بدء أعمال تنفيذ خط مياه 400 مم لإنهاء مشكلة الانقطاعات بالطوابق فيصل    اسعار السلع التموينية اليوم السبت فى سوهاج    تضامن المنيا تبحث تفعيل المشاركة الفعالة في القضاء على الأمية بالمحافظة    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بالاسم ورقم الجلوس وخطوات الاستعلام عنها    جامعة المنيا ضمن أفضل الجامعات المصرية بالتصنيف الهولندي للجامعات    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الجزائري.. اعرف التفاصيل    اليمن: ميليشيات الحوثي تقصف مناطق سكنية غرب تعز    قريتان للسياحة العلاجية والذكية أبرز مشروعات تخرج طلاب هندسة سوهاج    يورو 2024.. تشكيل هجومي لمنتخب سويسرا أمام إنجلترا    محافظ البحيرة تعقد أول اجتماع مع رؤساء المدن لمناقشة آليات العمل    من الاتجار في الدولار.. «الداخلية»: القبض على متهم بغسل 30 مليون جنيه    عاجل:- التعليم تعلق علي شكاوى طلاب الثانوية العامة حول صعوبة امتحان الكيمياء    قرار قضائي بشأن «سرقة تمثال أوزوريس من المتحف المصري الكبير»    تحت شعار "وايت بارتي".. محمد حماقي يحيي حفلا ضخما ببورسعيد    زيارة مفاجئة من «الصحة» لمستشفى عين شمس العام للتأكد من جودة الخدمات الطبية    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    بهذه الطريقة.. نجوم الفن يودعون اللاعب أحمد رفعت    الشربيني يتفقد الموقف التنفيذى لوحدات "سكن لكل المصريين" ببرج العرب الجديدة    ميكالى للاعبي المنتخب الأولمبي: سنحارب من أجل الوصول لأبعد نقطة فى الأولمبياد    مجلس النواب يعلن تغيير موعد بدء جلسة عرض برنامج الحكومة    بعد نجاح فيلم السرب.. عمر عبدالحليم ينتهي من كتابة فيلم الغواصة    مسؤول سابق بجيش الاحتلال: إسرائيل فقدت الثقة الدولية    دعاء استقبال العام الهجري الجديد 1446.. أفضل الأدعية لتيسير الأمور والرزق وقضاء الحاجة    استشاري مشروع حديقة الأزبكية: نقل سوق الكتب إلى ساحة سنترال الأوبرا    الكشف على 706 مواطنين في قافلة علاجية بقرية الحلفاية بحرى في قنا    طلب مفاجئ من ماجد سامي بعد وفاة أحمد رفعت| عاجل    «المشاط»: تطوير سياسات الاقتصاد الكلي بهدف دفع جهود التنمية وزيادة الاستثمارات في قطاعي الصحة والتعليم وتوطين الصناعة    الحوار الوطني يناقش توصيات المرحلة الأولى ويفتح ملف الحبس الاحتياطي    إصابة شابين بالرصاص الحي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في شرق نابلس    أحدث ظهور ل ياسمين عبد العزيز داخل الجيم..والجمهور: "خسيتي وبقيتي قمرين"    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    مصرع شخص أسفل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    بيع القمامة بدلًا من إلقائها.. بورصة إلكترونية للمخلفات ومصانع التدوير    وزير الزراعة يؤكد ضرورة التيسير على منتفعي الإصلاح الزراعي وتقنين أوضاعهم    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    جهود التحالف الوطني في الدعم الاجتماعي والصحي خلال أول 6 أشهر من 2024    وزير دفاع بريطانيا الجديد: مهمة حزب العمال تتركز فى جعل بريطانيا آمنة    للاستشارات الهندسية.. بروتوكول تعاون بين جامعتي الإسكندرية والسادات- صور    عاجل | ننشر أسماء المحكوم عليهم بالإعدام شنقًا في "حرس الثورة"    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمياط - رومانيا

«طارق» مستورد سابق، حالياً صاحب مصنع نصف آلي« للبانوه» بالمنطقة الصناعية بدمياط الجديدة، حاصل علي بكالوريوس تجارة، في نحو الخامسة والأربعين من العمر، قبل التحدث معي دون أن يستوعب حقيقة ما أريد، كلمته قبل اللقاء عن رغبتي في عمل كتاب عن علاقة دمياط برومانيا ولماذا الخشب الزان الروماني مهم بالنسبة لدمياط وليس الخشب البلغاري أو الأوكراني أو الروسي علي سبيل المثال وما علاقة المستورد الدمياطي برومانيا وكيف تتم عملية الاستيراد، وكيف يتم تجاوز عقبة اللغة... الخ
تليفونياً ودون اقتناع كبير دعاني لمقابلته علي مقهي« كاسب» بالسوق القديم برأس، كان اليوم يوم جمعة والمصيف مزدحماً جداً والجو شديد الرطوبة . كنت أقيم منذ فترة قصيرة في شقة بالطابق الثالث في عشة بشارع 69 وكانت الشقة قبلي شرقي، حرارتها لا تطاق. نزلت قبل الموعد واخترت أن أذهب سيراً علي الأقدام مستشعراً عبثية المهمة التي حملت نفسي بإرادتي مسئولية إتمامها، وما إذا كان هذا اللقاء بداية مناسبة؟
كانت السيارات في شارع «بورسعيد» شبه متوقفة، ومداخل الحارات الالتفافية متوقفة بدورها، وكان وهج المواتير والعوادم يزيد الشعور بالاختناق ونفاد الهواء. سرت في الجزيرة الوسطي المعدة لسير المشاة تحت نخيل الزينة المزروع حديثاً بكامل قامته ضمن عملية إعادة صياغة شارع بورسعيد الرئيسي كان حس المقاولات كاملة التشطيب «علي المفتاح» يطغي علي كل شيء.
