أثار تواري الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن الأنظار طيلة الأسابيع الماضية الجدل مجددا عن احتمال عدم إكمال ولايته الثالثة التي تنتهي في العام 2014. وأفادت أنباء رسمية أن بوتفليقة البالغ من العمر أربعة وسبعين عاما، بدأ فترة نقاهة لم يُحدد ميقاتها، بعد خضوعه لفحوصات طبية في فرنسا، أواسط الشهر الجاري. وغذى غيابُه عن أعمال الدورة ال66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي كان حريصا على حضورها سنويا، وكذلك عدم حضوره افتتاح المعرض الدولي للكتاب في الجزائر العاصمة، أسئلة كثيرة عن أوضاعه الصحية. وذكرت مصادر إعلامية أن الفحوصات التي أجراها بوتفليقة في فرنسا يوم 14 أيلول (سبتمبر) الجاري ذات علاقة بالعملية الجراحية التي أجريت له في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 في مستشفى "فال دوغراس" الباريسي حيث عولج من سرطان المعدة. واستغرقت الفحوصات الأخيرة، بحسب مصادر رسمية، أسبوعا كاملا، عاد بوتفليقة بعدها إلى الجزائر ليبدأ فترة نقاهة جديدة ستبعده عن إدارة الشأن العام، لفترة حددها له الأطباء، لكن لم يُعلن عنها. وبدا الرئيس بوتفليقة متعبا كثيرا في الخطاب الذي ألقاه يوم 15 (أبريل) الماضي وأعلن فيه نيته إجراء إصلاحات سياسية. وأثار ظهوره بتلك الصورة الجدل من جديد حول قدرته على إكمال ولايته الرئاسية الثالثة. وقالت صحيفة "الخبر" الجزائرية أمس إن اجتماعات تعقد على مستوى ضيق في العاصمة الجزائر، حيث يجري التحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة بمناسبة الانتخابات الرئاسية المقررة في ربيع العام 2014. وبث التلفزيون الرسمي الجزائري قبل ثلاثة أيام صورا صامتة من استقبال بوتفليقة لرئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في خطوة اعتُبرت تكذيبا لأنباء تحدثت عن خلود الرئيس إلى الراحة لفترة طويلة خارج العاصمة. إلا أن حالة الوهن التي بدا عليها بوتفليقة زادت من تغذية بورصة المراهنات على خلافته. ويتصارع كل من رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى الذي يتزعم "التجمع الوطني الديموقراطي"، وسلفه عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني"، على منصب الخليفة. ويشارك الحزبان إلى جانب "حركة حمس" الإسلامية المعتدلة في الإئتلاف الحاكم، إلا أن الخلافات بين الأحزاب الثلاثة باتت معلنة ومحتدة مع تواري بوتفليقة التدريجي عن المسرح السياسي. ويقول محللون إن هذا التنافس السياسي يتغذى من الأزمات الإجتماعية التي تحاول الأحزاب الثلاثة استخدامها ورقة لإنضاج قطفها ثمرة الحكم. وتُهدد أزمة السكن بتفجير أزمة اجتماعية حادة في الجزائر بعد تزايد ظواهر الإستيلاء على الشقق الشاغرة وبناء بيوت من دون ترخيص. ويبلغ عدد الأكواخ في الجزائر حاليا خمس مئة ألف كوخ تعيش فيها أسر كثيرة العدد، طبقا لتقديرات مقرر الأممالمتحدة الخاص بالسكن الذي زار الجزائر أخيرا. ورأى خبراء اجتماعيون أن الإنتفاضات صارت سلاح السكان الفقراء في أحياء العاصمة الجزائر والمدن الداخلية للإحتجاج على ما اعتبروه توزيعا غير عادل للمساكن الإجتماعية التي تبنيها الدولة كل سنة، لكنها ما زالت لا تستجيب للطلب المتزايد على المساكن. وتراقب الحكومة الجزائرية بقلق ظاهرة انتشار الثورات في الجارتين تونس وليبيا، واتخذت إجراءات عدة لتحسين الأوضاع الإجتماعية للشباب العاطل عن العمل خشية امتداد الإنتفاضات إليها.