ليلى عبداللطيف تفجر مفاجأة بشأن أسعار الذهب.. الجرام هيزيد 2000 جنيه    خدمة المواطنين رقم 1.. نص تصريحات وزير التموين الجديد بعد حلف اليمين (فيديو)    «المصري اليوم» تقود سيارة كهربائية في شنغهاي: مصر سوق واعدة    قضي الأمر، موقف الحكام الديمقراطيين من دعم بايدن في الانتخابات الرئاسية    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة في طولكرم شمال الضفة الغربية    التشكيل الوزاري الجديد، مدبولي يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا بالعاصمة الإدارية    فولكس ڤاجن تقدم أقوى Golf R فى التاريخ    عبدالرحيم علي يهنئ المحافظين الجدد ونوابهم    عقب حلف اليمين.. أول رسالة من وزير الري بشأن سد النهضة    «تاتا» توقف العمل ببريطانيا    لجنة تحقيق إسرائيلية: تفجير صور عام 1982 عملية انتحارية وليس حادثا عرضيا    طائرات استطلاع تابعة للاحتلال تحلق في سماء مخيم «شعفاط» بالقدس    وزيرا خارجية السعودية وأمريكا يستعرضان هاتفيا التطورات في غزة    ملف يلا كورة.. قائمة الأهلي.. تعثر الزمالك.. وموقف بيراميدز من المنتخب الأولمبي    زيدان يكشف عن اللاعبين المنضمين لمنتخب مصر الأولمبي في رحلتهم إلى باريس    الأهلي يبحث عن انتصار جديد أمام الداخلية بالدوري    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    مصرع طفلين شقيقين غرقا في كفر الشيخ    طقس اليوم الخميس 4 يوليو 2024.. شديد الحرارة نهارا والعظمى 39    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الثور الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا.. احذر ضغوط العمل    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية منها علاج للضغط (تفاصيل)    حركة تغيير في أجهزة المدن.. أول قرارات وزير الإسكان شريف الشربيني    وزراء خارجية روسيا والصين ومنغوليا يناقشون التعاون في المجالات الاقتصادية    نهال عنبر عن حالة توفيق عبد الحميد الصحية: مستقرة    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    ميسي مهدد بالغياب عن مباراة الأرجنتين ضد الإكوادور في كوبا أمريكا 2024    عبدالرحيم علي يهنئ الوزراء الجدد ونوابهم بثقة القيادة السياسية    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    خبراء ل قصواء الخلالي: السير الذاتية لأغلبية الوزراء الجدد متميزة وأمر نفخر به    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    ملف رياضة مصراوي.. تعادل الزمالك.. قائمة الأهلي لمواجهة الداخلية.. وتصريحات وزير الرياضة    أفعال مستحبة في ليلة رأس السنة الهجرية    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    أبرز مشروعات وزير البترول الجديد بالقطاع الحكومي.. تعرف عليها    نجم الزمالك السابق: هناك عناد من الأهلي وبيراميدز ضد المنتخب الأولمبي    إجراء تحليل مخدرات لسائق ميكروباص تسبب في سقوط 14 راكبا بترعة بالصف    رئيس مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية    والدة شاب تعدى عليه بلطجي بالمرج تكشف تفاصيل الحادث    فحص نشاطها الإجرامي.. ليلة سقوط «وردة الوراق» ب كليو «آيس»    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    مصرع طفل غرقا داخل نهر النيل بقنا    «مستقبل وطن»: تشكيل الحكومة الجديدة متناغم وقادر على إجادة التعامل مع التحديات    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    عمرو خليل: اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة على أساس الكفاءات والقدرة    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    وزير الزراعة الجديد: سنستمكل ما حققته الدولة وسأعمل على عودة الإرشاد الزراعي    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    إحالة طبيب وتمريض وحدتي رعاية أولية بشمال سيناء للتحقيق بسبب الغياب عن العمل    أهم تكليفات الرئيس لوزير الصحة خالد عبد الغفار.. الاستثمار في بناء الإنسان المصري    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.تامر حموده يكتب: دموع في الأعين الضاحكة
نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 10 - 2011

كنت مسترخيا علي كرسيي الخشبي في متجري الصغير في عصر يوم حار من أيام شهر يونية. تاركا مهمة البيع لصبي الدكان "مبروك" ريثما أستريح قليلا. لاينغص راحتي سوي الذباب اللصيق الذي يستجيب لنداء رائحة فمي المفتوح. يحوم حوله وداخله, فأهشه فيطير بعيدا, ليلبث قليلا علي الأجبان المكشوفة ثم يعود ثانية وهو يطن!. وقليل جدا من أهل الحارة من يرغبون في شراء القليل من بقالتي البسيطة, كقطعة صابون أو كيلة من أرز أو ثمن من حلاوة..وهكذا!.
وبينما أنا مابين النوم واليقظة, اتأرجح علي كرسيي الخشبي بأرجله المفككة السائبة يزيق, سمعت صوتا من الجنة!. كانت هي, فاتنتي, قاتلتي, هاقد أتت أخيرا بعد طول إنتظار!. انتبهت حواسي وسمعتها توميء الي قائلة لصبيي; أهو صحي أهو!.. ثم طرقعت بلبانتها نافخة بالونة في الهواء وهي تنظر الي ضاحكة من ثغرها الفتان وقالت; سالخير كده ياسي الجدع!..نوم العواف!!..