لماذا رومانيا التي لا أعرف عنها أي شيء، هل كنت أريد أن أعرف من أي غابة جاء الزان الذي اشتغلت عليه وأهلي جيلاً بعد جيل، نجارون، أويمجية، أسترجية، مذهباتية، بائعو كرينة وعبك وجوت، الزان الذي حول القري المحيطة بدمياط إلي ورش صغيرة داخل دورة إنتاج تشمل المدينة بأسرها، من عزبة البط إلي المعارض الفارهة بشارع البحر وشارع بورسعيد إلي شارع الجلاء والنقراشي خلافاً لشارع عبد الرحمن الضيق المتعرج في «حارة البركة» والمتخصص في بيع الأجزاء، مخادع، وفرنتونات، وأرجل، والقطع الفرداني، كراسي، سراير، مكاتب. أم كانت تخايلني الحكايات التي سمعتها ممن سافروا إلي رومانيا مثل حكاية الحاج الورع الذي نزل من غرفته بفندق في «كونستانز» إلي الريسبشن حيث يجلس زملاؤه من المستوردين الدمايطة ثم انشقاق باب الأسانسير فجأة عن عاهرة يختلط صراخها بشتائم حادة راحت توجهها للحاج وسط ذهول الجميع، لقد كان الاتفاق أن يحاسبها باليورو فإذا به يترك لها الحساب بالدولار، أم أنني كنت أبحث عن ذريعة ترضاها نفسي للسفر، أنا الذي لم أركب طائرة ولا باخرة ولم أغادر أبداً، أم هو سؤالي كلما سرت في الطريق من الميناء إلي قلب مدينة دمياط وأنا أشاهد علي جانبي الطريق الأراضي الزراعية يقتلع ما بها من أرز وذرة وبرسيم وتحول إلي مخازن للزان يرصونه في «بالتات» ضخمة علي الأرض التي تم دكها وتمهيدها، ولماذا اخترت أن أكتب عن ذلك؟ أن أكتب تقريراً لم يطلبه أحد مني وغير مرغوب من أحد حسب علمي، هل كنت أرغب في إقناع كائن افتراضي بأهمية ذهابي إلي رومانيا لإعداد التقرير وأن أعيش لحظات ترديد اسم «بوخارست» «كونستانزا» «البحر الأسود» «نهر الدانوب» لأنفلت قليلاً من ترديد أسماء عشتها وعانيتها حتي النخاع، أماكن ثابتة في مكانيتها حاملة تأكيدا لا راد له أن ما كان سوف يكون، وأن هذه الأماكن لن تتحرك بالرغم من التآكل الأكيد لشواطئ رأس البر، والكتل الأسمنتية الضخمة التي باتت تسد مساحات واسعة من شاطئ البحر لتكسر الموج وتقلل عمليات النحر، لكن ذوبان جليد القطب الشمالي يؤكد أن البحر في ارتفاع وأن غرق الدلتا بكاملها لم يعد مجرد احتمال نظري.
وصلت إلي مقهي «كاسب» كان الطابق الأرضي مشغولاً بالكامل، رحت أفتش عن «طارق» كان جالساً بالداخل يقرأ جريدة وإلي جواره فنجان قهوة، ما أن رآني حتي هم واقفاً ومرحباً ثم نادي عامل المقهي ليفتح باب الطابق الثاني تقدمني «طارق» علي السلم الداخلي المزدحم بمهمات المقهي والمهمل كمخزن سريع، إلا أنني فوجئت باتساع الطابق العلوي وجودة تهويته، فضلاً عن المراوح التي تعمل ونوافذ الألوميتال المفتوحة علي الواجهة البحرية، التي تطل علي الشارع الرئيسي بالسوق القديمة، كانت الصالة التي تشغل مساحة الطابق العلوي بكامله مفروشة بكنبات أنتريه جديدة جيدة التنجيد، موضوع بينها مناضد واطئة في مستوي حركة يد الجالس علي الكنبة، بادرته دي فرصة سعيدة جداً يا أستاذ طارق ابتسم قائلاً: إنت شرفتنا يا أستاذ وجلس في الكنبة التي تشكل زاوية قائمة علي الكنبة التي جلست عليها، قلت له لم أجد سواك يحدثني عن قصة الخشب الروماني في دمياط ولماذا رومانيا بالذات . ابتسم ابتسامة من نفذ إلي عمق ما أريد، وقال أولاً الخشب الروماني بالذات لأن أطواله وتخاناته تناسب عمليات التصنيع في دمياط، ولأنه أكثر صلابة مقارنة بغيره وأهم سبب أنه رخيص، لأن رومانيا كانت بلد شيوعية، لكن رومانيا دخلت مؤخراً السوق الأوروبية ثم صمت فجأة ونظر إلي قائلا بلهجة قطعية : أستاذ إذا كان معاك قرشين وعايز تستورد بلاش الزان لأنه بيخسر، حالياً بيستورده كل من هب ودب، حتي العربجية بقوا بيستوردوه وبيضطروا يبعوه أقل من التكلفة.
لم يقتنع أبداً أنني لاأريد أن أستورد أي شيء وأنني فقط أريد أن أؤلف كتاباً عن دمياط - رومانيا، انتهت المقابلة ولم أسافر.. إلي الآن لم أسافر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.