استطعنا خلال 18 يوماً ان نقوم بثورة أبهرت العالم بفضل إرادتنا القوية والرغبة الملحة في الخروج من جلباب نظام أمني رهيب،لكننا في ذات الوقت لانملك نفس الإرادة الفولاذية في تغيير واقع مازلنا نعيشه كما كان قبل الثورة،وهذا يتطلب تكاتف كل قوى الشعب الممثلة بما يطلق عليهم التيارات السياسية أو النخبة،لنصل إلى بر الأمان الذي سينقلنا جميعاً إلى جسر المستقبل الذي نتحسسه ولم نستطع الوصول إليه للآن،لأننا قررنا ومنذ أن تنحي الرئيس المخلوع أن يبقي الماضي شاخصاً أمام أعيننا، ولانريد ان نستلهم المستقبل ونحاكي الواقع، لنصل إلى نقطة التقاء تجمعنا على مائدة واحدة ليفضي كل طرف ما في جعبته أمام الآخر لنقرأ ونستطلع المستقبل الذي بلورنا إستراتجيته ولم نضعها موضع التنفيذ بعد، واكتفينا فقط بالالتفاف حولها ونأبي ألا ندفعها للإمام،بفعل آداء مترهل من المجلس العسكري وتردد وتوجس من حكومة شرف، رغم التغيير الوزاري الأخير والذي قد يبدو شبيها إلى حد كبير بمسكنات الرئيس المخلوع التي كان يدمنها كلما كان يستشعر الخطر من الشارع ومعه اتباعه،ويسرع بتغييرات تذهب بالسيء وتأتي بالأسوأ، معطياً ظهره للشعب على مدار فترة حكمه،وها نحن نكرر نفس الأخطاء فلا مرة نحسن الاختيار، ولا أخري ننصت لنبض الشارع، والذي دائما ما يكون مصدراً لرؤية قد تكون غائبة عن أصحاب القرار، لكن الكارثة أو هكذا يبدو الوضع أننا مازلنا نرضع من ثدي النظام السابق،قد نكون تركنا قشوره وأخذنا جوهره ،وتمسكنا بتغييرات شكلية قد لا تكون ذات جدوى أو هي كذلك طالما نسمع ضجيجاً ولانرى طحيناً، فالشعب لايريد أشخاصاً بعينها ولايفرض سطوته على المجلس العسكري وحكومة شرف، بل كل مايريده أن يرى الخطي تتسارع وتهرول نحو من اغتالوا براءة شبابنا ليراهم وقد أخذوا جزاءهم أمام محاكمات عادلة،بقدر السرعة التي يحاكم بها البلطجية والخارجون عن القانون أمام محاكم عسكرية كما يقول المجلس العسكري ويؤكد على أنهم بلطجية وليس ناس عاديين ممن شاركوا في الثورة، ويريد الشعب أيضا حسم أمورا كثيرة تتعلق ومصيره وتلمس حياته اليومية ومعيشة أبنائه وهي قضية الأجور وضرورة تعديلها بما يكفل لكل مواطن حياة كريمة،فيما تبقي محاكمة رموز النظام السابق وعلى رأسهم مبارك المطلب الأهم لدي الشعب بكل فئاته فالكل متشوق لرؤية الذين نهبوه وجوعوه على مدار العقود الثلاثة الماضية وهم يحاكمون بشكل عاجل وفوري بدلاً من المط والتطويل على مدار الشهور الست الماضية، وهذا يتطلب إرادة قوية لن تستمد سوى من روح الثورة التي فجرها الشارع المصري، لكن يبدو ان المجلس العسكري وحكومة شرف بكل ماطرأ عليها من تغييرات أو سيطرأ بعد ذلك لاتملك نفس الإرادة ولاتلمس الواقع، ومايشعر به أهل الشهداء ومعهم الشعب من مرارة،فنجاح الثورة مرتبط كما في كل الثورات بتطبيق الأهداف التي من اجلها قامت حتى لو كانت من غير قائد أو مجموعة تقودها كما جري في ثورتنا، وطالما لم تطبق أي من هذه الأهداف فتعتبر الثورة في هذه الحالة ثورة فقدت جناحيها سريعاً،ولم تستطع الطيران بالسرعة التي استبشر بها الشعب وتمناها لترسم الصورة التي تخيلها للأجيال القادمة.