر والتعبير عن الإحتجاج على سوء الإدارة الحالية للمرحلة الإنتقالية حتى يتم تحقيق الإهداف التى قامت من أجلها . فالبعض يرى أن الثورة لم تهدأ بعد وإنما مازالت تمر بمرحلة نشاطها، بينما يعتقد أخرون بأن سنة كاملة كانت كفيلة بتحقيق كثير من أهداف الثورة، وأنه يجب علينا الأن التوحد خلف مؤسسات الدولة المنتخبة – مجلسى الشعب والشورى –لاستكمال تحقيق بقية الأهداف الثورية . إذن فنحن نقف الأن على مشارف إنقسام حول رؤية بعض القوى السياسية والثورية ومنظمات المجتمع المدنى التى ترى أن الثورة لم تكتمل بعد، وتوجهات بعض الأطراف الأخرى التى نجحت بالفعل فى تحقيق بعض المكاسب الإنتخابية – مدعومة فى رؤيتها بتأييد المجلس العسكرى – والتى ربما ترى أن الدعوة للتظاهر ضد محاولات سرقة الثورة وتحييدها بمثابة دعوة للإحتجاج ضدها هى أيضا بإعتبارها قد أصبحت أحد الأطراف الفاعلة فى عملية صنع القرار . الأخطر هو تصاعد هذا الإنقسام ليتجاوز مرحلة الإختلاف فى الرأى والنظرة من منطلق سياسي إلى طبيعة إحياء ذكرى الثورة فى الخامس والعشرين من يناير القادم، ليصبح إنقسام وصراع حول الشرعية.. شرعية الميدان متمثلة فى الإئتلافات الشبابية والحركات والقوى الثورية من جهة، وشرعية البرلمان بأغلبيته المتمثلة فى أحزاب تيار الإسلام السياسى على الجهة الأخرى . والحقيقة أن هذا الأمر بما يحمله من خطورة على مسار ما تبقى من المرحلة الإنتقالية قد أخذ منى مأخذه تفكيرا وتدبرا حول إيجاد طريقة نستطيع من خلالها الخروج من هذا المأزق الذى وضعنا فيه المجلس العسكرى – كعادته - عن طريق إصراره على مخالفة غالبية الأراء المنادية بضرورة صرف النظر عن فكرة الإحتفال فى الوقت الحالى.. غير أنه بالأمس وأثناء تصفحى اليومى للمواقع الإخبارية المختلفة قد إجتذبتنى مبادرة محترمة على صفحات أحد هذه المواقع كان قد أطلقها الدكتور ضياء رشوان المحلل السياسى المعروف حول تجنب وقوع هذا الصدام بين شرعية الميدان وشرعية البرلمان، والتى قد تقدم فيها بحل أرى أنه الأمثل – حتى الأن – والذى يوصى بضرورة قيام كتلة الأغلبية داخل البرلمان بدعوة ممثلين عن القوى الشبابة والثورية لحضور جلسة الإنعقاد الأولى للبرلمان والتى سوف تتم فى الثالث والعشرين من يناير، على أن يتم التنسيق فيما بينهم حول الشكل النهائى الذى سوف تخرج به فعاليات الخامس والعشرين المقبل.. وأضيف على ذلك ما أراه فى تقديرى ضرورة وهو الإتفاق على مشاركة قوى الأغلبية البرلمانية الفعلية للشباب فعاليات التعبير السلمى عن أراءهم، وإرسال رسالتهم إلى المجلس العسكرى بطريقة واضحة . والحقيقة أن فكرة النزول إلى الشارع يوم الخامس والعشرين من يناير القادم قد أصبحت واقعا حتميا لا مفر منه، ذلك أن مسار الثورة قد أصبح ملبدا بالغيوم كنتيجة طبيعية لسوء إدارة المجلس العسكرى للمرحلة الإنتقالية ونتيجة التخبط الذى عانت منه جموع الشعب المصرى بأكمله، والذى كان المجلس هو السبب الرئيسى فى حدوثه.. أضف إلى ذلك عدم تمكن المجلس العسكرى من إتباع الطريقة المثلى فى التعامل مع جميع الأزمات – تقريبا – التى واجهته من أحداث ماسبيرو.. ثم إشتباكات شارع محمد محمود.. وأخيرا ماحدث عند مجلس الوزراء . لذا فإنه يتضح أن الإحتفال بالثورة فى ذكراها الأولى الذى يدعو إليه المجلس العسكرى قد أصبح لا محل له من الإعراب، وأنه يجب علينا إدراك أن هذه اللحظة هى مفترق طرق يجب أن نتوقف عنده جميعا ونعيد التفكير فى مواقفنا وإتجاهاتنا من منطلق الرغبة فى الحفاظ على ثورتنا المجيدة ومقدراتها.. بشرط أن تتم هذه الوقفة تحت مظلة عريضة من التوافق الوطنى، حتى لا ينتهى يوم الخامس والعشرين القادم ونجد أنفسنا وقد إخترنا الطريق نحو العودة إلى نقطة الصفر من جديد .