نشرت مجلة "الفورين بوليسي" اليوم الأحد تقريرا عن وضع العراق بعد انسحاب القوات الامريكية متسائلة هل يجب على الولاياتالمتحدة أن تتحلى ببعض التواضع بعض خروجها من العراق وانتهاء الحرب، وحول ما إذا كانت الحرب على العراق هي سبب عرقلة العملية الديمقراطية هناك أم لا؟. وذكرت المجلة على موقعها الألكتروني أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعامل مع الوضع في العراق كدين موروث من مقامرة قام بها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش وأنه انتظر نهاية هذا الوضع كي يتنفس الصعداء ويتخلص من هذه التركة الثقيلة. وأعلن اوباما بعد انسحاب القوات الأمريكية أن العراق دولة ذات سيادة وديمقراطية ويمكنها الإعتماد على نفسها ولكنه للأسف فإن الواقع لا يدل على هذا ولا ذاك، وذلك بسبب الاوضاع الامنية والسياسية والطائفية هناك. وتساءلت المجلة عما إذا يمكن تفادي هذا الوضع السيئ في العراق أم أن الحرب الأمريكية هناك هي "الخطيئة الاصلية" وأن الطريقة الأمريكية لمعالجة الوضع هناك بعد الحرب هي السبب في هذا الوضع السيئ؟ وعددت المجلة أخطاء الإدارة الامريكية -والتى وصفتها باللا متناهية- في العراق بعد الغزو وأنها كانت سبب الفشل هناك بدءا من إرسال قوات قليلة جدا وإنشاء سلطة مدنية ضعيفة والتهميش المتعمد للسنة بالإضافة إلى حل الجيش العراقي والتفكيك الكامل لحزب البعث وقياداته ووضع دستور مختلف عليه نهاية بالخطيئة الكبرى وهو رفض نقل السلطة لحكومة منتخبة. وأشارت الصحيفة إلى أن كل تلك الأخطاء السابقة خلفت بيئة من الفوضى في العراق وأن قرار الحرب نفسه ليس هو السبب فيما وصل إليه الوضع هناك معللة ذلك إلى نجاح فرض الديمقراطية بالتدخل الامريكي في عدة بلدان مثل ليبيا والبوسنة وكوسوفو بنما ، وفقا لتعبير الصحيفة. وان عبارة"العالم العربي ليس مستعدا للديمقراطية" ما هي إلا حجة أطلقها الحكام المستبدون بالعالم العربي. وأضافت المجلة أن الوضع في العراق أكثر تعقيدا من باقي دول العالم العربي الأخرى وأن هناك تقدير مبالغ فيه لقدرة الولاياتالمتحدة على حل هذا الوضع، وان الربيع العربي نجح في دول اكثر تجانسا من العراق مثل تونس ومصر، وأن الديمقراطية واجهت مقاومة عنيفة في دول يحكم أقليتها أغلبيتها مثل سوريا والبحرين لأن الأقليات الحاكمة لن تتنازل عن السلطة دون مقاومة وهو ما حدث أيضا في العراق بعد الغزو الامريكي بين السنة الحاكمة سابقا و مليشيات الشيعة التابعة لمقتدى الصدر والتي أسفرت عن حرب أهلية في عام 2006. واختتمت المجلة تقريرها بأنه يتوجب على أمريكا إستخلاص الدرس من الحرب على العراق قبل التدخل مرة أخرى في أي مكان كسوريا مثلا وهو أن لا يتعاملوا بجهل مع الأوضاع ، وأن العالم أكثر تعقيدا مما يعتقدون وان فهمهم المحدود وقوتهم الغاشمة ستجعلهم يقعون في أخطاء، ولكن يجب أن يتعلموا التواضع وعدم الخلط بين ما يمكن تمنية ما يمكن تحقيقه.