انتفضت من مجلسي. هششت الذباب من علي فمي. عدلت الطاقية علي رأسي. تناولت الفوطة التي نمسح بها الأرفف والسكاكين, نفضتها ومسحت بها العرق عن وجهي. جريت اليها ملبيا, مرحبا بست الكل .كانت ترتدي فستانا أصفر من تحت عبائتها السوداء. يظهر تقاسيما وإنحناءاتا من ذهب. تنظر الي بعينين كالبحيرتين أشبه. تغطيهما رموش مكحلة سوداء, كالتندة, تحمي نور الشمس من نور عينيها!. تلوك بأسنانها البيضاء اللامعة المفلوجة فلج الحسن قطعة العلك, تطرقعها وتنفخها وهي تتكلم. تفوح منها رائحة الصابون المعطر والعلك المسكر.
ركنت ثدييها علي باكية المتجر بجوار الميزان. هبا من مكانهما شامخين كجبلين ليحجبا الوادي الأبيض مابينهما. سال لعابي!. أشارت بأصابعها المطلية أظافرها بالأحمر تعدد طلباتها. وهي تتكلم فطنت إني محني للأمام تسعين درجة عند وسطي, مشرأبا بعنقي وفاغرا فمي كالأهطل لأسمعها وأدون علي ورقة طلباتها. وكان لاحاجة بي لهذه الإنحناءة أبدا أبدا!. ولكني أحيانا أتصرف بحمق ونزق عندما أنفعل!. ثم نفخت بالونة بيضاء مصبوغة بالأحمر من صبغ شفتيها, طرقعتها وقالت وهي تمد يدها بين فتحة صدرها لتخرج كيس النقود; حسابك كام يامعلم؟..
إنهارت مقاومتي تماما عندما رأيت الوادي الضيق الأبيض. تنز من بينهما حبيبات عرق صغيرة تلمع, تفوح منهم رائحة عطور الأنوثة. أتضوعها كالشذى، وتداعب شعيرات أنفي. خرج صوتي مبحوحا كالفحيح, لم أتعرف عليه!. أومأت بما معناه أنه عيب! فالحساب يوم الحساب!!. رقعت ضحكة رقيعة!, عالية شاكرة!.. رقصت عليها طبلة أذني وأهتزت!! قلبي أضحي كمضمار سبق, الخيل فيه تركض! رأسي أمست غابة, تقرع أرضها أفيال تملأ الكون بنهيمها!!.
نظرت ل"مبروك" وأمرته أن يحضر هذه الطلبات ل"ست الكل" سريعا وأن يزن الصاع صاعين!. نظر الي الأبله بفمه الواسع كالمغارة وشاربه الهتلري!. حاجباه يرسمان حرف الثمانية, ويعلوان حتي أعلي جبينه. نهرته أن يتحرك فمضي وهو يضرب كفا بكف مبرطما بكلمات مدغومة!. لايمنعني من أن ألطمه علي قفاه الطويل العريض سوي حجمه المتضاعف عاما بعام كالبغال!. مجرم دنيء! يسرقني! يسرق الطحين والذرة والأرز يملأ بهم سيالته! يسرق قوالح الذرة والزيوت! حتي الجلة التي أشتريها وأجفف أقراصها في الشمس وراء متجري لأبيعها كوقود للأفران, يسرقها! لايمنعني من طرده سوي خوفي من أهله وخلانه! مجرمين ياسيدي! قطاع طرق ولصوص بهائم وقتلة بالإيجار! لو طردته فقولوا علي السلام!. تحملت غبائه وفلقني بهطله وبلادته وعنده علي مدي ثلاثين عاما منذ أن كان طفلا, لو فتحت دماغه ستجد فيه خلية واحدة!. خلية واحدة! ,كالأميبا, لا أكثر!.
عندما رأت الصندوق الكرتون وبه البقالة, شهقت, خبطت علي صدرها, وقالت بدلال; ياندامتي! ثقيل علي!. وقد كان!. أوصيت "مبروك" أن يرعي البقالة في غيابي ريثما أوصل ست الكل!. أقسم أن يرعاها!. بللت ريقي الجاف من ماء القلة البارد العذب المزهر. أسير ورائها رافعا الكرتونة فوق رأسي, أنوء بحملي في نقح الشمس!. تسير بدلال علي أرض الحارة وسط النقر والحفر وأخاديد المجاري, بثبات تحسد عليه بشبشبها الأحمر ذي الكعب الرفيع العالي. ساقاها من مرمر ناصع أبيض شفاف أكاد أري من خلاله نخاعهما, محمرتان من أثر النتف الحديث بالحلاوة, وخلخالها الذهب يشخلل ويشدو فيطرب!.
اقتربنا من مدخل حارتها. استدارت لي وقالت باسمة بصوت أغنج وهي تغمز لي وتطرقع لبانتها; ناولني الصندوق وانتظرني دقائق حتي أرسل لك خادمي فيأتي بك الي منزلي!. رفعت الصندوق ببساطة لاأصدقها فوق رأسها كأنه خاو, ومضت.
أنتظرت دقائق, خمس, عشر, عشرين, ثلاثين .. فلم يحضر الخادم. جلست علي المقهي القريب علي الناصية. طلبت كوبا من الماء من وسط ضحكات زبائن. صبرت ساعتين, مرا ببطء, كأنهما ثلاثين عاما!. لماذا ينظرون الي بعيون ضاحكة؟!. مللت, فملت علي أحدهم سألته أين هي؟ وكأنما كان ينتظر سؤالي فأنفجر يضحك!. وأنتقلت اليهم عدوي الضحك!.. كلهم يضحكون!.
كررت سؤالي بصوت أعلي هذه المرة, أين هي؟؟!!.. يضحكون, يكركرون, يقهقهون ولايردون!!. يراني صبي القهوه فيضحك!. تتفكك مفاصله!. تندلق منه كوب ماء علي زبون! فيلطمه الزبون علي وجهه بضحك!, فيرد اللطمة ضاحكا ويحتضنان بعضهما ويرتميان علي الأرض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.