ضمن فعاليات المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية "قوميات قصور بيوت"، الذي تنظمه الإدارة العامة للمسرح برئاسة أحمد عبد الرازق أبو العلا، خلال الفترة من 10 إلى 24 أغسطس الجاري، تم عرض مسرحيتي «منمنمات تاريخية» للمسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس، و«يهودي مالطة» لكرستوفر مارلو على مسرح السامر. عرض «منمنمات تاريخية» للكاتب المسرحي السوري الكبير سعد الله ونوس، ومن إخراج أحمد البنهاوي، قدمته فرقة الفيوم القومية، حيث تدور أحداث المسرحية حول عزو تيمور لانك "الذي يرمز إلى الغزو المغولي" على دمشق، حوالي (803 ه - 1302م). لم يلتزم المخرج في معالجته للمسرحية إلتزاما حرفيا بالنص المكتوب، بل قام بعمل إعادة صياغة لها بتخليه عن العديد من الشخصيات التاريخية والتفاصيل التوثيقية التي كانت تناسب لغة سعد الله ونوس الفصحى ورؤيته الفكرية، كما قام المخرج بتحويل النص إلى لغة عامية، مستخدماً الكورس في التعليق على الأحداث، وإظهار الانفعالات الداخلية للشخصيات وما يقابلها من انفعالات شعبية، خاصة أن الحدث الرئيسي يستدعي هذه النوعية من الأدوات المسرحية، فهو يُرجع أسباب الغزو لدور الشعب المتخاذل المتمثل في اختلاف العلماء فيما بينهم، وتخاذل السلطان المملوكي، تلاعب القضاء، وخيانة المثقفين أيضاً، بالإضافة لحالة اللامبالاة التي تسيطر على الشعب، وكذلك حالة الانقسام التي تجعل الشعب نفسه في حالة من التشويش الذي ساهم بشكل كبير في هزيمة الشعب بسهولة بل والسبب الأقوى هو انفصال القائد، رئيس الدولة الدمشقية عن الشعب، واتخاذ قرارات لا يحتملها الشعب أيضاً. نجح المخرج في تقديم رؤيته الإخراجية من خلال الكورس والأغاني والألحان الشعبية، وكذلك تطويع لغة الحوار للغة العامية التي تتناسب مع رؤيته في تحويلها لنص شعب، والعرض في مجمله رمز لأسباب الهزيمة العربية بشكل عام. أما مسرحية "يهودي مالطة" للكاتب المسرحي كرستوفر مارلو، ومن إخراج محمد الزيني، فقد عرضتها فرقة بيت القباري المسرحية بالإسكندرية، وهي المسرحية التي تدور أحداثها في القرن ال16 الميلادي، بطلها يهودي بخيل يدعى يُدعي باراباس الذي يعيش في مصر مستغلاً مزايا ادعائه المواطنة المصرية، كفرد مصري له كامل الحقوق للمصريين الأصلاء، ليدبر مكائد ومؤمرات ضد الدولة المصرية، بل وكل من حوله، مستلهماً أفكار الفيلسوف الإيطالي ميكافيللي متبعاً مبدأه الشهير "الغاية تبرر الوسيلة"، وتتوالى الأحداث حول خططه المستمرة كمكون رئيسي في حياة الشخصية وجزء ضروري لبنية اليهودي الدرامية التي تناولتها العديد من الأعمال والأشكال الفنية التي يتميز بها مثل البخل، الدهاء، استغلال أقرب الناس إليه فضلاً عن الخيانة، وحب التملك والانتفاع المادي، كانت حيلته الأساسية التي لا تنفصل عن هدفه العام هي الخداع، ولكن تنكشف حيلته لأنه يحاول أيضاً استغلال أخته في الانتفاع منها، فتثور عليه بدورها وترفض أفكاره تماماً. عالج المخرج الفكرة المحورية في المسرحية بطريقة كلاسيكية تتناسب مع الحدث التاريخي بشكله السردي، وقدمها كما هي دون أي تدخلات، ولم يلجأ إلى أسلوب الفرجة بل اعتمد على القص في إطار الحكاية.