كنا صغارا .. وكانت أحلامنا جامحة، قال هذا أحلم أن أكون طبيبا أعالج أهلي، والآخر رآى نفسه مهندسا يبني وطنا، وقلت أريد أن أكون ضابطا في الجيش لأحارب إسرائيل! كنا صغارا .. لم نفهم أن العربي في هذه العصر الكئيب، وضع السيف في الغمد، وخلع رداء الكرامة، ونسى معاني الشرف، لم نفهم أن إسرائيل التي علمونا أنها أشد الأعداء، علينا تصدير الغاز إليها بثمن بخس دراهم معدودة!، لم نفهم أن تفجير خط الغاز الموصل لإسرائيل يعتبر في قاموس عصر الخيانة "عمل تخريبي"، بينما يعتبر تصدير الغاز نفسه "مصالح عليا"! كنا صغارا .. علمونا أن هناك ما يسمى "الشرف العسكري"، لكنهم لم يخبرونا هل تعرىينا من الشرف العسكري أو أي شرف حين تعرت بناتنا، علمونا كيف نفخر بجيشنا العظيم الذي هزم الصهاينة في 1973م، لكنهم عليهم أن يعلمونا الآن كيف نفخر بمجلسنا العسكري حين يعري بناتنا، وينتهك أعراضهن، عليهم أن يعلمونا كيف ننسى الشرف والكرامة، وكيف ننام قريري الأعين بعدما رأينا مشهد فتاة يمزق جنودنا البواسل ملابسها، عليهم أن يعلمونا كيف نمنع دموعنا من التساقط حين نرها تحت أقدامهم، عليهم أن يعلمونا ألا نفكر في مشاعرها لحظة انتهاك أياديهم لجسدها، ألا نفكر هل صرخت وامعتصماه؟!، أم أن المعتصم قد مات حين وضعنا أيادينا في يد مناحم بيجن ليبدأ عصر "صديقي بيجن" بدلا من عصر عدوي الصهيوني! كنا صغارا .. حفروا في أذهاننا ذاك المشهد الجليل، لجنودنا البواسل وهم يعبرون خط بارليف، ويهتفون الله أكبر، ولا نعلم ماذا هتف جنودنا البواسل وهم يسحلون الثوار، ويعرون البنات، طبعوا في وجداننا أنه حين يذكر جيش مصر، نتذكر على الفور مشهد القوارب المطاطية وهي تعبر قناة السويس، ومشهد الجندي الأسمر وهو يرفع العلم المصري فوق الضفة الشرقية للقناة، وعليهم اليوم محاكمة المسؤول عن تعرية البنات وسحل الشباب، قبل أن يرسخ في أذهاننا مشهد تعرية الفتاة حين يذكر جيش مصر! منسق شباب حركة كفاية