الإجابة دائماً تونس التى أشعلت فتيل الإنتفاضات العربية وأيقضت الشعوب العربية مرة أخرى بعد عقود من القمع والظلم. بدأت تونس مسار الثورات العربية بعد خروج "بن على " هارباً إلى المملكة العربية السعودية ..بعدها تم تسليم شئون البلاد لسلطة مدنية للعمل فى إطار زمنى محدد وواضح لتحديد ملامح الدولة التونسيةالجديدة. بعد ذلك تم إعادة هيكلة وزاره الداخلية من خلال تعيين وزير مدنى لها والملفت للنظر ان ذلك الوزير كانت وظيفتة ناشطاً حقوقياً وهذه نظرة مستنيرة لمعالجة الأمور فوزارة الداخلية تتعامل مع مدنيين وتحتاج الى رئيس واعياً لما يدور فى ذهن المواطنين ودارساً لحقوقهم وواجباتهم أيضا. وبعدها أصدرت الحكومة بيانا لإنتخابات تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد وهذه نتيجة منطقية بعد إسقاط اى نظام وفى اليومين الماضيين تمت الانتخابات بشكل رائع وحضارى للشعب التونسى لاختياره للجمعيه التأسيسية. و الشىء الذى ينم على وعى الحكومة ايضا انها وضعت آلية للناخب التونسى المغترب للمشاركة فى اختيار الجمعية التأسيسية. اما على الجانب المصرى فالوضع مختلف بصورة مفزعه ويتجلى ذلك بدعوه المجلس العسكرى للتصويت على التعديلات الدستورية. وهذا القرار أدى الى تنافر ما بين الشعب المصرى فى وقت كنا نحتاج فيه الى توافق عام لاختيار جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد أفضل من إنفاق الملايين على تعديلات دستورية أدت الى التفرقة والتخوين والتكفير . نحن هذه الأيام نرى خلاف وإختلاف ما بين الكتل الحزبية بعضها ببعض بسبب عدم رضى الاطراف لترتيب القوائم او رغبة بعض الأحزاب للسيطرة على البرلمان القادم والغريب ان هذه الأحزاب سوف تساهم فى إختيار مائة عضو لصياغة دستور جديد لمصر يصون حقوق كل مواطن ومواطنة !! أليس من الغريب والعجيب أن هذه الأحزاب- التى تنظر الى مصالحها الشخصية وتضع مصلحة الوطن على دكة الاحتياط – ان تصيغ دستور مصر ما بعد الثورة ؟ أليس كان من المنطقى – منذ البدايه- أن يتم إنتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور بأن آلية كانت بدلاً من فكرة التعديلات الدستورية ؟ بالطبع كل هذه الأسئلة مرعليها الزمان وأصبحت فى طى النسيان بعد فكرة التعديلات ولكن المقارنة ما بين الحاله المصرية والحاله التونسية تضعنا فى حيره كامله من موقف المجلس العسكرى تجاه الوضع الثورى المصرى وموقف الحكومة المدنيه التونسية التى تحاول وضع تونس على المسار الصحيح . والفرق الجوهرى ما بين الحاله المصرية والتونسية هو أن صانع القرار فى تونس (مدنى) يرى ان النتيجة المنطقية بعد اى ثورة هى وضع دستور جديد اما فى الحالة المصرية فصانع القرار(عسكرى ) محافظ يضع مطالب الثورة فى قوالب مصمته....وكل يوم يمر تثبت تونس انها تخطو خطوات ثابتة وصحيحة لتكوين دولة ديمقراطية ذات عدالة اجتماعية ... عاشت ثورة تونس وعاش الشعب التونسى العظيم .